الفرق بين القانون الدولي العام والقانون الدولي الخاص

الفرق بين القانون الدولي العام والقانون الدولي الخاص، يُنظر إلى القانون الدولي العام والقانون الدولي الخاص على أنهما نوعان منفصلان من القانون؛ الأول الذي ينظم العلاقات الدولية بين الدول والأخير بين الأفراد، وقد خصص موقع المرجع هذا المقال لبيان الفرق بين كل من القانون الدولي العام والقانون الدولي الخاص، وتوضيح مفهومها، وخصائصهما، ونشأة كل منهما، بالإضافة إلى بيان مصادرهما، والموضوعات التي يتناولها كل منهما.

تعريف كل من القانون الدولي العام والقانون الدولي الخاص

قبل معرفة الفرق بين القانون الدولي العام والقانون الدولي الخاص، يجب توضيح مفهوم كل منهما:

مفهوم القانون الدولي العام

القانون الدولي العام (بالإنجليزية: public international law) ويسمى أيضًا القانون الدولي أو قانون الأمم، وهو: “عبارة عن مجموعة القواعد القانونية والقواعد والمعايير التي تنطبق بين الدول ذات السيادة والكيانات الأخرى المعترف بها قانونًا كجهات فاعلة دولية”، وأول من وضع مصطلح القانون الدولي العام هو الفيلسوف الإنجليزي جيريمي بنثام عام (1748-1832).[1]

وبالتالي إنَّ القانون الدولي العام هو مجموعة من القواعد التي تحكم العلاقات بين الدول، وبالرغم من ذلك لم يعد من الدقة اعتبار القانون الدولي مجرد مجموعة من القواعد؛ بل هو عبارة عن مجموعة معقدة من القواعد سريعة التطور، بالإضافة إلى مبادئ وممارسات وتأكيدات مؤثرة وإن لم تكن ملزمة بشكل مباشر، مقترنة بهياكل وعمليات معقدة بشكل متزايد، كما يوفر القانون الدولي العام مبادئ توجيهية معيارية بالإضافة إلى الأساليب والآليات والمفاهيم المشتركة للجهات الفاعلة الدولية؛ أي الدول ذات السيادة في المقام الأول، والمنظمات الدولية، وأشخاص القانون الدولي.[1]

مفهوم القانون الدولي الخاص

القانون الدولي الخاص (بالإنجليزية: private international law) هو: “مجموعة من القواعد القانونية التي تُطبق عند وجود تعارض في القانون المحلي للبلدان المختلفة فيما يتعلق بالمعاملات الخاصة”، وهذا يعني أن هناك نزاعًا أو معاملة تتضمن أحد الإجراءات التالية: الاختصاص القضائي المطبق؛ أي اختيار المحكمة المُختصة، واختيار القانون المعمول به، والاعتراف بحكم أجنبي أو تنفيذه.[2]

يخضع الكثير من قواعد القانون الدولي الخاص للقانون المحلي للبلدان المعنية، وهذا يعني على سبيل المثال؛ ما إذا كان سيتم تنفيذ حكم أجنبي معين أم لا، فقد تخضع محكمة أمريكية لقانون الولايات المتحدة، ومع ذلك، كانت هناك جهود في السنوات الأخيرة لإنشاء نظام موحد أكثر للقانون الدولي الخاص، ويمكن أيضًا استخدام المعاهدات والاتفاقيات والقوانين النموذجية والأدلة القانونية والصكوك الأخرى، يميل القانون الدولي الخاص إلى أن يكون محددًا بموضوع معين؛ في الوقت الحالي، لا توجد مجموعة محددة جيدًا من القانون الدولي الخاص، ولكن بعض الموضوعات مثل العقود أو قانون الأسرة قد يكون لها قواعدها الحاكمة الخاصة.[3]

اقرأ أيضًا: ما هو القانون العام

الفرق بين القانون الدولي العام والقانون الدولي الخاص

يكمن الفرق بين القانون الدولي العام والقانون الدولي الخاص في ما يأتي:[4]

من حيث نطاق التطبيق

يُطبق القانون الدولي العام على جميع أشخاص القانون الدولي العام، إذ أنه يُنظم العلاقات بين الدول صاحبة السلطة والسيادة، أو الدول مع المنظمات الدولية، وبالتالي لا تُطبق قواعد على أشخاص العاديين في الدولة، سواء أكانوا طبيعين أم معنويين، أمّا بالنسبة للقانون الدولي الخاص فإنه ينطبق على الأشخاص الذي ينتمون إلى دولٍ أخرى؛ أي يتمتعون بجنسية دولة أجنبية، سواء أكانوا أشخاص طبيعيين أم معنويين، ولا ينطبق على الدول أو المنظمات الدولية.

آليات حسم المنازعات

للقانون الدولي العام العديد من الآليات لحسم النزاعات القائمة بين الدول، هذه الآليات قد تكون سلمية، أو غير سلمية كالحروب، ويجدر بالذّكر أن هُناك محكمة مختصة لفض النزاعات القائمة بين أشخاص القانون الدولي وهي محكمة العدل الدولية، كما يُمكن حل النزاعات باللجوء إلى التحكيم، أمّا القانون الدولي الخاص فيتم حل النزاعات بين أفراده بواسطة المحاكم العادية، كما يمكن اللجوء إلى التحكيم.

آلية سن قواعد كل منهما

تسن قواعد القانون الدولي العام من خلال الاتفاقيات الدولية، أو من خلال المنظمات الدولية، وبغض النظر إن كانت تلك المنظمات خاصة أم عامة، أو منظمات عالمية أم منظمات قارية أم منظمات إقليمية، وهذا هو الأصل العام، أمَّا بالنسبة إلى قواعد القانون الدولي الخاص فهي لا تحمل الطابع الدولي، بل يتم سنها كالقواعد القانونية العادية في الدولة، وتختلف من دولة إلى أخرى، وغالبًا ما تُسن من قبل السلطة التشريعية في الدولة.

انتماء كل منهما لفروع القانون

تنتمي قواعد القانون الدولي الخاص إلى فروع القانون العام الخارجي، إذ أنَّ قواعده ليست داخلية كباقي القوانين العادية، أمّا بالنسبة إلى قواعد القانون الخاص فهي تنتمي إلى فروع القانون الخاص، والناظر في قواعد القانون الدولي الخاص سيُلاحظ أنَّ قواعده مُختلطة بعض الشيء، حيث أنَّ هُناك العديد من موضوعات القانون الخاص تنتمي إلى القانون العام كالجنسية على سبيل المثال.

الطابع الالزامي

يختلف الفقهاء القانونيين حول مدى إلزامية قواعد القانون الدولي العام، إذ ذهب البعض باعتبارها قواعد غير مُلزمة، خاصّة أنها تفقد عنصر الإلزام وهو الجزاء، والذي يعد أهم خصائص القاعدة القانونية خاصة في مجال الأعراف، واتجه البعض الآخر إلى اعتبارها قواعد مُلزمة لا يجوز مُخالفتها، وتعود هذه الإلزامية إلى أساس نظرية الإرادة المنفرة، أو نظرية الإرادة المشتركة، وبعضهم يرى أن إلزامية هذه القواعد تعود إلى المدرسة الموضوعية، على أساس نظرية القوة أو نظرية تضامن المجتمع الدولي، أمّا قواعد القانون الدولي الخاص قواعد يغلب عليها الطابع الإلزامي، ولم يُشكك في هذه الإلزامية سوى موضوع تنازع القوانين.

محور اهتمام كل منهما بالجنسية

تهتم قواعد القانون الدولي العام بالجنسية، باعتبارها أداة لتوزيع الأفراد إلى مُختلف دول العالم، بحيث كل فرد يتمتع بجنسية دولة معينة، أمّا اقواعد القانون الخاص تلعب الجنسية دورًا كبيرًا فيها؛ كالتمييز بين الوطني والأجنبي، وتحديد ركن الشعب، واتخاذ المعيار المُناسب لحل مشكلة تنازع القوانين، أو التنازع القضائي.

اقرأ أيضًا: ما هو القانون الجنائي

خصائص القانون الدولي العام

تتمثل خصائص القانون الدولي العام في الآتي:[5]

  • واسع التطبيق: فلا يقتصر القانون الدولي على دائرة ضيقة فحسب، بل يشمل أيضًا مجالات واسعة، حيث يتم تطبيقه في أوضاع مختلفة، سواء بين الدول، أو المنظمات الدولية، وجميع أشخاص القانون الدولي.
  • عالمي: حيث تُطبق قواعده على البيئة والطقس والكون والبحار والمحيطات حتى خارج حدود الدولة.
  • طبيعة قواعده: طبيعة القانون الدولي مشابهة للقانون الطبيعي، حيث يطبق هذا القانون بموافقة العلم وعلى الجميع، وبالرغم من أن من يخالف هذا القانون لا يعاقب ولكن على أي حال يجب أن يتحمل تعويض عن تلك المُخالفة.
  • تطورت قواعده من خلال موافقة الدول: القانون الدولي هو نتيجة موافقة الدول، بالإضافة إلى العملية التدريجية للممارسات العرفية بين الدول، جميع الدول تقريبًا ملزمة بموجب الاتفاق والتصديق والانضمام والموافقة على القانون الدولي.
  • لا تجانس في النهج: لفترة طويلة، كان هناك جدل حول ما إذا كان القانون الدولي هو بالفعل قانون، أم أنه فرع من فروع الأخلاق أم أنه قانون ضعيف، حيث يقول البعض أنه ليس قانون لأنه لا توجد سلطة لإصدار القانون، لكن بعض العلماء يعدونه كقانون ولكن أضعف من قانون الدولة.
  • يجمع بين المعاهدات والأعراف: حيث أن هناك مجموعات مختلفة من المعاهدات والأعراف التي تعطي أسس القانون الدولي.

خصائص القانون الدولي الخاص

تتمثل خصائص القانون الدولي الخاص في الآتي:

  • حديث النشأة: تتسم قواعد القانون الدولي الخاص بأنها حديثة النشأة مُقارنة بفروع القانون الأخرى.
  • ذو صبغة وطنية: حيث أنَّ قواعد القانون الدولي الخاص تٌشرع من قبل سلطة التشريع بالدولة، حالها كحال القوانين الأخرى.
  • تختلف صياغة قواعد من موضوع لآخر: حيث تقسم قواعد القانون الدولي إلى قواعد مباشرة؛ كالقواعد المُتعلقة بالجنسية، وقواعد غير مُباشرة؛ كالقواعد؛ تنازع القوانين.
  • مروره بأكثر من مرحلة: حيث يتطلب تطبيق قواعد القانون الدولي الخاص المرور بأكثر من مرحلة، أولًا المرحلة الشكلية، والتي تحدد القانون الواجب التطبيق، والمرحلة الموضوعية، والتي تحدد القواعد المادية التي أشارت إليها المرحلة الأولى.
  • صعوبة موضوعاته: حيث أنَّ موضوع تنازع القوانين من الموضوعات المُعقدة بعض الشيء.
  • قانون ملزم: اتفق الفقهاء على خمسة موضوعات تُعد ملزمة في قواعد القانون الدولي الخاص، وهي: الجنسية، الموطن، مركز الأجانب، الاختصاص القضائي الدولي، تنفيذ الأحكام الأجنبية.
  • قانون متطور: لمواجهة جميع الأحداث المُستجدة في مجال العلاقات الدولية الخاصة.

اقرأ أيضًا: معلومات عن تخصص القانون

نشأة القانون الدولي العام

يعكس القانون الدولي التأسيس والتعديل اللاحق للنظام العالمي الذي تأسس بشكل شبه حصري على فكرة أن الدول المستقلة ذات السيادة هي الجهات الفاعلة الوحيدة ذات الصلة في النظام الدولي، تم رسم الهيكل الأساسي للقانون الدولي خلال عصر النهضة الأوروبية، على الرغم من أن أصوله تكمن في أعماق التاريخ ويمكن إرجاعها إلى الاتفاقيات التعاونية بين الشعوب في الشرق الأوسط القديم.[1]

إن تطور القانون الدولي وقواعده ومؤسساته تتشكل حتمًا من خلال الأحداث السياسية الدولية، وذلك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى التسعينيات، كانت معظم الأحداث التي تهدد السلم والأمن الدوليين مرتبطة بـالحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي وحلفائه والتحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة.[1]

نشأة القانون الدولي الخاص

لا تُعد قواعد القانون الدولي الخاص من القواعد قديمة النشأة، حيث لم تكن لقاعدة أي أهمية في الماضي، خاصّة أنه لم يكن يُعترف للأجنبي بالحقوق الشخصية التي تمنحها الدولة لمواطنيها، إلا أنه في العصر الحديث دعت الحاجة بصورة مُلحة إلى وجود قواعد خاصة تحكم العلاقات المشوبة بعنصر أجنبي، خاصة بعد زوال العوائق أمام الحركة التجارية، والاعتراف بحق الإنسان بالتنقل والترحال، وبالتالي فإن القانون الدولي الخاص يعود في نشأته إلى العصر الحديث.[6]

مصادر القانون الدولي العام

وضحت المادة (38/1) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية المصادر التي تستخدمها محكمة العدل الدولية لحل النزاعات على النحو التالي:[7]

  • الاتفاقيات الدولية: سواء كانت عامة أو خاصة، التي تحدد القواعد المعترف بها صراحة من قبل الدول المتنازعة.
  • العرف الدولي: كدليل على ممارسة عامة مقبولة كقانون.
  • المبادئ العامة للقانون: وهي المبادئ التي أقرتها الأمم المتحضرة.
  • الأحكام القضائية: والتي تطبق كطرق فرعية لتحديد القانون بحسب ما أشارت له المادة 38 من قانون محكمة العدل الدولية.

مصادر القانون الدولي الخاص

أمّا عن مصادر القانون الدولي فهي:

  • القوانين الوطنية: هي المصادر الأساسية للقانون الدولي الخاص؛ كالتشريع.
  • المعاهدات: وهي اتفاق دولتين أو أكثر على تنظيم مسألة ما.
  • العرف: كالأعراف الدولية، والأعراف الداخلية.
  • المبادئ العامة للقانون الدولي الخاص المقارن: ويتم العودة إليها في حالة عدم وجود نص تشريعي يحسم النزاع.
  • الاجتهادات القضائية: وهي عبارة عن مجموعة من الأحكام الصادرة عن المحاكم الدولية.
  • الفقه: وهي مجموعة من الآراء الصادرة عن الفقه القانوني الدولي.

اقرأ أيضًا: ما هو أفضل تخصص في القانون

موضوعات القانون الدولي العام

تشمل موضوعات القانون الدولي العام:[8]

  • قانون البحار.
  • وقانون المعاهدات.
  • اختصاص الدولة.
  • القانون الجنائي الدولي.
  • حقوق الإنسان.
  • القانون الإنساني الدولي.
  • القانون الدولي للبيئة.
  • تحديد وتعزيز المصالح المشتركة للإنسانية.

موضوعات القانون الدولي الخاص

تشمل موضوعات القانون الدولي الخاص:

  • الجنسية.
  • الموطن.
  • مركز الأجانب.
  • الاختصاص القضائي الدولي.
  • تنازع القوانين.
  • تنفيذ الأحكام القضائية الأجنبية.

يتضح ممّا سبق أن قواعد القانون الدولي العام مُختلفة تمامًا عن قواعد القانون الدولي الخاص، كما وضح ذلك في الفرق بين القانون الدولي العام والقانون الدولي الخاص، ولعلَّ أبرز الفروقات بين هذين القانونين، هو أن القانوني الدولي العام يُنظم العلاقات بين الدول ذات السيادة، أما القانون الدولي الخاص مُقتصر على الأشخاص العاديين دون الدول.

المراجع

  1. britannica.com , international law , 25/10/2021
  2. peacepalacelibrary.nl , Private International Law , 25/10/2021
  3. libguides.law.ucla.edu , Private International Law , 25/10/2021
  4. srdlawnotes.com , difference between public international , 25/10/2021
  5. academia.edu , Nature and the characteristics of International Law , 25/10/2021
  6. medcraveonline.com , The history of private international law: the theory of Belgian realism in the 16th century , 25/10/2021
  7. unimelb.libguides.com , What are the Sources of International Law? , 25/10/2021
  8. libguides.mq.edu.au , What is Public International Law? , 25/10/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *