شرح حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه

شرح حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه هو ما يتناوله موضوع هذا المقال. فقد حثّ رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام على تدارس القرآن الكريم، لما في القرآن الكريم من دروسٍ وعبرٍ وقصصٍ عظيمة، إلى جانب الأحكام والتّكاليف الشّرعيّة الواردة فيه، وإنّ ميّزات وخصائص القرآن الكريم التعبّد بتلاوته وتدبّر آياته الكريمة، ويساعدنا موقع المرجع على معرفة شرح ومتن وتخريج حديثٍ شريفس من الأحاديث الّتي حثّ فيها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على تدارس القرآن الكريم، كذلك يهتمّ بذكر بعض النّصائح الّتي تفيد في تعلّم وتعليم القرآن.

متن حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه

إنّ المتن في اللّغة يعرف على أنّه هو ما قويّ من الشّيء أو ارتفع أو صَلُب، أمّا في الأحاديث النّبويّة فمعنى المتن هو لفظ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أو فعله أو تقريره، وهذا ما عرّفه علماء الحديث والسّنّة المباركة، أمّا عن متن حديث خيركم من تعلم القرآن علمه فهو:[1]

عن عثمان بن عفّان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ. قالَ: وأَقْرَأَ أبو عبدِ الرَّحْمَنِ في إمْرَةِ عُثْمانَ، حتَّى كانَ الحَجَّاجُ قالَ: وذاكَ الذي أقْعَدَنِي مَقْعَدِي هذا”.[2]

شاهد أيضًا: أحاديث نبوية تحث على التحلي بالأخلاق الحسنة

تخريج حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه

قبل الحديث عن شرح  حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه، لا بدّ من الحديث عن تخريجه، وعن معنى التّخريج كذلك، فتخريج الحديث يعدّ من أهمّ علوم السّنّة المباركة، ومفهوم التّخريج يعني البحث والتّعمّق برواة الحديث الّذين نقلوا الحديث ورووه عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والهدف أو الغرض من ذلك، هو بيان ومعرفة الحديث الصّحيح من الضّعيف أو الموضوع أو المرسل، كذلك له العديد من الأغراض الأخرى، ولقد روى العديد من الصّحابة والعلماء حديث “خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه” وتمّ تخريجه في العديد من كتب الأحاديث النّبويّة، وسنذكر فيما يأتي بعضاً من إخراجات هذا الحديث:[3]

  • قال البخاريّ -رحمه الله- في كتاب فضائل القرآن من صحيحه: حدّثنا حجّاج بم منهال حدّثنا شعبة قال أخبرني علقمة بم مرثد سمعت سعد بن عبيدة عنم أبى عبد الرّحمن السلمي عن عثمان بن عفّان رضي الله عنه عن الّنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: ” خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ” ، قال: وأقرأ أبو عبد الرّحمن في إمرة عثمان حتّى كان الحجّاج، قال وذلك الّذي أقعدني مقعدي هذا.
  • كذلك حدّثنا أبو نعيم حدّثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن أبى عبد الرّحمن السلمي عن عثمان بن عفّان رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ” خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ”.
  • وقد انفرد بتخريج هذا الحديث البخاريّ دون مسلمٍ رحمه الله، فراوه بالطّريقتين وهو صحيح.
  • كذلك رواه ابن ماجه في أوائل سننه، باب فضل من تعلم القرآن وعلّمه فقال: حدّثنا محمّد بن بشّار حدّثنا يحي بن سعيد القطّان حدّثنا شعبة وسفيان عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبى عبد الرّحمن السلمي عن عثمان بن عفّان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال شعبة خيركم، وقال سفيان: “أفضلكم من تعلّم القرآن وعلّمه”، حدّثنا محمّد حدّثنا وكيع حدّثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن أبى عبد الرحمن السلمي عن عثمان بن عفّان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “أفضلكم من تعلّم القرآن وعلّمه”.

شرح حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه

إنّ شرح حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه، ينطوي على الكثير من الفوائد والفضائل، فخير الكلام هو هو كلام الله -سبحانه وتعالى- أي القرآن الكريم،  وفي هذا الحديث قد حثّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على تدارس القرآن الكريم وتعلّم الآيات الكريمة، وكذلك يشير الحديث إلى أنّ التّعمّق بدراسة الآيات والإلمام بعلومها، يجعل المسلم في مرتبة أفضل النّاس بعد الأنبياء والرّسل، وإنّ هذا فضلٌ عظيمٌ، وإنّها لمنزلةٌ رفيعةٌ عند الله تعالى، فكما قال رسول الله إنّ خير النّاس وأفضلهم من تعلّم القرآن الكريم، وتدراس وتدبّر آياته، وألمّ بمعانيها ومقاصدها، وأخذ منها الدّروس والعبر والمواعظ الذتي تحتويها.

وإنّ هذه المنزلة العظيمة، لا تقتصر على من تعلّم القرآن الكريم فقط، بل على من كان ملمّاً بعلوم القرآن الكريم فلم يكتم هذا العلم لنفسه، بل بدأ بتعليم النّاس وتدريسهم، وتوسيع أفق معلوماتهم عن الآيات القرآنيّة ومضامينها، ودعا النّاس إلى تدبّر آيات الله تعالى وحفظها والعمل بها، فالله تعالى قال في محكم تنزيله: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.[4] فالاشتغال بكلام الله تعالى، يعدّ من أعظم العبادات على الإطلاق، فهو يتّبع أمر الله تعالى، وأمر رسوله الكريم -عليه الصّلاة والسّلام- فمن تعلّم القرآن الكريم عمل بما فيه، وتحقّقت بذلك العبادة الكاملة بإذن الله تعالى، وأمّا عن تتمّة الحديث فأبو عبد الرّحمن السلمي عندما سمع هذا الحديث أمير المؤمنين عثمان بن عفّان رضي الله عنه، بدأ بتعليم النّاس ما يعرفه من القرآن الكريم لينال رضا الله تعالى والأجر والثّواب والله أعلم.[5]

شاهد ايضًا: خمس احاديث عن الصبر والحلم والعفو والوفاء بالعهد مختصر

الفوائد من حديث خيركم من تعلم القرآن

بعد الخوض في شرح حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه. وبعد الحديث عن متنه وتخريجه. كان لا بدّ من ذكر الدّروس المستفادة من هذا الحديث العظيم والمبارك. ونذكر منها ما يأتي:[6]

  • إنّ القرآن الكريم وعلومه هو أفضل علمٍ يمكن أن يلمّ به المسلم في حياته. وفضله جليٌّ في الدّنيا والآخرة.
  • كما إنّ من واجب المسلم ألّا يكتم العلم الّذي عنده. بل عليه أن يعلّمه لغيره وأن يفيد نفسه وغيره، بالتّعلي والأجر من عند الله تعالى.
  • كذلك تدارس القرآن الكريم وتعليمه لمن لا يعلم به. هو من أفعال الصّحابة الكرام والسّلف الصّالح رضي الله عنهم أجمعين.

شاهد أيضًا: شرح حديث كلم راع وكلكم مسؤول عن رعيته

نصائح لتعلم القرآن الكريم

لتعلّم القرآن الكريم ودراسة علومه والإلمام بها، يوجد العديد من الوسائل والطّرق الّتي تكون في متناول الجميع، وفيما يأتي يتمّ ذكر بعض النذصائح المساعدة على تعلّم القرآن الكريم، منها:[7]

  • أن يتعلّم المسلم القرآن الكريم على يد شيخٍ أو عالمٍ متقنٍ للقرآن الكريم وعلومه.
  • كذلك إخلاص النّيّة لله تعالى في هذا العلم. ليحظى من بالتّوفيق والعون منه جلّ جلاله.
  • الاستماع إلى البرامج التّلفزيونيّة الّتي تعرض تلاوة القرآن الكريم بقراءاتٍ عديدة. مع مشاهدة البرامج الّتي من شأنها تعليم أحكام التّجويد. و كذلك أصول القراءة الصّحيحة للقرآن الكريم والله أعلم.
  • معرفة فضل تعلّم القرآن الكريم والأجر الّذي وعد الله تعالى به المسلم في الدّنيا والآخرة والله أعلم.

نصائح لتعليم القرآن الكريم

قد سبق وتمّ الحديث عن شرح حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه. فتعليم القرآن للغير فيه فضلٌ عظيمٌ وكبيرٌ عند الله تعالى. فذلك بمثابة الدّعوة لله تعالى، وسنذكر هنا بعض النّصائح الّتي تسهّل تعليم القرآن للآخرين:[8]

  • التّركيز على التّنويع في طرق التّعليم. فتارةً يتمّ التّعليم عن طريق التّلقين. وأخرى بطريقة الاستماع.
  • كذلك إقامة حلقات تعليمٍ لأحكام التّجويد وطرق نطق الحروف بشكلٍ سليم. لتسهيل قراءة القرآن قارءةً صحيحة.
  • اعتماد البرامج والأساليب الإلكترونيّة الحديثة. من تطبيقاتٍ وفيديوهاتٍ تعليميّة.
  • كذل تنظيم المسابقات والفعاليّات. والّتي تحفّز المتعلمين على المواصلة وتجنّب الممل والكسل.
  • ربط آيات القرآن الكريم بالدّروس والعبر ومفاهيم الحياة.
  • بدء الدّروس بمقدّمات تشويقيّة ومحفّزة. و كذلك الابتعاد عن المقدّمات المرتجلة والعشوائيّة.
  • مراعاة الفئات العمريّة عند التّدريس من حيث طريقة القراءة وأسلوب التّعليم.

فضل تلاوة القرآن الكريم

إنّ من يتدبّر في شرح حديث خيركم من تعلم القران وعلمه. لا بدّ له من الإكثار من تلاوته والتأمّل في آياته. فتلاوته من صفات المؤمنين الصّادقين. و كذلك لتلاوته فضائلٌ كثيرة وثمارٌ غزيرة نذكر منها ما يأتي:[9]

  • إنّ في تلاوة القرآن تعميرٌ وتهذيبٌ للنّفوس والقلوب. فمن لم يكن في قلبه شيءٌ من القرآن كان كالبيت الخَرِب. وذلك كما أخبر النّبيّ صلّى الله عليه وسلم.
  • كما أنّ من يتلو القرآن الكريم يكون في درجةٍ أسمى ممّن لا يتلوه، فعن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: “مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ كالأُتْرُجَّةِ: طَعْمُها طَيِّبٌ، ورِيحُها طَيِّبٌ، والذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كالتَّمْرَةِ: طَعْمُها طَيِّبٌ، ولا رِيحَ لَها، ومَثَلُ الفاجِرِ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحانَةِ: رِيحُها طَيِّبٌ، وطَعْمُها مُرٌّ، ومَثَلُ الفاجِرِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ: طَعْمُها مُرٌّ، ولا رِيحَ لَها”.[10]
  • الإكثار من تلاوة القرآن نعمةٌ محسودٌ عليها من يفعلها. والحسد هنا بمعنى الغبطة أي تمنّي المسلم ما لأخيه من خير دون حقدٍ أو تمنٍّ لزوال هذه النّعمة.
  • كذلك إنّ تلاوة القرآن نورٌ وبركة في الدّنيا والآخرة. فهي رفعةٌ للمسلم وفيها أجرٌ عظيم. يرفعه الله به درجاتٍ يوم القيامة.
  • إنّ المسلمين الذين يتلون القرآن لهم بكلّ حرفٍ يتلونه عشر حسنات. وهم أهل الله وخاصّته.
  • و كذلك تلاوة القرآن حفظٌ في الدّنيا. وأمانٌ من الغفلة. ونيلٌ للشّفاعة.

فضائل تعلم القرآن

بعد معرفة شحر حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه سيسعى المسلمون بلا شك لتعلّم القرآن الكريم وتعليمه، لما في ذلك من خيرٍ وفضل. فالقرآن الكريم كلام الله ووحيه المُنزل على رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- وهو المصدر التّشريعيّ الأوّل للدّين الإسلاميّ. و كذلك هو الهدي الذي يهتدي به المسلمون. كما قد روي في الحديث النّبوي الذي رواه الصّحابي الجليل عقبة بن نافع -رضي الله عنه- قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “أيُّكم يُحِبُ أنْ يغدُوَ كلَّ يومٍ إلى بُطْحانَ ، أوْ إلى العقيقِ ، فيأتِي منه بناقَتَيْنِ كَوْماوَيْنِ زهراوَيْنِ ، فِي غيرِ إثمٍ ، ولَا قطعِ رحِمٍ ، فلَأنْ يغدُوَ أحدُكُمْ إلى المسجِدِ فَيَتَعَلَّمُ أوْ يقرأُ آيتينِ مِنْ كتابِ اللهِ خيرٌ لَهُ مِنْ ناقتينِ ، وثلاثٌ خيرٌ لَهُ مِنْ ثلاثٍ ، وأربعٌ خيرٌ لَهُ مِنْ أربعٍ ، ومِنْ أعْدادِهِنَّ مِنَ الِإبِلِ”.[11] فتعلّم القرآن الكريم وتعليمه خير أمرٍ يمكن للعبد القيام به،  ففيه بركاتٌ وخيرٌ من الله لا ينقضي والله ورسوله أعلم.[12]

شرح حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه مقالٌ أشار إلى أنّ هذا الحديث من أعظم الاحاديث الّتي تحفّز المسلم وتحثّه على حفظ القرآن الكريم وتلاوته. و كذلك الإلمام بعلومه. كما تشجّعه على عدم الاحتفاظ بهذا العلم لنفسه. بل عليه أن ينشره بين المسلمين فينال بذلك الأجر العظيم والخير الكثير. فقد قدّمنا في هذا المقال شرح حديث خيركم من تعلم القرآن وعلّمه. بالإضافة إلى تخريجه ومتنه وبعض النّصائح المساعدة على تعلّم وتعليم القرآن. و كذلك ذكر فضل تلاوة وحفظ القرآن الكريم.

المراجع

  1. islamweb.net , متن الحديث معناه وسبب التسمية , 26/04/2021
  2. صحيح البخاري , البخاري/عثمان بن عفان/5027/صحيح
  3. al-maktaba.org , الحديث الثامن عشر , 26/04/2021
  4. سورة فصلت , الآية 33
  5. islamweb.net , معنى حديث: خيركم من تعلم القرآن وعلمه , 26/04/2021
  6. islamweb.net , معنى حديث: خيركم من تعلم القرآن وعلمه , 26/04/2021
  7. al-maktaba.org , يريد تعلم القرآن ولا يجد من يعلمه فماذا يصنع , 26/04/2021
  8. al-maktaba.org , (بعض هموم المقرئين والقراء في التلاوة واللغة في الإجازة) , 26/04/2021
  9. saaid.net , فضل تلاوة القرآن , 26/04/2021
  10. صحيح البخاري , البخاري/ابو موسى الاشعري/5020/صحيح
  11. صحيح الجامع , الألباني/عقبة بن نافع/2697/صحيح
  12. al-eman.com , فضل تعلم القرآن وتعليمه , 26/04/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *