لماذا سمي الشاعر المتنبي بهذا الإسم

لماذا سمي الشاعر المتنبي بهذا الإسم هذا الشاعر الذي يُعد من أشهر شعراء العصر العباسي وسائر عصور الشعر العربي منذ العصر الجاهلي إلى العصر الحديث، فهو مالئ الدنيا شِعرًا وشاغل الناس بأدبه وقصائده حتَّى اليوم، وفي هذا المقال سوف نتحدث في موقع المرجع عن أبي الطيب المتنبي وعن سبب تسمية بالشاعر المتنبي وعن ادعائه النبوة ورأي الأدباء في هذا الادعاء، كما سنمر على أشهر قصائد أبي الطيب المتنبي.

من هو أبو الطيب المتنبي

اسمه الكامل هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي المذحجي وهو من قبيلة مذحج التي ترجع إلى كهلان من قحطان، ويُنسب المتنبي أيضًا إلى منطقة كندة في العراق وليس إلى قبيلة كندة العربية المعروفة، فيُسمّي بأبي الطيب المتنبي الكندي، وهو من مواليد الكوفة في العراق في عام 303 هجرية وهو ما يوافق يوم 915 ميلادية، شاعر من شعراء العرب الأفذاذ، وواحد من أشهر الشعراء العرب في التاريخ إن لم يكن أشهرهم على الاطلاق، وهو من أكثر الشعراء العرب عطاءً شعريًا في حياته، اشتهر المتنبي بعلاقته الوطيدة مع سيف الدولة الحمداني حاكم حلب في ذلك الوقت، هذه العلاقة التي انتهت بالخصام والعداء بسبب وشي الوشاة ومكيدة الحاقدين.

عُرف المتنبي بشعره الحكيم، فقيل هو أحكم شعراء العرب، فما زالت قصائده التي تضج بالحكمة مضرب أمثال بين الناس حتَّى اليوم، حتَّى أن الكثير من أبياته الشعرية صارت مثل الخبز يتداوله الناس فيما بينهم، وقد ظهرت ملامح هذه الشخصية الشعرية العظيمة التي حملها المتنبي مبكرًا، فقد كتب الشعر وهو في التاسعة من عمره، وكان ذكيًا فطنًا لبيبًا، انتقل بين حلب والعراق وفارس ومصر، يمدح سيف الدول في حلب ويمدح كافور الإخشيدي في مصر طمعًا بالقرب والأعطيات، إلى أن توفِّي المتنبي مقتولًا على يد فاتك بن أبي جهل الأسدي في منطقة اسمها النعمانية في جنوب غرب بغداد في عام 354 هجرية وهو ما يوافق عام 965 ميلادية.[1]

شاهد أيضًا: من هو عميد الأدب العربي

لماذا سمي الشاعر المتنبي بهذا الإسم

لقد سُمِّي المتنبي بهذا الاسم لأنَّه ادعى النبوة في بادية السماوة، وهي مكان بين الكوفة في العراق وبين الشام، وهذا ما ذكره عدد من المؤرخين، مثل: ابن خلكان وناصيف اليازجي، وذكر في هذه الحادثة أنَّ كثيرًا من الناس اتبعوه وصدقوه، فقام لؤلؤ امير حمص ونائب الإخشيد في ذلك الوقت باعتقال المتنبي، حيث ظلَّ مسجونًا حتَّى تاب فأطلق سراحه، وبعد خروجه من السجن صال المتنبي في البلاد وجال يمدح الملوك طمعًا بالأعطيات والأموال، فمدح سيف الدولة زمنًا بأروع المدائح في الشعر العربي، وهذه رواية من الروايات الواردة.[2]

في رواية أخرى يرى آخرون أنَّ المتنبي بهذا الاسم هي أنَّه كان ورعًا عفيفًا بعيدًا عن كل فاحشة ونه كان من طلاب العلم، وقيل إنَّه سُمِّي بالمتنبي لأنه ذكر كافة الأنبياء في شعره الذي كتبه في صباه، إذ كان يشبه من يمدحهم بأخلاق الأنبياء، ومن الذين نفوا نبوة المتنبي الشاعر أبو العلاء المعري الذي قال في هذه المسألة: “وكان قد طمع في شيءٍ قد طمع فيه من هو دونه، وإنما هي مقاديرٌ يظفر بها من وُفق ولا يراع بالمجتهد أن يخفق، وقد دلت أشياء في ديوانه أنه كان متألهًا، وإذا رجع إلى الحقائق فنطق اللسان لا ينبئ عن اعتقاد الإنسان، لأن العالم مجبول على الكذب والنفاق، ويُحتمل أن يظهر الرجل بالقول تدينًا، وإنما يريد أن يصل إلى ثناء أو غرض، ولعله قد ذهب جماعة هم في الظاهر متعبدون وفيما بطن ملحدون”.

قد يهمك أيضًا: من هو امير الشعراء في العصر الجاهلي

لماذا سمي المتنبي بالشاعر الذي قتله شعره

بعد الحديث عن لماذا سمي الشاعر المتنبي بهذا الإسم، جدير بالقول لقد سُمِّي المتنبي بالشاعر الذي قتله شعره وذلك لأنَّه قال أبيات في هجاء ضبة بن يزيد الأسدي العيني وهو قاطع طريق مشهور في ذلك الزمان، حيث هجاه المتنبي بقوله:

ما أنصفَ القومُ ضُبَّهْ            وأمّه الطُّرطُبّهْ

وبينما كان المتنبي راجعًا إلى الكوفة من سفر وكان معه غلامه وابنه، إذ اعترضه رجل اسمه فاتك بن أبي جهل الأسديّ مع نفر من الرجال، وفاتك هذا هو ابن أخت ضبة بن يزيد الأسدي العيني، فلمَّا أدرك المتنبي أنَّه لا قبل له بهؤلاء، ركب خيله وأراد أن يولِّي هاربًا، فقال له غلامه: أتفرُّ وأنت الذي قلت:

الخيل والليل والبيداء تعرفني                 والسيف والرمح والقرطاس والقلمُ

فعاد المتنبي وهو يقول لغلامه: قتلتني، قتلك الله، فرجع المتنبي فلقي مصيره مقتولًا على يد فاتك بن أبي جهل الأسديّ ومن معه من الرجال، وكانت وفاته في عام 965م.

ادعاء المتنبي النبوة

أشارت الكثير من الأقوال إلى أن أبا الطيب المتنبي كان قد ادَّعى النبوة في زمانه في منطقة بداية السماوة الواقعة بين الكوفة والشام، وقيل إنه تأثر بمذهب القرامطة الذي يرون دعاتهم كالأنبياء، وكان المتنبي داعيًا من دعاتهم فادعى النبوة واتبعه خلق كثير، وقد رأى من أيَّد هذا القول أنَّ في شعر المتنبي ما يدل على ادعائه النبوة في ذلك الزمان، مثل قوله:

ما مقامي بأرض نخلةٍ إلّا               كمقام المسيح بين اليهودِ

أنا في أمَّـةٍ تداركها الله                   غريبٌ كصـالح في ثمودِ

أنا ربُ الندى وربُّ القوافي               وسمامُ العِدَى وغيظُ الحسود

بينما ذُكر عنه أنه أنكر ادعاء النبوة، وقال إنه سمَّى نفسه بالمتنبي لأنه كان أول من تنبأ بالشعر، وقد ورد عن الدكتور شوقي ضيف أنَّه قال في معبرًا عن رأيه في تسمية المتنبي بهذا الاسم، حيث لم يؤيد أنَّ سبب التسمية هو ادعاء النبوة، قال: “إنه هو الـذي لقب نفـسه بالمتنبي، أو لعل بعض المعجبين بشعره هم الذين لقبوه به، رمزاً لعبقريته الشعرية وأنـه يأتي فـي أشعاره بالمعجز الذي ليس له سابقة”، والله أعلم.

اقرأ أيضًا: من هو الشاعر الذي هجا نفسه وامه وزوجته

رأي الأدباء في نبوة المتنبي

كثيرة هي الآراء التي وردت في مسألة نبوة المتنبي عن الأدباء من مختلف العصور، وفيما يأتي نذكر رأي أشهر الأدباء في ادعاء المتنبي النبوَّة:

  • الخطيب البغدادي وابن خلكان: رأى الخطيب البغدادي وابن خلكان أن المتنبي ادعى النبوة واستشهدوا في رأيهم هذا بقصائد من شعره.
  • طه حسين: قال طه حسين في مسألة ادعاء المتنبي النبوة: “وأنا لا أتردد في رفضي من أنه ادعى النبوة، وأحدث المعجزات أو زعم إحداثها، وضلل فريقًا من خاصة الناس أو عامتهم، كما لا أتردد في رفضي هذا السخف الذي يتنبأ أن المتنبي زعم أن قرآنًا أنزل عليه”.
  • عبد الرحمن شعيب: رأى عبد الرحمن شعيب أن المتنبي لم يدعِ النبوة وأنَّ هذه القصة لُفِّقت له لأهداف سياسية في ذلك الزمان.
  • الدكتور عبد الله الطيب: كتب الدكتور عبد الله الطيب عن المتنبي كتابًا خاصًا، ولكنَّه لم يذكر لفظة المتنبي أبدًا في الكتاب، وكان يناديه بأبي الطيب، فكان غير مقتنع بفكرة ادعاء المتنبي النبوة.

قد يهمك أيضًا: من هو الشاعر المخضرم

أجمل قصائد المتنبي

في ختام ما ورد من حديث عن لماذا سمي الشاعر المتنبي بهذا الإسم، كثيرة هي قصائد المتنبي الخالدة التي جعلت منه أشهر شعراء العرب وأشعرهم في رأي غالبية نقاد الأدب العربي، ومن أشهر قصائده:

قصيدة إذا غامرت في شرف مروم

قال المتنبي في هذه القصيدة العظيمة التي تضج بالحكمة والبلاغة والشاعرية:[3]

إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ            فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ

فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ            كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ

سَتَبكي شَجوَها فَرَسي وَمُهري     صَفائِحُ دَمعُها ماءُ الجُسومِ

قَرَبنَ النارَ ثُمَّ نَشَأنَ فيها                كَما نَشَأَ العَذارى في النَعيمِ

وَفارَقنَ الصَياقِلَ مُخلَصاتٍ                وَأَيديها كَثيراتُ الكُلومِ

يَرى الجُبَناءُ أَنَّ العَجزَ عَقلٌ              وَتِلكَ خَديعَةُ الطَبعِ اللَئيمِ

وَكُلُّ شَجاعَةٍ في المَرءِ تُغني          وَلا مِثلَ الشَجاعَةِ في الحَكيمِ

وَكَم مِن عائِبٍ قَولاً صَحيحاً              وَآفَتُهُ مِنَ الفَهمِ السَقيمِ

وَلَكِن تَأخُذُ الآذانُ مِنهُ                     عَلى قَدرِ القَرائِحِ وَالعُلومِ

قصيدة كفى بك داء أن ترى الموت شافيا

يقول المتنبي في قصيدته كفى بك داء أن ترى الموت شافيا:[4]

كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا            وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا

تَمَنَّيتَها لَمّا تَمَنَّيتَ أَن تَرى                      صَديقاً فَأَعيا أَو عَدُوّاً مُداجِيا

إِذا كُنتَ تَرضى أَن تَعيشَ بِذِلَّةٍ                 فَلا تَستَعِدَّنَّ الحُسامَ اليَمانِيا

وَلا تَستَطيلَنَّ الرِماحَ لِغارَةٍ                     وَلا تَستَجيدَنَّ العِتاقَ المَذاكِيا

فَما يَنفَعُ الأُسدَ الحَياءُ مِنَ الطَوى            وَلا تُتَّقى حَتّى تَكونَ ضَوارِيا

حَبَبتُكَ قَلبي قَبلَ حُبِّكَ مَن نَأى              وَقَد كانَ غَدّاراً فَكُن أَنتَ وافِيا

وَأَعلَمُ أَنَّ البَينَ يُشكيكَ بَعدَهُ                  فَلَستَ فُؤادي إِن رَأَيتُكَ شاكِيا

فَإِنَّ دُموعَ العَينِ غُدرٌ بِرَبِّها                     إِذا كُنَّ إِثرَ الغادِرينَ جَوارِيا

إِذا الجودُ لَم يُرزَق خَلاصاً مِنَ الأَذى         فَلا الحَمدُ مَكسوباً وَلا المالُ باقِيا

وَلِلنَفسِ أَخلاقٌ تَدُلُّ عَلى الفَتى            أَكانَ سَخاءً ما أَتى أَم تَساخِيا

أَقِلَّ اِشتِياقاً أَيُّها القَلبُ رُبَّما                  رَأَيتُكَ تُصفي الوُدَّ مَن لَيسَ جازِيا

خُلِقتُ أَلوفاً لَو رَحَلتُ إِلى الصِبا              لَفارَقتُ شَيبي موجَعَ القَلبِ باكِيا

وَلَكِنَّ بِالفُسطاطِ بَحراً أَزَرتُهُ                   حَياتي وَنُصحي وَالهَوى وَالقَوافِيا

قصيدة عيد بأية حال عدت يا عيد

هي قصيدة مدح فيها المتنبي كافور الإخشيدي في مصر، وقال فيها:[5]

عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ                بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ

أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ                  فَلَيتَ دونَكَ بيداً دونَها بيدُ

لَولا العُلى لَم تَجُب بي ما أَجوبُ بِها    وَجناءُ حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ

وَكانَ أَطيَبَ مِن سَيفي مُضاجَعَةً         أَشباهُ رَونَقِهِ الغيدُ الأَماليدُ

لَم يَترُكِ الدَهرُ مِن قَلبي وَلا كَبِدي       شَيءً تُتَيِّمُهُ عَينٌ وَلا جيدُ

يا ساقِيَيَّ أَخَمرٌ في كُؤوسِكُما            أَم في كُؤوسِكُما هَمٌّ وَتَسهيدُ

أَصَخرَةٌ أَنا مالي لا تُحَرِّكُني                هَذي المُدامُ وَلا هَذي الأَغاريدُ

إِذا أَرَدتُ كُمَيتَ اللَونِ صافِيَةً               وَجَدتُها وَحَبيبُ النَفسِ مَفقودُ

ماذا لَقيتُ مِنَ الدُنيا وَأَعجَبُهُ               أَنّي بِما أَنا باكٍ مِنهُ مَحسودُ

أَمسَيتُ أَروَحَ مُثرٍ خازِناً وَيَداً                أَنا الغَنِيُّ وَأَموالي المَواعيدُ

إِنّي نَزَلتُ بِكَذّابينَ ضَيفُهُمُ                 عَنِ القِرى وَعَنِ التَرحالِ مَحدودُ

جودُ الرِجالِ مِنَ الأَيدي وَجودُهُمُ          مِنَ اللِسانِ فَلا كانوا وَلا الجودُ

بهذه القصائد نصل إلى نهاية هذا المقال الذي تحدَّثنا فيه عن أبي الطيب المتنبي وعن لماذا سمي الشاعر المتنبي بهذا الإسم، كما تحدَّثنا عن لماذا سمي المتنبي بالشاعر الذي قتله شعره وعن ادعاء المتنبي النبوة ورأي الأدباء في هذا الادعاء أيضًا.

المراجع

  1. wikiwand.com , أبو الطيب المتنبي , 31/07/2021
  2. marefa.org , أبو الطيب المتنبي , 31/07/2021
  3. aldiwan.net , إذا غامرت في شرف مروم , 31/07/2021
  4. aldiwan.net , كفى بك داء أن ترى الموت شافيا , 31/07/2021
  5. aldiwan.net , عيد بأية حال عدت يا عيد , 31/07/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *