هل يجوز ذبح الاضحية في بلد اخر
جدول المحتويات
هل يجوز ذبح الاضحية في بلد اخر سؤالٌ على كلّ مسلمٍ ومسلمة أن يعرف جوابه، بمناسبة حلول شهر ذي الحجّة واقتراب موعد عيد الأضحى وهو يوم النّحر، والأضحية في يوم النّحر هو ما يقوم المسلم بتقديمه وذبحه في سبيل الله من بهيمة الأنعام، من البقر والإبل والأغنام؛ ممّا سخّر الله لعباده، وفق ضوابط ومعايير محدّدة، حددها الشّرع الحكيم بما فيه مصلحة المسلمين، وسيقوم موقع المرجع في هذا المقال بالإجابة عن سؤال هل يجوز ذبح الأضحية في بلدٍ آخر، وسيبيّن لنا حكم الأضحية وشروطها وبعض أحكامها.
حكم الأضحية
قبل معرفة هل يجوز ذبح الأضحية في بلد آخر أم لا، ينبغي معرفة حكم هذه الشّعيرة العظيمة، فالأضحية من شعائر الإسلام العظيمة، سنّها نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام- وفيها أطاع ربّه، فافتدى له ابنه بذبحٍ عظيم، وفي هذه الطّاعة خيرٌ وبركة، وعلى المسلم أن يهتمّ لشأنها، فالأضحية هي ما يذبح من بهيمة الأنعام من إبلٍ أو بقرٍ أو غنم، وذلك تقرّباً لله -سبحانه وتعالى- والأضحية سنّةٌ مؤكّدة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- وهذا الوارد في أقوال معظم أهل العلم، وهي مطلوبةٌ من الحيّ في وقتها عن نفسه وعن أهل بيته، وله أن يُشرك في ثوابها من شاء من الأحياء والأموات، وأمّا بالنّسبة للتضحية عن الميّت، فإن كان قد أوصى بها من ثلث ماله فتُنفّذ وصيّته، وإن لم يكن قد أوصى وأراد المسلم أن يضحّي عن الميّت، فذلك حسن وهو من باب الصّدقة عنه والإحسان إليه، ومن السّنة أن يُشرك المسلم الأحياء والأموات من أهل بيته بثواب أضحيته، وإنّ مما ورد في الضّحيّة من أقوال أهل العلم أنّ ذبحها والتّصدّق بلحمها أفض من التّصدّق بقيمتها.[1]
اقرأ أيضًا: حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي
هل يجوز ذبح الاضحية في بلد اخر
إنّ جواز ذبح الأضحية في بلد آخر هو الخلاف في ذلك، فالأفضل للمسلم أن يذبح أضحيته بنفسه، لكنّه من الجائز له أن يستنيب من يقوم مقامه في ذبح أضحيته واختلف أهل العلم في ذلك فبعضهم من أجاز ذبح الأضحية في بلد آخر وبعضهم قال بعدم جواز ذلك، فقد روي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الذي رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- حين قال: “ضَحَّى النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ واضِعًا قَدَمَهُ علَى صِفَاحِهِمَا، يُسَمِّي ويُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُما بيَدِهِ”[2]
فهذه الرّواية تنصّ على أنّه من المستحبّ للمسلم أن يقوم بذبح أضحيته بنفسه، وقد وردت بعض الأحاديث التي يُذبح فيها عن رسول الله، وفيها جواز أن ينوب أحدٌ بالذّبح عن المسلم، وأمّا التّضحية خارج البلاد، أو في بلدٍ آخر غير بلد المسلم المضحّي، فقد اختلف في ذلك أهل العلم، وتعدّدت مقالاتهم ورواياتهم، وكلٌّ منهم أتى بحجّته وأقوالهم هي:[3]
- القول الأول: يكره نقل الأضحية من بلدٍ إلى بلد، إلّا أن يقوم المسلم بنقلها إلى أهله، أو إلى قومٍ أحوج من قومه، ولو تمّ ذلك، فهو يجزئ لكنّه مكروه، وأصحاب هذا القول هم أصحاب المذهب الحنفي.
- القول الثّاني: لا يجوز نقل الأضحية لمسافة قصرٍ فأكثر، إلا بشرطٍ واحد هو أن يكون أهل ذلك الموضع أشدّ حاجة من أهل موضع المضحّي، فيجب بهذه الحال نقل الأكثر لهم وتفرقة الأقلّ على أهله، وأصحاب هذا القول هم أصحاب المذهب المالكي.
- القول الثّالث: يجوز نقلها لأقلّ من مسافة القصر، في البلد الذي فيه المال، ويحرم نقلها إلى مسافة القصر، وأصحابه هم الحنابلة والشّافعيّة.
- وقد أجمع أهل العلم في الوقت الحاضر على جواز التّضحية خارج البلد لتعطي الأضحية لمن هم أشدّ حاجة وعوزاً من المسلمين، لكن من الأفضل للمضحّي أن يحضر أضحيته وذبحها ويأكل منها، وجواز نقلها يحمل المبدأ الذي يقوم عليه الإسلام وهو تقديم المصالح والعناية بفقراء المسلمين، ومن المصلحة في هذا الباب نقل الأضاحي لمن هم أشدّ عوزاً والله ورسوله أعلم.
اقرأ أيضًا: هل قص الشعر والأظافر يبطل الأضحية
شروط الأضحية
بعد معرفة جواب هل يجوز ذبح الأضحية في بلد آخر سيتمّ التّعرّف على تفاصيل شروط الأضحية، روت أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما عملَ آدميٌّ منْ عملٍ يومَ النحرِ، أحبَّ إلى اللهِ منْ إهراقِ الدمِ إنها لتأتي يومَ القيامةِ بقرونِها، وأشعارها، و أظلافِها، وإن الدمَ ليقعَ من اللهِ بمكانٍ، قبلَ أن يقعَ على الأرضِ، فطيبُوا بها نفسًا”[4] فالذبح لله تعالى والتّقرّب إليه بالقرابين من أعظم العبادات وأجلّها، ولكن على المسلم أن يراعي شروطاً حددّها الشرع الحكيم في أضحيته، وفي نفس من نوى الأضحية، ومن تلك الشروط:[5]
- أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام كالغنم والبقر والإبل، ولا تجوز في الدّواجن وغيرها كالطيور.
- أن تكون قد بلغت سنّاً معيّنة، فللإبل أن تكون خمس سنواتٍ وأكثر، وللبقر سنتين وأكثر، والمعز ما بلغ سنةً وأكثر، أمّا الضأن فما بلغ ستّة أشهرٍ ودخل السّابع.
- أن تكون سالمةً من كلّ عيبٍ مانع، ذكر النّبي -صلى الله عليه وسلّم- فيما رواه البراء بن عازب قوله: “أربعٌ لا يجْزينَ في الأضاحي: العوراءُ البيِّنُ عورُها، والمريضة البيِّنُ مرضُها، والعرجاء البيِّن ظلعُها والعجفاء التي لا تُنْقي”[6] فكلّ بهيمةٍ تضمّنت أحد هذه العيوب لا تجزئ الأضحية.
- أن يتمّ التّضحية في الوقت الذي حُدّد شرعاً وهو من بعد صلاة العيد في يوم النّحر إلى غروب شمس آخر يومٍ من أيّام التّشريق، فما ذبح في غير هذا الوقت يكون ذبحاً للحم، ولا يكون أضحية.
- وجود النّية وعقدها فما ذُبح بغير نيّة يكون ذبحاً للحم والنّيّة تجزئ القربة.
اقرأ أيضاً: هل يجوز قص الأظافر في العشر من ذي الحجة
فضل الأضحية والحكمة منها
بعد معرفة جواب هل يجوز ذبح الأضحية في بلد آخر والتّطرّق لشروط الأضحية سيتم ذكر فضل الأضحية والحكمة منها، فالأضحية من الذّبح ممّا شرّعه الله -سبحانه وتعالى- وحبّب فيه، وهي من أفضل العبادات وأشدّها ثواباً عند الله، فقد قال -سبحانه- وتعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.[7] والمقصود بالنّسك هنا كما فسّرها العلماء الذّبح فهو فيصل بين الحق والباطل، وقد ربطه الله بالصّلاة وهي أحد أركان الإسلام الخمسة، وقد شرّعها الإسلام، وكان من حكمة مشروعيّتها:[8]
- إحياء سنّة إبراهيم -عليه السّلام- عندما امتل لأمر الله بذبح ولده إسماعيل، وعندما امتثل لأمره، وهمّ بذبحه افتداه الله بكبشٍ عظيمٍ من السّماء، فكانت سنّة التّضحية إلى يوم الدّين.
- بالأضحية توسعةٌ على النّاس من الفقراء وأهل بيت المسلم في أيّام العيد، وذلك لما يندب منها، ويتصدّق ويهدي لجيرانه ويطعم أهله.
- إنّ المضحّي ينال بأضحيته الأجر والثّواب، ويغفر الله له من الذّنوب ما يغفر، ويشارك ثواب أضحيته مع الأموات والأحياء من أهله فهي بركةٌ في الدّنيا وثوابا للآخرة.
وهنا نكون قد وصلنا لنهاية المقال الذي تمّ الإجابة فيه عن السّؤال المطروح هل يجوز ذبح الأضحية في بلد آخر، فأبلغ المقال بالشّرح عن هذه المسألة، وبيّن للمسلمين حكم الأضحية، وعدد شروطها، وختم بذكر فضلها والحكمة من مشروعيّتها.
المراجع
- islamqa.info , أحكام الأضحية , 01/06/2024
- صحيح البخاري , البخاري/أنس بن مالك/5558/ صحيح
- islamqa.info , ذبح الأضحية خارج البلد , 01/06/2024
- الجامع الصّغير , السيوطي/ عائشة أم المؤمنين/7930/ حسن
- aliftaa.jo , مختصر أحكام الأضحية في الفقه , 01/06/2024
- صحيح الجامع , الألباني/ البراء بن عازب/ 886/صحيح
- سورة الأنعام , الآية 162
- alukah.net , حكام الأضحية في الشريعة الإسلامية (1) , 01/06/2024
التعليقات