أسباب عدم الزواج المبكر

أسباب عدم الزواج المبكر من أهم الأمور التي تجول بعقل أهالي الشباب خاصة في الوقت الحالي فقديمًا كان أهل الريف والحضر يتزوجون في أعمار صغيرة إلى حد كبير وعلى الرغم من أن أهالي الريف كانوا يبالغون في تزويج فتياتهم في عمر صغير إلا أنهم في العام كانوا يزوجون الرجل بمجرد أن يشتد عوده ولكن في العصر الحالي طفت ظاهرة تأخر سن الزواج على سطح جميع المجتمعات مما جعل الكثير من الأهالي يبحثون عن سبب تلك الظاهرة وفي هذا المقال يقوم موقع المرجع بتوضيح أسباب تأخر الزواج عند الرجال والنساء، والتطرق لتلك الظاهرة وشرح إيجابياتها وسلبياتها.

مفهوم الزواج

الزواج هو رابطة دينية وقانونية تنشأ بين الذكر والأنثى على يد رجل دين مختص حسب معتقدهما ويقيم رجل الدين طقوسًا يحل بها للرجل والمرأة الاستمتاع ببعضهما البعض وبناء أسرة ويترتب على هذا الزواج واجبات تقع على عاتق الرجل وواجبات تقع على عاتق المرأة كما أنهما يشتركان سويًا في تربية أبناءهما، ورابطة الزواج لا تنفك إلا عن طريق الطلاق أو الموت علمًا بأن بعض الديانات لا تسمح بالطلاق أصلًا والبعض الآخر يقيده بخلاف دين الإسلام فهو يبيح الطلاق لمجرد مخافة الفتنة في الدين لعدم القدرة على الإحسان إلى الزوج.

أسباب عدم الزواج المبكر

يحاول الكثير من الآباء في هذا الوقت أن يقوموا بإقناع أبناءهم سواء الفتيات أم الذكور بالزواج لكنهم غالبًا ما يصدمون برفض هؤلاء الأبناء لفكرة الزواج استنادًا على كونهم ما زالوا صغار السن مما يحير آباءهم ويجعلهم لا يستطيعون الوصول إلى ما في عقل هؤلاء الأبناء وإقناعهم وفيما يلي نقوم بتوضيح أسباب تراجع عدد الأشخاص الذين يتزوجون في مقتبل حياتهم والأسباب هي:[1]

الأسباب الاقتصادية لعدم الزواج المبكر

في الحقيقة تتنوع الأسباب الاقتصادية التي تمنع الشباب من الزواج في العصر الحالي إلى العديد من الأسباب الاقتصادية فمع زيادة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار بالإضافة إلى الاختراعات المتلاحقة وتحديثاتها أصبح راتب الشباب لا يكفي لعمل أي شيء ولا شراء ما يرغبون بشرائه ويمكن تفصيل الأسباب الاقتصادية لتأخر الزواج في:

وجود الكثير من أدوات الترفيه

عندما كانت الأجيال السابقة تتزوج كانوا لا يكلفون أنفسهم بشراء الكثير من الأشياء فحتى الأجهزة الكهربائية كانت لا تتعدى الجهازين أو الثلاثة مما لا يجعل أهل العروسين محملين بالكثير من المصارف بعكس الوقت الحاضر الذي يوجد فيه عشرات الأجهزة اللازمة للحياة بالإضافة إلى الأجهزة الترفيهية التي تتحول مع مرور الوقت لعبء على كاهل العروسين وعائلاتهم وغالبًا ما يرفض الشاب والفتاة الزواج من دون تلك الأجهزة حتى لا يشعروا أنهم أقل ممن في سنهم أو لرغبتهم في بداية حياتهم الزوجية بأفضل صورة ممكنة.

شاهد أيضًا: ما هي تمارين الكيجل للبنات الغير متزوجات وكيفية ممارستها

عدم قدرة الأهل على توفير كل متطلبات العروسين

يحتاج الشاب والفتاة إلى الكثير من الأشياء ليتزوجوا كما سبق بيانه وفي نفس الوقت لا يستطيع الأهل إنفاق كل تلك الأموال الطائلة مما يجعل الشاب والفتاة يحجمون عن الزواج حتى يصنعوا ما يكفي من المال لشراء ما يريدانه ولا يضطران لبداية حياتهما بإمكانيات صعبة يتم حرمانهما فيها من المميزات الموجودة بالفعل في منازل أهاليهم فهم يفضلون الاستمتاع بما في أيديهم فعلًا من المميزات بدلًا عن خسارتها ومحاولة تكوينها مرة أخرى من الصفر .

الخوف من المسؤولية المادية

يعرف الشاب جيدًا أنه بأخذ قرار الزواج سيفقد إمكانية طلب الأموال من والده بالإضافة لكونه سيكون مضطرًا للعمل ومضغوطًا حتى يقوم بالإنفاق على بيته وأولاده مما يجعله خائفًا من هذه الخطوة بينما تعرف الفتاة جيدًا إنها قد تلاقي بعض شظف العيش بما أنها وزوجها صغيران في السن وما زالا في بداية حياتهما لذلك تفضل المكوث في منزل أهلها حتى يصير معها ما يكفي من المال لتأمين نفس المستوى المعيشي ثم تتزوج بعدها.

الأسباب الثقافية لعدم الزواج المبكر

كما يوجد العديد من الأسباب الاقتصادية التي تدفع الشباب لعدم الزواج فإن تغير الثقافة عما كانت عليه قد لعب دورًا كبيرًا أيضًا في هذا الأمر ولذلك يمكننا أن نقول إن عدم الزواج المبكر قد اعتمد في الأساس على تغير أولويات الشباب في هذه الأيام واختلاف عقولهم عن عقول من سبقوهم من الأجيال ويقصد بتغير الأولويات واختلاف العقول ما يلي:

الرغبة في إكمال التعليم

قديمًا كان الشباب بالكاد يكملون تعليمهم الثانوي وهو ينتهي عند سن السابعة عشر أو الثامنة عشر عامًا على أقصى تقدير ثم يتوقفون عن التعلم مما يجعلهم يتجهون لسوق العمل لكسب المال ويبحثون عن زوجة لتقوم على راحتهم ويبدأو معها حياتهم إما الفتيات فكانت النسبة الأكبر منهن أميات بينما لا تتجاوز المتعلمات غالبًا المرحلة الابتدائية، وهذا كله بعيدًا عن الذكور والإناث الذين لم يتسن لهم الحصول على أي قدر من التعليم أصلًا ولكن في العصر الحالي أصبح التعليم الأكاديمي ضرورة من ضرورات الحياة بل إن المعظم لا يكتفي به ويحاول أن يتبع هذا التعليم بالدراسات العليا ومع كون الشاب والفتاة مشغولان بتحصيل العلم يتأخر زواجهما حتى يقوما بالانتهاء من كل تلك المراحل الدراسية.

شاهد أيضًا: فسخ عقد الزواج وأسبابه وشروطه وإجرائاته في السعودية

الاهتمام بعقلية شريك الحياة

لقد قرب وجود الانترنت الأشخاص من بعضهم بصورة كبيرة كما قضى على الجهل بشكل كبير لذلك أصبح يوجد الكثير من الأفكار حول الإنسان يتبنى من تلك الأفكار ما يناسبه مما جعل الشباب في سن الزواج راغبين في الارتباط بشخص متشابه معهم في أسلوب التفكير حتى لا يحدث بينهم الاختلافات والمشاكل التي قد تؤدي إلى الطلاق بسبب عدم قدرتهما على التفاهم مع بعضهما البعض.

الرغبة في التزوج عن حب

لقد انتشرت الروايات والمسلسلات والأفلام التي تحكي قصص العشاق وتنتهي بنهايات سعيدة بصورة كبيرة في العصر الحالي مما جعل أغلب الشباب راغبين في أن يعيشوا مثل تلك القصص قبل أن يتزوجوا فيكون للشاب حبيبة أو يكون للفتاة حبيب ترغب في الزواج منه وتحلم به بدلًا من طرق الزواج التقليدية التي تقوم على أن يتقدم الشاب للفتاة لمجرد حُسنها وطيبة أصلها، وساعد على هذا اختلاط الفتيات بالفتيان في الكثير من الأماكن كالجامعات وأماكن العمل كما فتحت مواقع التواصل الاجتماعي بابًا لاتصال الفتيات والفتيان بصورة أسهل حتى إذا كانوا لم يلتقوا قبلًا في الحياة الواقعية.

شاهد أيضًا: دعاء تيسير الزواج من شخص معين

التوعية ضد الزواج المبكر

ظهرت الكثير من الحملات التي تقوم بتوعية الشباب والفتيات ضد خطر الزواج المبكر فهو قد يؤدي إلى الكثير من الأضرار المادية والنفسية على الذكر والأنثى وانتشرت تلك الحملات بصورة كبيرة في المدارس والانترنت وغيرها من الأماكن وفي المجمل تحث هذه الحملات الفتيان والفتيات على التخلي عن فكرة التزوج حتى يكون الشاب والفتاة مستقرين ماديًا وتخلصوا من مشاعر المراهقة عاطفيًا حتى لا يمروا بتجربة فشل الزواج والطلاق.

إيجابيات عدم الزواج المبكر

على الرغم من انزعاج الكثير من الأهالي من فكرة تأخر زواج أبنائهم إلا أن عدم الزواج المبكر له العديد من الإيجابيات وهي:

• رفع الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسر: بسبب انتظار الشاب والفتاة وعدم تسرعهم في الزواج أثناء بناء مستقبلهم ارتفع مستوى التعليم ارتفاعًا كبيرًا في العديد من الدول مما جعل اقتصاد تلك الدول يرتفع أيضًا وقضى بشكل كبير على التفرقة الطبقية بين الأشخاص.
• تقليل معدلات الطلاق: يغير الإنسان رأيه كثيرًا عندما يكون ما زال في بدايات الشباب أو نهايات المراهقة لذلك فتأخير الزواج يترتب عليه أن اختيار الشريك عادة ما سوف يكون اختيارًا مناسبًا مما يجعل فرص إكمال الزواج أكبر.
• الوعي عند تربية الأطفال: لا يستطيع شخص ما زال في مقتبل العمر أن يربي طفلًا بصورة سليمة لأن فكره هو نفسه ما زال في طور التكون لذلك فإن تأخير الزواج يضمن إلى حد كبير قدرة الزوجين على الاعتناء بالأطفال وتربيتهم بصورة سليمة.

سلبيات عدم الزواج المبكر

على الرغم من كون عدم الزواج المبكر هو الناتج الطبيعي لتطور المجتمعات الإنسانية للأفضل إلا أنه ومع ذلك له العديد من السلبيات وهي:

• ظهور أبناء الزنا: الزواج هو عفاف للرجل والمرأة من الوقوع في الخطأ لذلك كثيرًا ما يؤدي تأخير الزواج إلى عدم قدرة الشاب والفتاة على كتمان شهوتهما فتخرج في صورة محرمة وينتج عنها طفل يعاني وحده إذا تنكر له الأبوين أو يعاني هو وأمه من الوصم المجتمعي.
• رفع معدلات الاكتئاب: الزواج والارتباط هما فطرة الله التي فطر الناس عليها فالرجل والمرأة يكملان بعضهما ويهونان على بعضهما الحياة وتأخير هذا الارتباط قد يصيب الكثير من الشباب بالاكتئاب ويجعلهم غير قادرين على مواصلة حياتهم وليس لديهم الطاقة للتقدم فيها.
• ضياع أجمل أيام العمر: عندما يتزوج الإنسان وهو صغير في السن يكون لديه الكثير من الطاقة للمرح والخروج والمزاح والضحك بعكس زواجه بعد أن يتقدم به العمر فتأخير الزواج سيتسبب في أن يقضي الإنسان الوقت الذي هو ممتلئ فيه بالطاقة وحيدًا ثم يرتبط بعد أن تكون طاقته قد تلاشت أو كادت تتلاشى.

شاهد أيضًا: ما هو زواج البارت تايم وما أسبابه ورأي الشرع به

تجربتي مع تأخير الزواج

في هذا الجزء من المقال نقوم بنقل تجربة إحدى الفتيات التي قد تزوجت متأخرًا حيث تحكي عن تجربتها مع هذا الزواج وعن رأيها في تلك التجربة فتقول:

• أنا فتاة من أسرة متوسطة لا هي بفاحشة الثراء ولا مدقعة الفقر تعلمت في مدارس عادية ولم يكن مستواي مختلفًا اختلافًا كبيرًا عن أترابي من الفتيات.
• عندما وصلت إلى نهاية المرحلة الثانوية لاحظت خطبة العديدات من صديقاتي وبعض فتيات عائلتي وبدأت أحن للحب والاستقرار ثم الزواج والإنجاب مثلهم خاصة مع تمتعي بالجمال وتقدم العديد من الفتيان لخطبتي، ولكن في الحقيقة رفض والدي هذا الأمر رفضًا باتًا.
• فعلى الرغم من أن والدي لم ينل قسطًا كبيرًا من التعليم إلا أنه كان مؤمنًا بوجوب انتهاء دراستي قبل التفكير في الارتباط وكان يرى أن التعليم هو سلاح الإنسان ضد قسوة الحياة فالمرأة المتعلمة تربي أبناءً متعلمين يفيدون الأمة ولا تقبل الظلم والطغيان لقدرتها وقت اللزوم على إعالة نفسها.
• في الحقيقة بكيت كثيرًا في هذا الوقت وظننت أنني لن أجد الزوج الذي أحبه واستقر معه أبدًا ولكن رأي أبي كان قاطعًا لا يتزحزح التعليم ثم أي شيء في العالم، كان أبي يخبرني دائمًا أن الأطفال لا يتزوجون ولا ينجبون الأطفال بل يجب عليهم أن يكبروا أولًا.
• ظل الحال كما هو عليه إلى أن تخرجت وقررت البحث عن عمل حتى أقوم بتزجية الوقت واكتساب الخبرات من خلال التعامل مع الناس وهناك قابلت زوجي الحالي الذي أبهرني منذ أن رأيته ومع ذلك لم يتخط التعامل بيننا إطار الزمالة المحضة إلى أن فوجئت به ذات يوم يطلب مني رقم الهاتف الخاص بوالدي وفي خلال أشهر قليلة تم الزواج.
• حاليًا أنا غير نادمة على قرار تأجيل الزواج حتى الانتهاء من الدراسة فقد فهمت ما كان يتحدث عنه والدي فأنا الآن قادرة على التواصل مع زوجي فكريًا مما جعلنا مقربين للغاية كما أنني أعرف كيف أتعامل مع أولادي بأحدث طرق التربية الحديثة ناهيك عن احترام أولادي لي وثقتهم في لعلمهم بكوني امرأة متعلمة ومثقفة.

يعتبر الزواج أهم خطوة في حياة الإنسان فعلى أساسه سيتم تحديد مستقبله ليكون مستقبلًا سعيدًا ومشرقًا أو مستقبلًا مظلم مليء بالشجارات وعدم الاستقرار العاطفي والنفسي وربما يصل الأمر في بعض الأحيان إلى اللجوء للقضاء أيضًا وقد بينا في هذا المقال أسباب عدم الزواج المبكر حتى يستطيع كل شخص أن يقرر إذا كان سيتزوج باكرًا أم سيؤخر زواجه حتى يضمن وصوله لمرحلة النضج والاستقرار العقلي كما يستطيع كل أب وأم أن يقرأوا هذا المقال إذا أرادوا استيعاب طريقة تفكير أبناءهم واختلاف أسباب وميعاد الزواج في هذا العصر مقارنة بالعصر الذي قاموا بالتزوج فيه.