حديث ناقصات عقل ودين صحيح مسلم
جدول المحتويات
حديث ناقصات عقل ودين صحيح مسلم ، وهو الحديث الّذي قد حدث فيه الكثير من سوء الفهم لمعانيه، ممّا أدّى إلى نقاشاتٍ وحواراتٍ خاطئةٍ تُظلم بها المرأة على عكس ما جاء به الحديث النّبويّ الشّريف، فلقد كرّم الله تعالى النّساء، ورفع من شأنهم، وردّ لهم ما سُلب من حقوقهم في الجاهليّة، ويساهم موقع المرجع في تصحيح الفهم الخاطئ لهذا الحديث، من خلال بيان شرحه، ومقاصد الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- منه، كذلك معرفة مدى صحة حديث ناقصات عقل ودين وصحّة متنه ومصطلحاته وأحكامه الواردة فيه.
النساء ناقصات عقل ودين
كثيراً ما يتداول النّاس بين بعضهم البعض جملة “النّساء ناقصات عقلٍ ودينٍ” دون معرفة معناها الحقيقيّ الّذي قصده رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ودون العودة لشرح الحديث الصّحيح الوارد في الصّحيحين وغيرهما، ممّا يؤدّي إلى شعور المرأة بالإهانة والظّلم، وذلك خطأٌ جسيم، لأنّ دين الإسلام الحنيف قد رفع من مكانة المرأة، وردّ إليها حقوقها المسلوبة، وليس كما يروّج الكثير من العلمانييّن والملحدين، بأنّ الإسلام قد ظلم المرأة وفضّل الرجل عليها، فالصّحيح من الأمر أنّ الإسلام قد فضّل الرّجل على المرأة في بعض الأمور، وذلك نظراً لتكوينهما المختلف، سواءً من النّاحية الخلْقيّة والبدنيّة، أو النّاحية النّفسيّة والعقليّة، كذلك قد أمر الدّولة الإسلاميّة بحفظ حقّها وحمايتها من الاعتداء، وضمان أمانها، كذلك أمر الله تعالى الأب بحفظ ابنته، والرّجل بحماية زوجته، والأخ بمراعاة أخته، والابن بطاعة وبرّ أمّه، فكيف تكون مظلومةً وكلّ الرّجال في حياتها يحمونها ويربّونها ويدافعون عنها، ويعطفون عليها اتّباعاً لوصيّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم، ولا ننسى مسألة الإنفاق عليها فالرّجل سواءً كان أباً لها أو اخاً أو زوجاً أو ابناً، ملزمٌ بالإنفاق عليها، وتأمين السّكن والكسوة والمأكل، كذلك المهور عند الزّواج، وغيرها من المستحقّات المادّية، بجانب العاطفة والحنان والاهتمام، فكيف تشعر بالظّلم والهوان وسط كلّ هذا الرّعاية والاهتمام؟ وفيما سيأتي سنفصّل شرح حديث ناقصات عقل ودين صحيح مسلم.[1]
شاهد أيضًا: ما صحة حديث لا تقوم الساعة حتى يكتفي الرجل
حديث ناقصات عقل ودين صحيح مسلم
حديث ناقصات عقل ودين هو حديثٌ نبويٌّ مباركٌ صحيح، قد رُوي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والحديث هو: روى عبد الله بن عمر بن الخطّاب -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “يا مَعْشَرَ النِّساءِ، تَصَدَّقْنَ وأَكْثِرْنَ الاسْتِغْفارَ، فإنِّي رَأَيْتُكُنَّ أكْثَرَ أهْلِ النَّارِ فَقالتِ امْرَأَةٌ منهنَّ جَزْلَةٌ: وما لنا يا رَسولَ اللهِ، أكْثَرُ أهْلِ النَّارِ؟ قالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وما رَأَيْتُ مِن ناقِصاتِ عَقْلٍ ودِينٍ أغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ قالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، وما نُقْصانُ العَقْلِ والدِّينِ؟ قالَ: أمَّا نُقْصانُ العَقْلِ: فَشَهادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهادَةَ رَجُلٍ فَهذا نُقْصانُ العَقْلِ، وتَمْكُثُ اللَّيالِيَ ما تُصَلِّي، وتُفْطِرُ في رَمَضانَ فَهذا نُقْصانُ الدِّينِ”.[2] وسنعرض فيما يأتي شرح هذا الحديث المبارك، والمقاصد من متنه، كذلك شرح الأحكام الواردة فيه الموجّهة لفئة النّساء، من قبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
اقرأ أيضًا: صحة حديث لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة
شرح حديث ناقصات عقل ودين
ذات يومٍ مرّ النّبيّ جانب مجموعةٍ من النّساء، فكلّمهم، وأمرهم بالإكثار من ذكر الله -سبحانه وتعالى- واستغفاره وطلب العفو منه سبحانه، كذلك أمرهم بالإكثار من إخراج الصّدقات، وأخبرهم بأنه قد رآهم أكثر أهل النّار، أي رأى أن عدد النّساء في النّار أكثر بكثيرٍ من عدد الرّجال، فسألته إحدى النّسوة الّتي عُرفت بعقلها وسعة علمها، عن سبب كون النّساء هم أكثر أهل النّار، فأخبرها الرّسول الكريم بأنّ النّساء كثيرات اللّعن، أي النّساء، يدعين على غيرهم من النّاس باللّعن أي الطّرد من رحمة الله تبارك وتعالى، كذلك أنّ النّساء يكفرن العشير، أي ينكرن ما يتفضّل به أزواجهنّ عليهنّ، ويعيبون كلّ جميلٍ منه، ولا يشكرن لهم ما يعملون، وينكرن معروفهم معهنّ، وهذا منكرٌ ولا يجوز لها فعل ذلك إطلاقاً، بل عليها شكره والاعتراف بفضله وإن كان قليلاً، وأمّا عن قوله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّهنّ ناقصات عقل، فذلك لا يعني أنّها لا تفقه ولا تعلم شيئاً ولا تفهم، بل نقصان العقل هو حكم شرعيّ يُقصد به أن شهادة المرأة لا تساوي شهادة الرّجل حتّى تجبرها بشهادة امرأةٍ أخرى، أي أنّ شهادة الرّجل تعادل شهادة امرأتين، لأنّ في طبيعة المرأة النّسيان والزّيادة في الكلام أو النّقصان منه، أمّا الرّجل فذاكرته أقوى، وقد يشكّل هذا مفهوماً خاطئاً عند البعض، والحقيقة أنّ النّساء يمكن أن تفوق الرّجال بعلمها وذكائها، فنساء رسول الله -رضي الله عنهنّ- كنّ ذوات علم كبير، وكان بعض الصّحابة يرجعون إليهم لاستبيان بعض الأحكام والنّصوص الشّرعيّة، وقول رسول الله ناقصات دين، أنّ دينهنّ وواجباتهنّ الشّرعيّة قد تسقط عنهنّ في وقتٍ من الأوقات، وذلك بسبب فترة الحيض الشّهريّة الّتي تمرّ بها النّساء، وكذلك النّفاس بعد الولادة، فتمتنع عن الصّلاة والصّيام لفقدان عنصر الطّهارة، وهذا هو شرح الحديث كاملاً صحيحاً، والله أعلم.[3]
شاهد أيضًا: صحة حديث من ترك صلاة الفجر فليس في وجهه نور
الأحكام الواردة في حديث ناقصات عقل ودين
قد ذكرنا فيما سبق حديث ناقصات عقل ودين صحيح مسلم، مع تفصيلٍ لشرحه الصّحيح، والمقاصد الّتي أراد رسول الله أن يوصلها للمرأة المسلمة، ولقد أفاد هذا الحديث بالعديد من الأحكام، منها أنّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّ- قد أشاد بذكاء المرأة وبقدراتها العقليّة، ولم ينتقص منها ولم يحطّ من قدراتها، كما يقول بعض النّاس، كذلك أسدى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- نصحاً للنّساء بأن يتّقين الله تعالى في دينهنّ وأزواجهنّ، فلا يقصّرن قدر المستطاع، كما أشار رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى أنّ نقصان الدّين ليس ذنوباً أو معاصي أو غيره، وإنّما هو ما يطرأ على جسد المرأة من أمورٍ طبيعيّة، جعلها الله تعالى وسيلةً لأمور ٍخيّرةٍ أخرى كالحمل والإنجاب وغير ذلك، لذا فلا الرّسول ولا الإسلام قد انتقصا أو انتقدا المرأة ولا ظلماها في أيٍّ من حقوقها مهما كانت بسيطة، والله أعلم.[4]
شاهد أيضًا: صحة حديث الجنة تحت اقدام الامهات
مصطلحات حديث ناقصات عقل ودين
ضم حديث ناقات عقل ودين صحيح مسلم، العديد من المصطلحات والمفاهيم الّتي ينبغي للمسلمة أن تكون على دراية ٍبها، وأن تتجنّب فعلها ما استطاعت إلا ذلك سبيلاً، كذلك مفاهيم يمدح بها المرأة ويشيد بها، وسنذكر المفاهيم والمصطلحات تباعاً وهي:
- المرأة الجزلة: وهي المرأة ذات العقل واسعة العلم سديدة الرّأي، أي المرأة الحكيمة.
- اللّب: هو ذو العقل الحازم الواعي، حيث أشار الحديث بأنّ المرأة وإن كانت بنصف عقل، إلّا أنّها يمكن أن تهزم من كان صاحب ذكاءٍ وعقلٍ يقظ.
- اللّعن: من المعاصي العظيمة الّتي نهى الإسلام عنها، وهي الدّعاء والتّمنّي بالطّر من رحمة الله تعالى.
- العشير: هو الفضل والمعروف الّذي يقدّمه الزّوج لزوجته، فتكفره وتنكره ولا تعترف بجميله.
- ناقصات عقل: ما يكون لدى المرأة من ضعف الذّاكرة أو النّسيان، وعدم ضبط الكلام.
- ناقصات الدّين: التّقصير في العبادة بسبب الحيض والنّفاس.
اقرأ أيضًا: حديث شريف عن بر الوالدين
ما صحة حديث ناقصات عقل ودين
ورد في يما سبق حديث ناقصات عقل ودين صحيح مسلم، فبعض النّاس بسبب فهمهم الخاطئ لهذا الحديث، يشكّكون في بطلانه وينكرونه، فما مدى صحّة هذا الحديث الشّريف؟ حيث رُوي هذا الحديث بذات الرّواية والمتن في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، وكذلك ورد في صحيح البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه، كما رُوي بلفظٍ آخر يحمل نفس المعاني والأحكام، عن أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح التّرمذي، والحديث هو: ” أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ خَطبَ النَّاسَ فوعظَهُم ثمَّ قالَ : يا مَعشرَ النِّساءِ تصدَّقنَ فإنَّكنَّ أَكْثرُ أَهْلِ النَّارِ فقالَت امرأةٌ منهنَّ : ولمَ ذاكَ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ : لِكَثرةِ لعنِكُنَّ ، يعني وَكُفرِكُنَّ العَشيرَ . قالَ : وما رأيتُ مِن ناقصاتِ عَقلٍ ودينٍ أغلَبَ لِذَوي الألبابِ ، وذَوي الرَّأيِ منكنَّ ، قالت امرأةٌ منهنَّ : وما نُقصانُ عقلِها وَ دينِها ، قالَ : شَهادةُ امرأتينِ منكنَّ بشَهادةِ رجلٍ ، ونُقصانُ دينِكُنَّ ، الحيضَةُ ، تمكثُ إحداكُنَّ الثَّلاثَ والأربَعَ لا تصلِّي”.[5] ولذلك الرّوايات والشّائعات الّتي تقول لا صحّة لهذا الحديث ولا وجود له هي باطلة ومرفوضة، والله أعلم.[6]
وصية الرسول بالنساء
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على درايةٍ وعلمٍ عظيمٍ بضعف المرأة وحاجتها لمن يحميها ويعطف عليها، فهي مخلوقٌ هشٌّ جيّاش المشاعر والعاطفة، وقد أوصى الرّجال بهنّ كثيراً، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في حديث للرّجال: ” استوصُوا بالنِّساءِ خيرًا ؛ فإنَّ المرأةَ خُلِقَتْ من ضِلَعٍ ، وإنَّ أعْوجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعْلَاهُ ؛ فإنْ ذهبْتَ تُقِيمُهُ كسرْتَهُ ، وإنْ تركتَهُ لمْ يزلْ أعوَجَ ؛ فاسْتوصُوا بالنِّساءِ خيرًا”.[7] وفي حديث آخر، قال النّبيّ الكريم: “استَوصوا بالنِّساءِ خيرًا فإنَّهنَّ عندَكُم عَوانٍ ليسَ تملِكونَ منهنَّ شيئًا غيرَ ذلِكَ إلَّا أن يأتينَ بفاحشةٍ مبيِّنةٍ فإن فَعلنَ فاهجُروهنَّ في المضاجِعِ واضرِبوهنَّ ضربًا غيرَ مبرِّحٍ فإن أطعنَكُم فلا تَبغوا عليهنَّ سبيلًا إنَّ لَكُم مِن نسائِكُم حقًّا ولنسائِكُم عليكُم حقًّا فأمَّا حقُّكم على نسائِكُم فلا يُوطِئْنَ فرُشَكُم من تَكْرَهونَ ولا يأذَنَّ في بيوتِكُم لمن تَكْرَهونَ ألا وحقُّهنَّ عليكم أن تُحسِنوا إليهنَّ في كسوتِهِنَّ وطعامِهِنَّ”.[8] وبهذه الأحاديث المباركة وغيرها، أوصى رسول الله الرّجل بالنّساء بأن يحسنوا إليهم، لأنّهم سببٌ في دخولهم الجنّة، وأن يعطوهنّ ما لهنّ من حقوق ٍدون نقصان، وألّا يبغين ويفترين عليهنّ، ولا يكسرون قلوبهنّ ولا يأذوهنّ، وينبغي للمسلم أن يحافظ على وصيّة رسول الله ويصون أخته وأمّه وزوجته وابنته، وبالمقابل من واجب المرأة أن تؤدّي لزوجها وأخيها وأبيها وابنها حقوقهم دون تقصيرٍ والله أعلم.[9]
حديث ناقصات عقل ودين صحيح مسلم مقال خلاصته هي أنّ الإسلام لم يكن في يومٍ من الأيّام ضدّ المرأة، ولم يطمسها أو يهمّشها، بل أعطاها أعظم الأدوار في بناء الدّولة الإسلاميّة، وتنشئة الأجيال الصّالحة، وردّ إليها حقوقها المسلوبة، وحماها من كلّ ما يؤذيها، كذلك قد تحدّثنا في المقال عن وصيّة الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بالنّساء مع ذكر الأحاديث المباركة الّتي دلتّ على ذلك.
المراجع
- binbaz.org.sa , ما حقوق المرأة ومكانتها في الإسلام؟ , 09/08/2021
- صحيح مسلم , مسلم/عبدالله بن عمر/79/صحيح
- dorar.net , شروح الأحاديث , 09/08/2021
- saaid.net , وجوه الإعجاز في حديث ناقصات عقل , 09/08/2021
- صحيح التّرمذي , الألباني/أبو هريرة/2613/صحيح
- dorar.net , النِّساءُ ناقِصاتُ عقلٍ ودينٍ , 09/08/2021
- صحيح الجامع , الألباني/أبو هريرة/960/صحيح
- صحيح ابن ماجه , الألباني/عمرو بن الأحوص/1513/حسن
- islamweb.net , وصية الرسول في حق النساء , 09/08/2021
التعليقات