أعراض الاكتئاب الحاد بالتفصيل

أعراض الاكتئاب الحاد بالتفصيل يعدُّ من المواضيع التّي اهتمّ فيها الطّب النّفسي في الآونة الأخيرة، فمن المعروف أنّ الأمراض النّفسيّة تسبب ضررًا على الصّحة العامة أكثر من الأمراض العضويّة، وذلك لأنّه من السّهل تحديد مكان الألم وسببه في المرض العضوي، أمّا الأمراض النّفسيّة فيصعب تحديد أسبابها، كما يصعب تشخيصها. وعلى موقع المرجع سنتحدث عن أحد هذه الأمراض وهو الاكتئاب الحاد، أعراضه وأسبابه وطرق علاجه.

ما هو الاكتئاب

الاكتئاب هو اضطراب نفسي، يجعل المريض في حالة من الحزن الشّديد لفترة طويلة، وينعزل عن العالم الخارجي فيفقد الرّغبة في العمل أو مقابلة الأصدقاء، كما ويفقد القدرة على التّكيف مع الحياة. ويعزف عن الأشياء المُبهجة. ويجب تمييزه عن التّقلبات المزاجيّة التّي يعاني منها معظم الأشخاص خلال حياتهم اليوميّة. فالاكتئاب مشكلة مستمرة وليست عابرة فيمكن أن يستمر الاكتئاب لعدّة أسابيع أو شهور أو حتّى سنوات.

أسباب الاكتئاب

من الصعب تحديد أسباب الاكتئاب بشكلٍ دقيقٍ، وحاله كحال الأمراض النّفسيّة الأخرى تدخل العديد من العوامل الوراثيّة والبيئيّة والبيوكيميائية لتكون مسببًا للمرض، وسنذكر بعضًا منها:

• العوامل الوراثيّة: ترتفع نسبة الإصابة بالاكتئاب لدى الأشخاص الذّين لديهم أقرباء مصابون بمرض الاكتئاب، ومازال الباحثون يحاولون اكتشاف الجينات المسؤولة عن الإصابة بالاكتئاب.
• العَوامل البيئيّة: تلعب البيئة دورًا بدرجة معيّنة في ظهور الاكتئاب، يحدث ذلك عند التّعرض لظروف حياتيّة من الصّعب مواجهتها مثل فقدان شخص عزيز أو التّعرض لمشكلات اقتصاديّة.
• العوامل البيوكيميائيّة: من خلال استخدام التّصوير بتقنيّات حديثة ومتطوّرة أظهرت وجود تغيرات فيزيائيّة في أدمغة الأشخاص المصابين بالاكتئاب، ومن غير المعروف سبب هذه التّغيرات، فمن المحتمل أنّ تكون النّاقلات العصبيّة الموجودة داخل الدّماغ لها علاقة بالمزاج وتلعب دورًا في التّسبّب بمرض الاكتئاب، كمّا أنّ خللًا في التّوازن الهرموني في الجّسم قد يكون سببًا في ظهور الاكتئاب.
• أسباب أخرى: يوجد مجموعة من العوامل التّي تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب أو التّسبب بتفاقمه، ومن بينها:
  • وجود حالات انتحار في العائلة.
  • الإصابة أمراض معيّنة مثل السّرطان أو أمراض القلب أو الزهايمر أو الإيدز.
  • المعاناة من مزاج اكتئابي في فترة الصّباح.
  • تناول بعض الأدوية لفترة طويلة قد يتسبب بالاكتئاب، مثل أدويّة لمعالجة ارتفاع ضغط الدّم، والحبوب المنوّمة، وحبوب منع الحمل.

الفرق بين الحزن والقلق والاكتئاب

يعتقد البعض أنّ الحزن والقلق والاكتئاب تشبه بعضها البعض، إلّا أنّه يوجد فريق كبير بينهم. وفيما يلي الفرق بين الحزن والقلق والاكتئاب:

الحزن: هو الشعور الذّي يصيب الإنسان عند التعرض لمواقف مثل وفاة شخص قريب منك أو فقدان وظيفة أو نهاية علاقة عاطفية، وهو شعور مؤقت يختفي مع مرور الوقت، إلّا أن الشّخص أثناء الحزن لا يفقد القدرة على الشّعور بالسّعادة والضّحك في بعض الأوقات، ولا يستمر الحزن أكثر من أسبوعين بعكس الاكتئاب.

القلق: يمكن تعريفه على أنّه شعور بالضّغط والخوف المستمر من احتماليّة حدوث شيء ما.

ويعتبر القلق والاكتئاب وجهان لعملة واحدة، فهما يتشابهان في كونهما مرتبطان بنقص مستوى السيروتونين في المخ. يعتقد أن الاكتئاب والقلق ينبعان من نفس الضّعف البيولوجي، مما قد يفسر سبب استمرارهما جنبًا إلى جنب. وتجدر الإشارة إلى أنّ القلق يجعل الاكتئاب يزداد سوءًا (والعكس صحيح)، لذلك من الضّروري علاج كليهما.

شاهد أيضًا: هل تعاني من الاكتئاب وزارة الصحة

أعراض الاكتئاب الحاد بالتفصيل

مرض الاكتئاب كأي مرض آخر له مجموعة من الأعراض التي تميزه، وتقسم أعراضه إلى نوعين، أعراض جسديّة وأعراض نفسيّة، فيما يلي أهم أعراض الإصابة بالاكتئاب:

الأعراض الجسديّة للاكتئاب الحاد

تتمثل الأعراض الجسديّة بـ:

• النّوم لفترات طويلة: من العلامات التّي تميز الاكتئاب هي النّوم لفترات طويلة، وذلك بهدف التّهرب من حالة الحزن والضّيق التّي يشعر بها المريض، إذ تطول مدّة النّوم عن المعدل الطبيعي المعروف (6-8 ساعات). وقدّ يستمر هذا العرض لفترة قد تصل إلى أكثر من أسبوعين.
• صعوبة شديدة في التركيز: يعد النّسيان وفقدان التّركيز من الأعراض التي يعاني منها المصابين بالاكتئاب، لكنها تتطور في بعض الحالات. إلى أن تصل إلى حد ينسى المريض التفاصيل البسيطة المتعلقة بحياته أو عمله.
• تغيرات ملحوظة في الشهية: يتغير وزن المريض المصاب بالاكتئاب إمّا بالزّيادة أو النّقصان. إذ يميل البعض إلى تناول الطعام بشراهة في حالات الحزن الشديد. بينما يعزف الآخرون عن تناول الطعام.
• إرهاق ونقص في الطاقة: يعاني مريض الاكتئاب من نقص الطّاقة والشّعور الدائم بالإرهاق. فلا يستطيع القيام بالأعمال اليوميّة أو ممارسة التّمارين الرياضية.
• الشّعور ببعض الآلام دون وجود تفسير: يشعر المريض بالعديد من الآلام الحادة بدون أي سبب عضوي، مثل آلام الرقبة والظهر وغيرها.
• تناول الكثير من الأدوية: يعد هذا العرض من أعراض الاكتئاب الأقل شيوعًا إذ يميل المريض إلى تناول الكثير من الأدوية دون استشارة الطبيب، أو يتناولها بكثرة.
• الاستيقاظ المستمر ليلًا: يعاني الكثير من المريضين نفسيًا من مشكلة الاستيقاظ المستمر ليلًا. إذ أن هذه المشكلة ليست من أعراض الاكتئاب فقط، لكنها من أعراض الكثير من الأمراض النفسية الأخرى. ولها الكثير من الأسباب، لذا من الضروري استشارة الطبيب في حال طال هذا الأمر لتقييم الحالة ومعالجتها.

شاهد أيضًا: ما هو اضطراب الاكل وما انواعه واعراضه واسبابه وطرق علاجه

الأعراض النّفسيّة للاكتئاب الحاد

أمّا الأعراض النّفسيّة فتتمثل بالأعراض التّالية:

• إحساس بانعدام القيمة: يشعر المريض بمجموعة من المشاعر السّلبية، مثل كره الذات أو الشّعور الدائم بالذنب دون وجود سبب محدّد لهذا الإحساس.
• القلق وسرعة الغضب: يتغير مزاج مريض الاكتئاب بسرعة دون وجود أي أسباب مقنعة، فيتحول من شخص هادئ إلى شخص عنيف، بدون وجود سبب واضح لهذا التّغيير.
• عدم الشعور بأي متعة وبهجة: يفقد المريض قدرته على الاستمتاع بـمتع الحياة، فتصبح الأمور التي كانت تشعره بالسعادة بلا قيمة. ويصل الأمر إلى فقدان رغبته بممارسة العلاقة الجنسيّة.
• الشّعور باليأس والعجز: يفقد المريض قدرته على اتخاذ قرارات صحيحة، إلى جانب شعوره الدائم بالعجز وقلة الحيلة. فيدخل في نوبات من البكاء المستمر بدون أسباب واضحة، ويعدّ هذا البكاء من علامات الاكتئاب القوية.
• التّفكير في الموت والانتحار: يشعر مريض الاكتئاب أنّ الحياة أغلقت أبوابها عليه، ولا ملجأ له سوى الموت، وتتزاحم عليه الأفكار الانتحارية. ليس هذا فحسب بل يقدم في بعض الأحيان على إيذاء نفسه.
• العدوانية: يميل مريض الاكتئاب إلى العدوانية واستخدام العنف والرغبة في إيذاء الآخرين.
• النّقد أو لوم الذّات الدّائم: يميل مريض الاكتئاب دائمًا إلى توجيه النّقد لنفسه ولومها حتى في أبسط المواقف الحياتية.
• عزلة كاملة: يشعر مريض الاكتئاب برغبته الشّديدة في الانعزال عن الآخرين حتى أقرب الناس إليه، ويمتنع عن حضور جميع المناسبات الاجتماعية.

اقرأ أيضًا: ما هو مرض ثنائي القطب وما اعراضه واسبابه وطرق تشخيصه وعلاجه

علاج الاكتئاب

تزيد نسبة شفاء مرضى الاكتئاب إلى حوالي 80-90% عند الاستعانة بطبيب في علاج هذا المرض. وكلما كان اكتشاف المرض أسرع وبدء المعالجة أسرع، فمن المؤكد أنّ نسبة الشّفاء ستكون أسرع. ومن أهم طرائق علاج الاكتئاب ما يلي:

• العلاج بالأدوية: تتوافر في الأسواق العديد من أدوية علاج الاكتئاب، لذا يمكن التّخفيف من أعراض الاكتئاب عن طريق دمج الأدوية مع العلاج النفسي، غالبية الأدوية المضادة لحالة الاكتئاب فعّالة وناجعة بنفس المقدار، لكن بعضها يُسبب أعراضًا جانبية خطيرة. جميع الأدوية المضادة لمرض الاكتئاب يمكن أن تسبب أعراضًا جانبية غير مرغوب فيها، والأعراض الجانبية تظهر بمستويات متفاوتة الشدّة عند مختلف المرضى. أحيانًا تكون هذه الأعراض الجانبية خفيفة إلى درجة لا تلزم التوقف عن تناول الدواء. كما قد تختفي أو تخف هذه الأعراض خلال أسابيع معدودة من بدء العلاج.
• العلاج النفسي: أو ما يسمى العلاج بالمحادثة أو الاستشارة النّفسيّة أو العلاج النّفسي الاجتماعي، أحيانًا يتم استخدام العلاج النفسي جنبًا إلى جنب مع العلاج بالأدوية، العلاج النفسي هو اسم شامل لمعالجة الاكتئاب من خلال محادثات مع المعالج النفسي حول الوضع وحول الأمور المتعلقة به وتطورات المرض.
• العلاج بالصدمة الكهربائية: يوضع فيه المريض تحت تأثير التّخدير الكامل، وتمرير تيارات كهربائيّة خلال الدّماغ لتحفيز حدوث نوبة قصيرة، ومن ثمّ إحداث فيضان للمشاعر.

اقرأ أيضًا: كيف اعالج نفسي من الاكتئاب

الوقاية من مرض الاكتئاب

ليس هنالك طريقة محدّدة للوقاية من الاكتئاب، لكن يوجد بعض الأمور التي تقي أو تمنع تكرار الأعراض، مثل:

• السّيطرة على التّوتر لرفع من مستوى البهجة والسّعادة ومستوى التّقدير الذّاتي.
• تقديم الدّعم النّفسي من قبل الأصدقاء والأهل، وخاصةً في فترات الأزمة، هذا يمكنه أن يُساعد في التغلب على حالة الاكتئاب.
• مراجعة الطّبيب المختص في حال ظهور العلامات أو الأعراض الأولى مما يساعد ويمنع تفاقم الاكتئاب.

وبذلك نكون قد أنهينا مقالنا الذي تحدثنا فيه عن أعراض الاكتئاب الحاد بالتفصيل، وعرفنا الاكتئاب وذكرنا أسبابه والفرق بينه وبين القلق، بالإضافة إلى طرق علاجه وكيفيّة الوقاية منه.