ما هي أطول رحلة في تاريخ البشرية
جدول المحتويات
ما هي أطول رحلة في تاريخ البشرية شهدت البشرية رحلاتٍ كثيرةٍ منذ بدء الخلق، رحلاتٍ بريّةٍ، وبحريةٍ، وجويّة. حفظَ الزمن قسمًا منها، لا زال يروى حتّى الآن، بينما اختلطت الروايات حول أخرى، وأخرى ربّما لم ترى النور، وغابت عن تاريخنا، كما غاب أصحابها. لكن ماذا عن أطول رحلة في تاريخ البشرية؟ هذا ما سنتعرف عليه في مقالنا التالي عبر موقع المرجع بما في ذلك من تفاصيل ومراحل.
ما هي أطول رحلة في تاريخ البشرية
إنّ أطول رحلة في تاريخ البشرية هي رحلة الإسراء والمعراج، معجزةٌ سماويّةٌ، لم ولن تتكرر في هذا الزمن. كانت طمأنينةً وراحةً أُهديت إلى النبي محمد (ص)، بعد معاناةٍ وأيامٍ عصيبةٍ، بلغ فيها الحزن ما بلغهُ من النبي (ص). بعدما أفجعه الموت بأقرب الناس لقلبه، ونبذه قومه، وسخروا من رسالته، حتّى ضاق به الأمرُ، وغادرَ مدينته، ليبشّر برسالته، إلّا أنّ ما لاقاه لم يكن أقلّ سفاهةً وأذى ممّا لاقاه من أهل مكة. حتّى جاءت ليلة الإسراء والمعراج أطول رحلة في تاريخ البشرية، فكانت مرحلةً حاسمةً للغاية من حياة الرسول (ص).
شاهد أيضًا: قصص موسى مع الخضر
رحلة الإسراء والمعراج أطول رحلة في تاريخ البشرية
رحلة الإسراء والمعراج، المعجزة الثانية بعد القرآن الكريم، قام بها النبي محمد (ص)، في ليلةٍ واحدةٍ، في السابع والعشرين من رجب قبل الهجرة. تشير كلمة الإسراء إلى الجزء الأوّل من الرحلة، وفيها انتقل فيها النبي محمد (ص) من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس، وذكر ذلك في القرآن الكريم، بقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إنَّهُ هُو السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[1]. بينما تشير كلمة المعراج إلى الجزء الثاني من الرحلة، وفيها عرج النبي محمد (ص) إلى السماء، بعد ذلك عاد من السماء إلى القدس، ومن هناك إلى المسجد الحرام في مكة المكرمة. وتشير الروايات والأحاديث إلى أنّ هذه الرحلة حملت الكثير من التفاصيل والعجائب، كان منها وجوب الصلاة خمس مرّاتٍ في اليوم.[2]
سياق الإسراء والمعراج
حدثت الإسراء والمعراج في أشدّ الأيام صعوبةً في حياة الرسول (ص)، فقد رفض أهل مكة بعد أن كانوا يلقبونه بالصادق والأمين رسالته، ونبذوه واعتدوا عليه وعلى أتباعه، فعانوا المقاطعة والاضطهاد من أهل مكة بلا هوادة. ليس ذلك وحسب، بل، تزامن هذا الوقت العصيب من حياة الرسول (ص)، بأعباء عام الحزن، الذي شهد وفاة شخصين مهمين جدًا في حياة الرسول (ص)، وهما عمه أبو طالب، الذي كان وليّه وحاميه. وزوجته خديجة، التي كانت صديقته المقربة، وأمّ أبنائه (ما عدا إبراهيم)، وأوّل من اعتنقت عقيدته ووالته. ولما ضاقت مكة على الرسول (ص)، سافر إلى الطائف للتبشير بالرسالة، لكنّهم سخروا منه، ورجموه بالحجارة عند مغادرته، حتّى أنّه نزف بغزارةٍ. في ذلك الوقت، وبعد معاناة وحزن الرسول، حدثت الإسراء والمعراج أطول رحلة في تاريخ البشرية.[2]
شاهد أيضًا: قصة سيدنا موسى عليه السلام كاملة مكتوبة بالعربية
الإسراء من مكة إلى القدس
روى البُخاري عن رحلة الإسراء، أن النبي (ص)، كان نائمًا في بيت أم هانئ (رضي الله عنه)، بمكة المكرمة. ففُتح سقف البيت ونزل جبريل عليه السلام، وأخذه إلى الحجر في الكعبة، فشقّ صدره، وغسل قلبه بماء زمزم، وملآه بالحكمة والإيمان، وأغلقه. ثمّ جاء جبريل بدابةٍ بيضاء تدعى “البُرَاق”، أكبرُ من الحمار، وأصغرُ من البغلِ. وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: ” أن النبيَّ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – أُتِيَ بالبُراقِ ليلةَ أُسْرِيَ به، مُلَجَّمًا مُسَرَّجًا، فاستَصْعَبَ عليه، فقال له جبريلُ: أَبِمُحَمَّدٍ تفعلُ هذا؟! فما رَكِبَكَ أحدٌ أَكْرَمَ على اللهِ منه، قال: فارْفَضَّ عَرَقًا”.[3]
وخلال رحلة الإسراء من مكة إلى القدس أوقف جبريل عليه السلام البُراق، في عدّة نقاط، وقال للنبي “أرجل وصلّي”، كانت النقطة الأولى المدينة المنورة (مكان الهجرة)، حيث التقى فيها النبي (ص)، الأنصار وهاجرَ إلى المدينة المنورة، بعد فترةٍ قصيرةٍ من ليلة الإسراء والمعراج أطول رحلة في تاريخ البشرية. أمّا النقطة الثانية كانت في جبل سيناء، المكان الذي أنزل الله فيه التوراة على النبي موسى عليه السلام. وكانت النقطة الثالثة هي بيت لحم، حيث ولد عيسى عليه السلام. وكان قبر موسى عليه السلام، الذي يقع على مرمى حجر من أرض المسجد الأقصى المُبارك هو النقطة الرابعة.[4]
الوصول إلى القدس
بعدما وصل الرسول (ص)، إلى القدس أشار إليه جبريل عليه السلام، إلى شقّ صخرةٍ، فربط بها البُراقK ثمّ قاد جبريل عليه السلام، رسول الله (ص)، إلى المسجد الأقصى، حيث ينتظره جميع الأنبياء من آدم إلى عيسى، مصطفّين على الصلاة. ينتظرون ما يقوله جبريل عليه السلام، فقال جبريل عليه السلام، لمحمد (ص)، أن يؤمّ الصلاة. وأشارت الروايات إلى أنّ الرسول (ص)، صلّى بهم ركعتين في هذا المكان المبارك.[5]
المعراج من الأقصى نحو السماء
بعد رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، صعد الرسول إلى السماء. وذكر في ذلك، أن الرسول صعد على درجٍ يدعى المرقط، حتى وصل إلى السماء الأولى. حيث رأى النبي آدم وعلى يمينه بعض الجثث، وعلى يساره جثث أخرى. فإذا ما نظر آدم إلى يمينه ضحك، وإذا نظر إلى يساره بكى. فأمّا من هم على يمينه هم نسله الذين سيموتون مؤمنين، وأمّا من هم على يساره فهم من غير المؤمنين. ثمّ صعد النبي (ص) إلى السماء الثانية، حيث رأى النبيّن يحيى وعيسى، وفي السماء الثالثة وجد النبي يوسف عليه السلام. ثمّ صعد إلى السماء الرابعة حيث وجد النبي إدريس، وفي السماء الخامسة، رأى هارون شقيق النبي موسى. من ثمّ رأى النبي موسى في السماء السادسة، وفي السماء السابعة رأى النبي إبراهيم، ثمّ دخل رسول الله الجنّة، ورأى ما فيها، سمع كلام الله، وبعد أن رأى النبي عجائب الجنّة. نزل إلى البُراق، حيث عاد به إلى مكة المكرمة.[5]
شاهد أيضًا: قصة الاسراء والمعراج مختصره
العودة إلى المنزل
بعد عودة الرسول (ص)، إلى مكة المكرمة روى أحدث هذه الرحلة إلى قبيلته، إلّا أنّهم أخذوا يسخرون من الرسول (ص)، قائلين أنهم يحتاجون شهرًا للوصول إلى هناك والعودة، في حين أنّه يزعم بأنّه فعل هذا في ليلةٍ واحدةٍ. وأصرّ أهل قريش على تحدّي الرسول (ص)، وطلبوا منه وصف المسجد الأقصى، فلمّا لم يستطع تذكّره أظهره الله تعالى على نبيّه وبدأ يصفه. مع ذلك طلبوا علامةً أخرى، فأخبرهم بأنّ قافلةً لقريش كان قد رآها في رحلته ستتأخر بسبب تعرّضها للسرقة. وهذا ما حصل بالفعل، إلّا أنّ أهل قريش أصرّوا على عدم تصديقه، واتّهموه بالسحر.[5]
شاهد أيضًا: قصة اصحاب الاخدود والعظة والعبرة منها
رحلة ابن بطوطة أطول رحلة في تاريخ البشرية
في حين تعدّ معجزة الإسراء والمعراج أطول رحلة في تاريخ البشرية من المنظور الديني. فإنّ رحلة ابن بطوطة هي أطول رحلة في تاريخ البشرية، من حيث المسافة المقطوعة. ولد ابن بطوطة في طنجة في المغرب، وفي عام ١٣٢٥م، لمّا بلغَ من العمر ٢١ عامًا، غادرَ وطنه متّجهًا إلى الشرق، لأداء فريضة الحج، دون أي رفيقٍ، أو قافلةٍ ينضمّ إليها، متأثرًا برغبته الكبيرة في زيارة الأماكن المقدّسة. لكنّه سرعان ما انضمّ إلى قافلة حجّاج في شمال إفريقيا، وعند وصوله إلى مصر، درس هناك الشريعة الإسلاميّة، وتجوّل في القاهرة والإسكندرية، من ثمّ واصل طريقه إلى مكة حيث أدّى مناسك الحج، وبدلًا من عودته إلى موطنه، عزِمَ ابن بطوطة على التجوّل في العالم الإسلامي. فقضى سنواته التالية في السفر، فجال في العراق وبلاد فارس، واتّجه شمالًا إلى أذربيجان، من ثمّ عاد إلى الإقامة في مكّة، لينطلق منها إلى اليمن، ثمّ قام برحلةٍ بحريّةٍ إلى القرن الأفريقي. ومن هناك، زار مدينة مقديشو، ثمّ اكتشف سواحل كينيا وتنزانيا. وبعد مغادرته إفريقيا، سافر إلى الهند، مارًا بمصر وسوريا، ثمّ تركيا، حيث عبر البحر الأسود، ووصل منطقة معروفة بأوزبيغ، غادر منها إلى القسطنطينية. بعد ذلك، سافر عبر أفغانستان وهندو كوش، إلى الهند، حيث قضى هناك عدة سنوات.
وذلك قبل أن ينطلق على رأس قافلةٍ كبيرةٍ إلى الصين بأمرٍ من سلطان دلهي، إلّا أنّ رحلته هذه كانت مليئةً بالكوارث، فقرّر عدم العودة إلى دلهي، واختار القيام برحلةٍ إلى جزر المالديف، ثمّ غادرها إلى الصين، ووصل هناك بعد ٤ سنواتٍ على مغادرته الهند. وبعد أن طاف في الصين، عاد إلى موطنه في المغرب، حيث قضى فترةً قصيرةً، قبل أن ينطلق في رحلة استكشافيةٍ أخرى لعدّة سنوات. وأخيرًا، بعد عاد إلى المغرب نهائيًا، أمره السلطان، بتجميع كتابٍ عن رحلته، وكانت النتيجة كتاب “الرحلة”، أو “الأسفار”، الذي روى عجائب المدن وعجائب السفر، لرحلة ابن بطوطة، أطول رحلة في تاريخ البشرية.[6]
شاهد أيضًا: موضوع عن ابن بطوطة
في ختام مقالنا ما هي أطول رحلة في تاريخ البشرية الذي تحدثنا من خلاله عن تفاصيل رحلة الإسراء والمعراج، إلى جانب رحلة ابن بطوطة، لا بد من التأكيد على أن هذه الرحل تحظى بأهميّةٍ كبيرةٍ لما حققته من فوائد للبشرية.
المراجع
- سورة الإسراء , الآية 17 , 17/02/2022
- siasat-com.cdn.ampproject.org , Isra and Miraj: The Miraculous Night Journey , 17/02/2022
- أنس بن مالك , الألباني ، تخريج مشكاة المصابيح ، 5863 ، ، إسناده صحيح , 17/02/2022
- muslimhands.org.uk , Al-Isra’ wal-Mi’raj: The Story of the Miraculous Night Journey , 17/02/2022
- masjidbellmore.com , Al Isra Wa Al Miraj , 17/02/2022
- history-com.cdn.ampproject.org , Why Moroccan Scholar Ibn Battuta May Be the Greatest Explorer of all Time , 17/02/2022
التعليقات