من هو الذي مات ولم يولد

من هو الذي مات ولم يولد هو سؤالٌ سيجيب عنه هذا المقال، لكن قبل ذلك لا بد من الإشارة إلى أنّ حياة الإنسان هي الأيّام والسّنوات المعدودة ما بين ولدته ووفاته، وقد أمره الله تعالى بأن يقضيها بطاعته وعبادته، وخلق الله تعالى الإنسان ليجعله خليفةً في الأرض يستعمرها وينتفع من خيراتها ويقيم شرع الله في الأرض، ويساعدنا موقع المرجع في معرفة من هو الذي مات ولم يولد وسيرته ووفاته كما سيذكر مواقف من حياته ويبيّن إعجاز و قدرة الخالق في الخلق.

قدرة الخالق على الخلق

إنّ الله-جلّ وعلا- هو خالق كلّ شيءٍ وصانعه، وهو المبدع والمعجز في خلقه ومخلوقاته، وهو صاحب القدرة العظيمة المطلقة، فإن أراد شيئاً فإنّه يقول فقط كن فيكون هذا الأمر كما أراد سبحانه وتعالى، وقد ذكر في حديث رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- الحال قبل أن يخلق الله -تعالى- الكون وما فيه فقال: “كان اللهُ ولم يكُنْ شيءٌ غيرُه، وكان عرشُه على الماءِ، ثُم كتَبَ في الذِّكرِ كلَّ شيءٍ، ثُم خلَقَ السمَوَاتِ والأرضَ”،[1] وبذلك إشارةٌ إلى قدرة الله تعالى العظيمة الّتي كانت في الأزل وما زالت في الحاضر وستبقى.

وقد أبدع الله في الخلق وتجلّى فيها الإعجاز الإلهيّ، فترى كلّ مخلوقٍ لا يشبه الآخر بصفاته أو تركيبه، وكلٌّ له صورته وشكله الّذي جعله الله -سبحانه وتعالى- في أحسن تقويمٍ وهيئة، وقد ذكرت في القرآن الكريم الكثير من الآيّات الّتي تبيّن عظمة الخالق وقدرته المطلقة في الخلق وإبداعه وإعجازه، كما بيّنت بأنّه هو خالق كلّ شيءٍ في السّماوات والأرض، وإنّ الله -جلّ وعلا- هو من يبثّ الرّوح في المخلوقات وهو من يأخذها حين يحين أجلها، ولا أحد سواه قادرٌ على ذلك بل القدرة على الخلق لله وحده -سبحانه وتعالى- والله أعلم.[2]

من هو الذي مات ولم يولد

إنّ الذي مات ولم يولد هو أبو البشر آدم عليه السّلام، فإنّ بداية حياة الإنسان تبدأ بعد أوّل صرخةٍ يصرخها بعد أن يخرج من رحم أمّه، ليمضي قُدماً فيها فيخوضها ويعيشها طفولةً، ومن ثمّ شباباً وحتّى يهرم ويصبح عجوزاً، ويكون لكلّ إنسانٍ أبٌ وأمٌّ يرعيانه ويهتمّان به، لكنّ الله تعالى قد اصطفى آدم عليه السّلام فخلقه وصنعه بيده سبحانه وتعالى، ونفخ فيه الرّوح دون أن يكون في رحم امرأة فهو أصل البشر ولا بشر قبله أبداً، وخلقه الله -تعالى- من تراب الأرض والماء، ثمّ أسكنه الجنّة ليعيش بها ومن بعدها خلق له من ضلعه زوجته حوّاء، ومن بعدها عصيا الله –تعالى- وخرجا من الجنّة ونزلا للأرض، فجعله الله -تعالى- خليفةً في الأرض وذرّيّته الّتي ستكون منهما وعاش آدم في الأرض حتّى وفاته عليه السّلام والله أعلم.[3]

آدم عليه السلام

ذكر آدم عليه السّلام في القرآن الكريم في العديد من المواضع والآيات، حيث ذكرت قصّته كاملةً منذ أن خلقه الله –عزّ وجلّ- إلى أن وافته المنيّة وأسلم الرّوح لربّها ومالكها العليّ القدير ومن الآيات الّتي ذكر فيها قوله تعالى: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ}،[4] حيث ذكرت في هذه الآية إعلام للملائكة بخلق آدم عليه السّلام، و قد قيل في اسمه أنّه سمّي آدم أي أنّه من أديم الأرض، وأديم الأرض هو وجهها كما قيل أنّه قد سمّي آدم لسمار بشرته، وبعد أن أسكن الله تعالى آدم الجنّة خلق له من ضلعه حوّاء ليسكن لها ويستأنس بها بعد أن شعر بالوحدة والحزن واليأس؛ وكذلك بعد البحث اتّفق العلماء على أنّ آدم عليه السّلام هو نبيٌّ.

واختلفوا فيما إذا كان نبيّاً ورسولاً أو أنّه كان نبيّاً فقط والغالب في قولهم أنّه نبيٌّ ورسولٌ لأنّ الله تعالى علّمه أحكام شريعته وكلّمه دون واسطةٍ أو وحي والله سبحانه وتعالى أعلم بهذا الأمر، وبعد خلق آدم لقّنه الله وعلّمه جميع أسماء الأشياء والموجودات و كذلك علّمه الحلال المباح له من الحرام المنهيّ عنه فكسب علماً كثيراً عظيماً بفضل الله سبحانه وتعالى، كما أمر الله –عزّ وجلّ – الملائكة بالسّجود لآدم احتراماً وتقديراً وتوقيراً لقدرة الله في الخلق واحتراماً لآدم عليه السّلام فأطاعت الملائكة أمر الله إلّا إبليس عصاه واستكبر وفسق فطرده الله من رحمته وجنّته ونفاه للأرض، فأقسم أن يغوي بني آدم عن طريق الحقّ ونجح في أوّل محاولةٍ له حين وسوس لآدم وحوّاء بأن يأكلوا من الشّجرة الّتي نهاهم الله عنها فأخرجهم الله من الجنّة وأنزلهم إلى الأرض يستعمرونها ويكونوا خلفاء فيها مع ذرّيّتهم والله أعلم.[5]

مراحل خلق آدم عليه السلام

إنّ خلق آدم عليه السّلام قد تمّ على مراحلٍ عديدةٍ، قد ذكرت جمعها في القرآن الكريم بوضوحٍ ودقّةٍ، والله تعالى قد خلقه على مراحل عديدة مع أنّه –عزّ وجلّ- لا يعجزه خلقٌ ولو أراد لقال له كن فيكون آدم مخلوقاً حيّاً ام رالله تعالى، لكنّه –جلّ وعلاـ أتمّ خلقه على مراحل لحكمٍ بالغةٍ وغاية ٍحفظها في علم الغيب عنده، ولم يجد العلماء تفسيراً لذلك في المصادر التّشريعيّة، فستبقى هذه المسالة محفوظةً في علم الله بعيداً عن إدراك البشر، وإنّ مراحل خلق آدم عليه السلام هي:[5]

  • أوّلاً: قبض الله تعالى قبضةً من تراب الأرض فجُمِع فيها جميع أنواع التّراب ومزجه بالماء حتّى صار طيناً، وشمول القبضة الّذي خلق آدم منها على جميع أنواع التّراب هي سبب اختلاف النّاس وألوانهم وطبائعهم.
  • ثانياً: بقيت هذه الطّينة مدّةً من الزّمن لا يعلمه إلّا الله حتّى تحوّلت بأمره –جلّ وعلا- إلى حمأ مسنون، ثم صارت صلصالاً بعد أن جفّت دون أن تمسّها نار وفي هذه الفترة قد أعلم الله تعالى ملائكته بأنّه سيخلق بشراً ليستخلف فيه الأرض.
  • ثالثاً: والمرحلة الثّالثة كانت هي تشكيل صورة آدم فصوّره الله تعالى بأحسن صورة، وهي الصّورة الّتي خلق عليه البشر أجمعين، وتركه فترةً من الزّمن جسداً دون روح.
  • رابعاً: وهذه المرحلة الأخيرة من خلقه حين نفخ الله –سبحانه وتعالى- من روحه في جسد آدم فصار حيّاً، فيه جميع الصّفات الإنسانيّة من مشاعر وأفكارٍ وأمور فطريّة وغيررها من الخصائص والله أعلم.

وقفات من سيرة آدم عليه السلام

بعد إجابة سؤال من هو الذي مات ولم يولد على أنّه آدم عليه السلام، لا بدّ من الحديث في وقفات من سيرة آدم عليه السلام، ففي قصّة آدم عليه السّلام وكيفيّة خلقه العديد من الدّروس والفوائد الّتي يجب على الإنسان الوقوف عندها، ويجب عليه التّفكّر بها ودراستها والعمل بها فهي فوائد عظيمةٌ جعلها الله -سبحانه وتعالى- علماً ينتفع به الإنسان ومن الوقفات في سيرة آدم عليه السلام:[6]

  • إثبات بطلان النّظريّات الّتي يعتقدها الملحدون والكفرة بأنّ أصل الإنسان قردٌ أو حيوان، فالله تعالى بيّن في كتابه الحكيم بأنّ أصل الإنسان هو آدم عليه السّلام الّذي خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وفضّله على سائر المخلوقات بالعقل والتّفكير.
  • للعلم فضلٌ كبيرٌ ومكانةٌ عظيمةٌ عند الله سبحانه وتعالى، فيستحقّ من كان عالماً متعلّماً التّوقير والتّقدير.
  • الوقوف عند المسائل الّتي ليس لأحدٍ علم فيها إلّا الله جلّ وعلا، وأنّ من أوتي علماً وجب عليه شكر الله وحمده والاعتراف بهذه النّعمة والإقرار بها واستخدامها في أوجه الخير ورضا الله تعالى.
  • الابتعاد عن أسوء الصّفات والّتي هي التّكبّر والحسد فهي من صفات إبليس الكافر، ومأوى من اتّصف بهذه الصّفات نار جهنّم والعياذ بالله.
  • عدم التّساهل بالمعاصي والذّنوب واستصغارها، بل الواجب المسارعة للتّوبة والاعتراف بالذّنب مهما صغر.
  • وهذه بعض الدّروس والوقفات المستفادة من سيرة آدم عليه السّلام والله أعلم.

وفاة آدم عليه السلام

حسب ما جاء عن أهل العلم من المسلمين، أنّ آدم قد عاش ألف عامٍ إلا ستّين سنةً كان قد وهبها لابنه داود بأمر الله -سبحانه وتعالى- وجاءه ملك الموت ليقبض روحه فقال له أنّه قد أبكر المجيء فالمكتوب له هو أن يعيش ألف عامٍ، وقد بقي له ستّون عاماً ليعيشها فذكّره ملك الموت بأنّه قد وهبها لابنه داود فأنكر ذلك وجحد، ومن هذه الحادثة أُمر للإنسان بالكتّاب والشّهود لما يعمل ويقول، وتوفّى آدم ولم يستطع العلماء تحديد قبره ومكان دفنه فقيل في الهند وقيل مكّة وقيل غير ذلك والله أعلم.[5]

من هو الذي مات ولم يولد مقالٌ فيه تمّ الحديث عن قصة سيدنا آدم عليه السلام، وهو الّذي سكن الجنّة قبل أن يسكن الأرض ويسكن نسله فيها، وفي هذا المقال ذكرت قدرة الله تعالى على الخلق وكذلك مراحل خلق آدم عليه السلام وجاء فيه العديد من الوقفات من سيرة آدم والدّروس المستفادة من قصّته.

المراجع

  1. تخريج مشكل الآثار , شعيب الأرناؤوط/عمران بن الحصين/5630/صحيح
  2. islamweb.net , قدرة الله على الخلق أزلية دائمة , 21/02/2021
  3. islamqa.info , ما الحكمة من خلق الله تعالى آدم عليه السلام على مراحل مع قدرته على خلقه بكلمة "كن"؟ , 21/02/2021
  4. سورة ص , الآية 71
  5. alukah.net , آدم عليه الصلاة والسلام (WORD) , 21/02/2021
  6. alukah.net , مسائل وفوائد من قصة آدم عليه السلام , 21/02/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *