هل يجوز الاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف

هل يجوز الاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف، أمرٌ يعترض الكثير من المسلمين خلال حياتهم، وهو من الأمور التي من الضروريّ لكل المسلمين معرفة حكمها وبيانها الشّرعي، ولقد انتشر بين المسلمين عادة الاحتفال باليوم النبوي الشريف، حيث تكثر الولائم والاحتفالات في هذا اليوم دون التّأكّد من جواز ذلك من عدمه، فالمسلمون من شدّة حبّهم برسول الله احتفلوا بيوم مولده، وفي هذا المقال سيُطلعنا موقع المرجع على حكم الاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف.

متى ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم

وُلد النبي -صلى الله عليه وسلم-  في عام الفيل يوم الإثنين من شهر ربيع  الأوّل، وهو القول الغالب بين علماء المسلمين، حيث أنّهم اتّفقوا على ولادته في يوم الاثنين من أيام الأسبوع، ورجّحوا أنّه وُلد في ربيع الأول، لكن الخلاف بين أهل العلم كان كبيرًا في شأن ولادته -صلى الله عليه وسلّم- في أيّ الأيّام من أيام ربيع الأول وُلد، فقد نقل الحافظ ابن كثير العديد من الأقوال المتباينة في تحديد ذلك اليوم، فقيل الثامن وقيل العاشر وقيل الثاني عشر وغيرها من أيّام ربيع الأول، لكنّ المشهور لدى المسلمين هو أنّه وُلد في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول والله ورسوله أعلم، ويتساءل المسلمون هل يجوز الاحتفال بيوم المولد النبوي.[1]

اقرأ أيضًا: هل يجوز الجمع والقصر للمسافر في منزله قبل السفر

هل يجوز الاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف

إنّ حكم الاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف غير جائزٍ في الإسلام وهو ممنوعٌ ومردود وهو بدعةٌ منكرة عند جهور العلماء، لكنّه مُختلفٌ فيه ضمن شروطٍ معيّنة عند بعض أهل العلم فمنهم من أجازه ومنهم من قال بكراهته، وقد استحدثها المسلمون لمكانة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في نفوسهم، فهو يحبّونه ويعظّمونه أكثر من أنفسهم وأهليهم، لكنّ لا بدّ من فهم المسلمين أنّ حبّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- يكون باتباعه والاهتداء بهديه:[3]

  • ادلّة على عدم جواز الاحتفال بيوم المولد النبوي:
  • لم يرد في سنّة النّبي -صلى الله عليه وسلّم- ولا عن الصحابة والتّابعين أنّ أحدًا احتفل يوم المولد النبوي، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “عليكم بسنتي وسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِييْنَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بها، وعَضُّوا عليها بالنَّوَاجِذِ، وإيَّاكُم ومُحْدَثَاتِ الأمورِ؛ فإِنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ”.[2] والاحتفال مُحدث أحدثه بعض النّاس من الفاطميين.
  • إنّ الاحتفال بالمولد النبوي تشبّه بالنّصارى باحتفالهم بذكرى مولد المسيح -عليه السلام- والتّشبّه بالنّصارى محرّمٌ في الإسلام.
  • إنّ الاحتفال بيوم المولد النبوي بجانب أنّه بدعة وتشبّه بالنّصارى، فإنّه من وجوه الغلوّ والمبالغة في تعظيم رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وهذا الأمر نهى عنه النّبيّ أشدّ النّهي؛ وكذلك جاء نصّ تحريم الغلوّ في القرآن واضحًا وصريحًا.
  • أدلة على جواز الاحتفال بيوم المولد النبوي:[11]
  • قال الجيزون للاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- كان يحتفل به على طريقته، حيث كان يصوم يوم الاثنين ولمّا سُئل عنه قال إنّه يومٌ وُلدت فيه، فيجوز إحاء ذكر هذا اليوم بعبادةٍ معيّنة دون مخالفة الشرع.
  • إنّ الفرح والسّرور بالولادة أمرٌ فطريٌّ لدى البشر، فالاحتفال بيوم المولد النبوي تعبيرٌ عن الفرح والسّرور بولادته.
  • إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- رسول الرّحمة للعالمين، وقد أمر الله -سبحانه وتعالى- أن يفرح المسلمون بفضله ورحمته، وبذلك يفرحون بفضل الله ورحمته بإرساله للنّبي.

اقرأ أيضًا: هل يجوز وضع مزيل العرق قبل الإحرام

أقوال العلماء في عدم جواز الاحتفال المولد النبوي الشريف

إنّ معظم أهل العلم ذهبوا لعدم جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وكان لهم أقوالٌ واضحة في ذلك نذكر منها:

  • قول ابن تيمية: إنّ ما يُحدثه الناس في المولد النبوي مضاهاةٌ للنّصارى في ميلاد عيسى بن مريم -عليه السلام- وإمّا محبة للنّبي -صلى الله عليه وسلم- وقد يثيبهم الله على هذه المحبة والاجتهاد، لا على البدع من اتخاذ مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- عيدًا فإنّ هذا لم يفعله السّلف مع قيام المقتضى له وعدم المانع منه، ولوكان خيرًا محضًا أو راجحًا لكان السّلف أحقّ به منّا.[4]
  • قول ابن باز: يقول الإمام بن باز إنّ الاحتفال بالمولد النبوي غير مشروع بل هو بدعة، ولم يفعله النّبي -صلى الله عليه وسلّم- ولا أصحابه، فالاحتفال بالموالد بدعةٌ غير مشروعة، والنبّي هو الدّاعي إلى كلّ خير وهو المرشد للأمّة، وقد بعثه الله بشيرًا ونذيرًا وسراجًا منيرًا، ولم يُرشد أمّته للاحتفال بيوم مولده لا في حياته ولا بعد مماته، ولم يفعله أحدٌ من الصّحابة.[5]
  • قول الشيخ ابن عثيمين: إنّ ليلة مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- غير معروفةٍ على وجه القطعي، فلا أصل للاحتفال بها من ناحية التّاريخ، ولا أصل للاحتفال بالمطلق في الشّرع ولوكان له أصل لاحتفل به رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- ولا يجوز للمسلم أن يزيد على ما جاء به رسول الله في الدّين، فالدّين قد اكتمل قبل وفاة النّبي -صلى الله عليه وسلم- فلا يجوز للمسلم أن يتعبّد ببدعة مُحدثة ولا أن يُحدث ويبتدع في العبادة.[6]

اقرأ أيضًا: هل يجوز الترحم على الكافر

أقوال العلماء في جواز الاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف

أجاز بعض أهل العلم الاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف، من أهل العلم المتقدّمين ومن المعاصرين، وقد قاموا بتأليف الكتب حوله ككتاب مولد ابن كثير، ومولد العروس لابن الجوزي، ومن أقوال المُجيزين في يوم المولد النبوي ما يأتي:

  • قول الإمام السيوطي: إنّ أصل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يكون باجتماع الناس لقراءة القرآن، والأستماع لسيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتّفكّر بمعجزاته واتّباع سنّته، ثم الانصراف من غير الزيادة على ذلك فيقوم المسلم بارتكاب البدع.[9]
  • الإمام حافظ بن حجر: بالرّغم من أنّه قال إن المولد النبوي بدعة، ولم يكن لها وجود في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكنّه أجاز الاحتفال به، واعتبره بدعة حسنة بشرط اجتناب المخالفات الشرعيّة فيه.
  • قول دائرة الإفتاء الأردنية: يقول المفتي العام السّابق الأردني نوح علي سلمان في حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، إنّ الاحتفال بالمولد النبوي أسلوب حضاري للتّعبير عن محبّة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- مع الحرص كلّ الحرص على عدم تضمّنه مخالفات شرعيّة، حيث بإمكان المحتفلين أن يكتفوا بتلاوة القرآن والإكثار من الصلاة على النبي، وتذاكر سيرته والتّناصح بالتّمسك بهديه.[10]

اقرأ أيضًا: هل المولد النبوي بدعة

من أول من احتفل بالمولد النبوي الشريف

بعد معرفة هل يجوز الاحتفال بيوم المولد النبوي سيتمّ التّعرف على من أول من احتفل بالمولد النبوي، حيث أنّ أوّل من أحدث المولد البدعي وابتدعه هم الرّافضة العبيديّون الذين يُسمّون الفاطميّين، فالاحتفال بيوم المولد النبوي ممّا أحدثه النّاس في القرون المتأخّرة بعد القرون الثّلاثة الأولى، فلم يكن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- ولا صحابته الأبرار ولا في قرون التّابعين، ومن جاء بعدهم من العلماء والأئمة ولا المحدّثين يحتفلون بهذا اليوم، وإنّما وُجد هذا الاحتفال في القرن الرابع الهجري، حيث ابتدعه أحياه الصّوفيّة بدعةً واحتفالًا بيوم مولد النبي، فالأصل في ابتداعه للشّيعة في أوّل الأمر والله ورسوله أعلم.[7]

اقرأ أيضًا: هل يجوز الافطار في صيام التطوع

مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

قد رأى بعض أهل العلم المُعاصرين جواز الاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف، ولكن ضمن شروط معيّنة، فلا بدّ للاحتفال بالمولد النّبوي أن يتمّ الابتعاد عن كلّ ما فيه معصية لله -سبحانه وتعالى- والابتعاد عن الغلو في مدح النّبي -صلى الله عليه وسلم- وحبّه، حيث يكون الاحتفال بالمولد الشريف بتلاوة آيات القرآن الحكيم، وتذاكر السيرة النبوية الشريفة، والدّعوة للتّمسك بالدّين، والإكثار من الصّلاة على النّبي والإكثار من الدّعاء، وجعل هذه المناسبة تذكيرًا للمسلمين للاقتداء بهدي النّبي -صلى الله عليه وسلّم- واتّباع سنّته، ويجوز الإنشاد بما هو مُباح، وتقديم الحلوى من الكماليّات لإظهار الفرح والسّرور لا مانع منها، فإطعام الطّعام أمرٌ مُستحبٌّ شرعًا والله ورسوله أعلم.[8]

إلى هنا نصل لنهاية المقال الذي تمّ فيه الإجابة على هل يجوز الاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف، وعرّف المقال بتاريخ ولادة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وعرض أقوال أهل العلم في عدم جوازه، كما عرّف بمن أوّل من ابتدع الاحتفال بمولد النبي، وختم ببيان مظاهر الاحتفال فيه التي أباحها بعض أهل العلم.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *