فوائد صيام العشر من ذي الحجة

فوائد صيام العشر من ذي الحجة كثيرة؛ فقد ورد في فضل هذه الأيام والقيام بالأعمال الصالحة فيها عدد من الآثار عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وبناءً على ذلك يجب على المسلم أن يحرص على الإكثار من الطاعات وأن يغتنم هذه الأيام، لما فيها من الخير الكثير. وفي هذا المقال سوف يبين لكم موقع المرجع فضائل الصيام في العشر من ذي الحجة وحكمها ومجموعة من الأمور المهمة التي لا بد لكم من الإلمام بها في موسم الطاعات.

فوائد صيام العشر من ذي الحجة

صيام الأيام العشر من ذي الحجة مندوب للمسلم بقدر ما يستطيع؛ وإن أجر الصيام تطوعًا لله عظيم عنده تعالى، فإذا اجتمعت فضيلة الصيام مع فضيلة العشر من ذي الحجة صار الأجر مضاعفًا، كما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حثّ المسلمين على القيام بالأعمال الصالحة خلال العشر من شهر ذي الحجة؛^[1] فقد ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟) قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: (وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ) رواه البخاري. ^[2]

وبناءً على عموم الأعمال الصالحة الواردة في الحديث، فإنها لا تتقيد بعمل صالح محدد، وتشمل قراءة القرآن الكريم، والذكر وصلة الرحم والصيام وغيرها؛ وكما قال بعض العلماء تتميز الأيام العشر من ذي الحجة؛ بسبب اجتماع أمهات العبادة فيها؛ من صلاة وصيام وصدقة وحج، وهذا لا يتأتّى في أيام غيرها. واستدل العلماء من ورود كلمة (الأيام) -مع العلم أن اليوم يبدأ من طلوع الفجر وحتى غروب الشمس- على فضيلة الصيام، فمن المعلوم أن أفضل أعمال النهار هي الصيام، وأفضل عمل الليل القيام، فسن القيام في العشر الأواخر من شهر رمضان، وقياساً على ذلك، يكون الصوم في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة مندوبًا. ^[1]

اقرأ أيضًا: هل صيام عشر ذي الحجة سنة ؟

هل صيام العشر من ذي الحجة فرض

صيام الأيام التسعة الأولى من شهر ذي الحجة ليس فرضًا، بل هو مستحب، ^[3]ويدل على ذلك قول الرسول – صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس السابق رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟) قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: (وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ) رواه البخاري. ^[2]

بالإضافة إلى ما ورد عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَصومُ تِسعَ ذي الحَجَّةِ ويومَ عاشوراءَ، وثلاثةَ أيَّامٍ مِن كلِّ شهْرٍ، أوَّلَ اثنَينِ من الشهْرِ وخَميسَينِ”.^[4] فعلى الرغم من أن الحديث ضعيف، إلا أنه لا يمنع من استحباب صيام عشر ذي الحجة؛ لأنه من جملة الأعمال الصالحة التي يمكن أن يقوم بها الفرد في هذه الأيام، بل إنه أفضل الأعمال الصالحة في النهار.^[4]

اقرأ أيضًا: هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة من ثاني يوم

هل يجب صيام العشر من ذي الحجة كاملة

تطلق (عشر ذي الحجة) على الأيام العشرة الأول من ذي الحجة تطلق بما فيها يوم عيد الأضحى المبارك، لكن عندما تتعلق الأحكام بالصيام وترك تقليم الظفر وقص الشعر، فإن الأمر مختلف، فمن أراد أن يضحي عليه الامتناع عن تقليم الأظافر وقص الشعر -استحبابًا على قول الجمهور ووجوبًا على قول الحنابلة- لتسعة أيام فقط؛ حيث إن صيام يوم النحر وهو يوم عيد الأضحى حرام، إنما  يطلق على هذه الأيام العشر للتغليب، كما هو واضح، وقد ورد في شرح صحيح مسلم للنووي عند قوله: بَابُ صَوْمِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، أنه قال: “وَالْمُرَادُ بِالْعَشْرِ هُنَا الْأَيَّامُ التِّسْعَةُ مِنْ أَوَّلِ ذِي الْحِجَّةِ”. ^[5]

اقرأ أيضًا: هل يجوز الجمع بين نية القضاء ونية صيام العشر

فضل كل يوم من عشر ذي الحجة

ثبت في الأحاديث الصحيحة فضل عشر ذي الحجة، وكون العمل الصالح في هذه الأيام أحب لله من الأعمال في غيرهنَّ. وأنه يستحب صيام عشر ذي الحجة؛ أي الأيام التسع الأوائل منها لغير الحاج لاستثناء يوم النحر الذي يحرم الصيام فيه، وأما الحاج فالفطر له أفضل في عرفة، حتى يتقوى فيه على الدعاء. ولم يذكر العلماء ما يدل على وجود فضل خاص لكل يوم دون غيره؛ غير ما ورد في عرفة؛ فهو أفضل الأيام في السنة على الإطلاق، كما أن صيامه يكفر سنتين؛ وهما السنة السابقة والسنة اللاحقة.^[6]

وأيضًا لم يرد مما ذكر عن العلماء أن الله استجاب ليونس -عليه السلام- في هذه الأيام، وكذلك لم يرد أن عيسى -عليه السلام- قد ولد فيها. بل ذكر السيوطي في الدر المنثور أثرًا يتنافى مع أن عيسى -عليه السلام- ولد في هذه الأيام؛ فقد قال: “وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة -رَضِي الله عَنهُ- قَالَ: يَوْم عَاشُورَاء الْيَوْم الَّذِي تَابَ الله فِيهِ على آدم وَالْيَوْم الَّذِي اسْتَوَت فِيهِ سفينة نوح على الجودي وَالْيَوْم الَّذِي فرق الله فِيهِ الْبَحْر لبني إِسْرَائِيل وَالْيَوْم الَّذِي ولد فِيهِ عِيسَى صِيَامه يعدل سنة مبرورة.”^[6]

اقرأ أيضًا: هل يجوز للحاج صيام العشر من ذي الحجة

فضائل الايام العشر من ذي الحجة

هنالك عدد من الفضائل الواردة في الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة، ونسردها لكم فيما يأتي:

• أقسم الله -سبحانه وتعالى- بها:  ولمّا أقسم الله بهذا الشيء، فإن ذلك يدل هذا على عظم مكانته الكبيرة وفضله، فالله العظيم لا يقسم إلا بالشيء العظيم، فقد قال تعالى: “وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ”. وهذه الليالي العشر الواردة في الآية هي الأيام العشر من شهر ذي الحجة، وهذا هو ما عليه جمهور المفسرين.
• شرع الله تعالى فيها ذكره: فقد قال تعالى: “وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ” [الحج:28].
• شهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنه أفضل أيام الدنيا: وقد ورد ذلك في عدة أحاديث نبوية شريفة.
• يوجد فيها يوم عرفة: وهو يوم الحج الأكبر، واليوم الذي تكون فيه مغفرة الذنوب، ويعتق المسلمون من النيران، ولو لم يكن في العشر سوى عرفة لكفاها هذا فضلاً.
• يوجد فيها يوم النحر: وهذا اليوم هو أفضل أيام السنة عند البعض من علماء المسلمين.
  تجتمع فيها أمهات العبادة فيها: فقد بين الحافظ ابن حجر أن سبب امتياز العشر الأولى من ذي الحجة هو اجتماع أمهات العبادة فيها، بما فيها الصلاة والصيام والصدقة والحج، وذلك لا يتأتى في غيرها.

وفي نهاية هذا المقال، نكون قد سلطنا الضوء على فوائد صيام العشر من ذي الحجة وفضله الكبير، بالإضافة إلى بيان حكم صيام هذه الأيام، وتناولنا الحديث عن أفضل الأعمال الصالحة التي يمكن للمسلم أن يقوم بها في هذه الأيام الفضيلة.