من هو النبي الذي ألقاه قومه في النار

من هو النبي الذي ألقاه قومه في النار وكيف أنجاه الله -سبحانه وتعالى- منها ومن حرقها، خلق الله النّاس شعوباً وقبائل وأمم وأرسل في كلّ أمّةٍ رسول، حتّى يهتدي النّاس ويخرجوا من طريق الضّلالة لطريق الهداية، ومن طريق الظّلمات لطريق النّور، ومن عبادة الأوثان لعبادة الواحد القهّار، فمن النّاس من آمن ومنهم من كفر برسل الله، بل وقاتلوهم وصدّوا عن سبيل الله، وفي هذا المقال سيقوم موقع المرجع بتقديم إجابة شاملة على سؤال من هو النبي الذي ألقاه قومه في النار.

من هو النبي الذي ألقاه قومه في النار

إنّ النبي الذي ألقاه قومه في النار هو نبيّ الله إبراهيم -عليه الصّلاة والسّلام- فبعد أن بُعث إبراهيم عليه السّلام ودعوته لقومه، ومحاججتهم بكلّ وسيلة، ولكنّهم أبوا واستكبروا عليه، فوصل به الأمر إلى أن قرر تكسير الأصنام التي يعبدها قومه، حتّى يبيّن لقومه أنّها لا تستطيع أن تدفع الضّرّ عن نفسها فكيف يعبدونها، فقام نبيّ الله فحطّمها وكسّرها، وبان لقومه أنّها لا تنفع ولا تضرّ، وشعروا بسوء فعلهم وقلّة حيلتهم، فأبى كبرهم وسوء صنيعهم أن يرضخوا لما شهدوا فقرّروا الإنتقام لآلهتهم المزعومة، وقررّوا حرق نبيّ الله، وقد ذُكرت قصّة حرق إبراهيم في القرآن الكريم حيث قال تعالى: {حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ}.[1]

فتعاون أهل الشّرك جميعاً على جمع الحطب كبيرهم وصغيرهم، وأضرموا ناراً لم يُضرم مثلها على الأرض قط، وجعلوا نبيّ الله إبراهيم في منجنيق ليرموه فيها من بعيد، لعظيم حرارتها وشدّة لهيبها،  فلمّا ألقوه قال حسبي الله ونعم الوكيل، وهذا واردٌ عنه في القرآن الكريم في سورة آل عمران، وقيل أنّ الله -سبحانه وتعالى-  ارسل إليه جبريل -عليه السّلام- يأله إذا كان له حاجة، فقال له نبيّ الله إبراهيم أمذا منك فلا وأمّا من الله فبلى، فقال الله سبحانه للنّار: {يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}.[2] فلم تحرق النّار من سيذدنا إبراهيم شيئاً، وقيل أنّها لم تحرق إلا وثاقه، فردّ الله كيد الكافرين في نحورهم وأخزاهم بأعمالهم ونجّا الله نبيّه ونصره، وأعلى كلمة الحقّ على كلمة الكفر والباطل، وقد ورد عن أهل العلم أنّ من حكمة الله البالغة أن جمع مع البرد سلاماً لأنّ النذار لو لم تكن سلاماً لأذت نبي الله ببردها والله ورسوله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: من هو النبي الذي ما رآه أحد إلا أحبه

دعوة إبراهيم لأبيه

بعد معرفة من هو نبي الله الذي ألقاه قومه في النار لابد من المرور على دعوة نبيّ الله إبراهيم -عليه السّلام- لأبيه، فقد حرص إبراهيم على هداية قومه كلّ الحرص، وكما حرص على هدايتهم حرص على هداية والده، فوالده كان مشركاً يعبد الأصنام التي يصنعها بيده ويبيعها، فعزّ ذلك على سيّدنا إبراهيم فخصّ أباه بالنّصيحة وحذّره من عاقبة الأمر الذي يقوم به، وكانت مخاطبته له كلّها أدب ورقّة وعاطفة، فد ورد في سورة مريم في القرآن الكريم هذا الموقف في قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا}.[4] فبدأ معه بخطابٍ يفيض بالرّحمة والحكمة، علّه يلمس مشاعر أبيه ويستطيع توجيهها نحو معرفة الله -سبحانه وتعالى- فشرح له عن الأصنام التي يعبدها من دون الله، وأنّها لن تضرّه ولن تنفعه، لكنّ أبيه نهره وزجره وهدّده بالرّجم والهجران، فردّ عليه إبراهيم بجواب الحكمة وأخبره أنّه سيستغفر له ربّه ، وهذا هو جواب الحليم للسّفيه.[5]

نجاة ابراهيم من النار الذي ألقاه قومه فيها

إنّ نبي الله إبراهيم -عليه السّلام- هو إجابة السّؤال من هو النبي الذي ألقاه قومه في النار، فبعدما حطّم أصنام قومه وأوثانهم التي يعبدونها من دون الله، وبعدما أخرسهم بمناقشتهم بمن حطّم الأصنام فأشار إليها وهي محطّمة وقال اسألوها، فانقلبوا خاسرين على أنفسهم وبدأوا يتلاومون على عدم حراسة أصنامهم، وأخبروه أنّها لا تنطق فكيف تسألنا أن نحدّثها ونستفسر منها، فكأنّهم أدانوا أنفسهم، فلما شعروا بالخيبة والهزيمة توقّفوا عن المناظرة واتّجهوا لاستعمال قوّتهم وسلطانهم، وقرّروا حرق نبيّ الله، فشرعوا يجمعون الحطب مدّةً طويلة وأضرموا النّار فتأجّجت والتهبت وعلاها شررٌ لم يوجد مثله قط، ووضعوا إبراهيم -عليه السّلام- في كفّة منجنيق كان قد صنعها لهم رجلٌ من الأكراد خسف الله به الأرض وهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة، وإبراهيم يذكر الله ويقول حسبنا الله ونعم الوكيل، وقد ورد عن ابن عبّاس -رضي الله عنه- أنّه قال: “كانَ آخِرَ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِيَ في النَّارِ: حَسْبِيَ اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ”.[6]

فقال الله -سبحانه وتعالى- أن تكون برداً وسلاماً  على إبراهيم، قال أهل العلم أنّه لم ينتفع أحدٌ يومئذٍ بنار، ولم تحرق النّار من إبراهيم -عليه السلام- سوى وثاقه، وقد أمر الله جبريل أن يكون معه ويمسح له تعرّقه، فكان إبراهيم في النّار في جونة حوله نار، وهو في روضةٍ خضراء، والنّاس ينظرون إليه لا يستطيعون الوصول إليه، وقيل أنّ إبراهيم قد مكث في النّار إمّا أربعين أو خمسين يوماً، فما كان من الله إلا أن أذاق الكافرين طعم لخسارة والخذلان والذّلّ، ونجّا الله إبراهيم من القوم الكافرين.[7]

شاهد أيضًا: من هو النبي الذي صام عن الكلام ثلاثة أيام

الفوائد من قصة دعوة ابراهيم لقومه

بعد معرفة من هو النبي الذي ألقاه قومه في النار، وهو نبيّ الله إبراهيم -عليه الصّلاة والسّلام- وقصّته وما حصل معه ومع قومه خلال دعوته لهم، تحمل الكثير من الدّروس والعبر والفوائد، التي على المسلمين أن يعرفوها، فعلى كلّ مسلمٍ أن يتّبع ملّة ابراهيم، ومن فوائد قصذته في دعوة قومه ما يأتي:[8]

  • إنّ الله اتّخذ نبيّه إبراهيم خليلاً، والخلّة هي أعلى درجات المحبّة وفي هذه المرتبة لا يوجد سوى نبيّين هما إبراهيم ومحمّد صلّى الله عليه وسلّم.
  • جعل الله من ذريّة لإبراهيم الأنبياء والرّسل، وجعل من ذريّته أفضل الأمم، العرب وبنو إسرائيل، وملأ بذكره  بين العالمين.
  • رفع الله نبيّه ابراهيم بالعلم واليقين وجعله توّاقاً لغاية العلم ونهايته.
  • من قصّته -عليه السّلام- يُستنتج أنّ من عزم على الطّاعة فله أجرها حتّى لو وقع مانعٌ يمنعه من إكمال طاعته، وذلك يتمثّل في قصّة الذّبح، فالله أعطى الأجر وأتمّه لإبراهيم واسماعيل.
  • يستقي المسلم من قصّة إبراهيم -عليه السّلام- آداب المناظرة وطرقها ومسالكها النّافعة، وإقامة الحجّة على المعاندين إرشاد المسترشدين.
  • يستنتج المسلم من هذه القصّة العظيمة أنّ من أعظم النّعم على العبد أن يرزقه الله الأبناء الصّالحين.
  • أنّ الله أمر بتطهير المسجد الحرام من الأنجاس ومن جميع المعاصي القوليّة والفعلية، تعظيماً لله وتنشيطاً للمتعبّدين فيه.
  • إنّ أعظم الوصايا للأبناء على الإطلاق هي الوصيّة بملازمة الدّين وتقوى الله سبحانه وتعالى.
  • مشروعيّة السّلام والبدئ فيه من الماشي على القاعد، وأنّه من الواجب ردّه.
  • على كلّ مسلم أن يطرح من قلبه الشّرور والآثام كلّها، ويملأه بالخير والبرّ والكرم، فيكون قلبه سليماً  لينفعه يوم يلقى ربّه.

شاهد أيضًا: من هو النبي الذي قتله إبليس

من هو النبي الذي ألقاه قومه في النار مقالٌ فيه تمت إجابة هذا السؤال على أنّه نبيّ الله إبراهيم -عليه السّلام- وفيه تمّ الحديث عن كيفيّة نجاة إبراهيم من النّار وعن دعوة إبراهيم لأبيه وكيفيّتها، وختم المقال بتعداد الفوائد المستوحاة من قصّة ابراهيم ودعوته لقومه.

المراجع

  1. سورة الأنبياء , الآية 68
  2. سورة الأنبياء , الآية 69
  3. alukah.net , قصة إلقاء إبراهيم عليه السلام في النار , 13/07/2021
  4. سورة مريم , الآية 42،43،44،45
  5. alukah.net , دعوة إبراهيم عليه السلام لأبيه , 13/07/2021
  6. صحيح البخاري , البخاري/أبو الضحى مسلم بن صبيح/4564/صحيح
  7. islamweb.net , قصة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام , 13/07/2021
  8. alukah.net , فوائد من قصة نبي الله وخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام , 13/07/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *