لماذا سميت اللغة العربية بلغة الضاد

لماذا سميت اللغة العربية بلغة الضاد رغم احتوائها على العديد من الحروف المختلفة التي يصل عددها إلى 28 حرفًا؟ يعتبر هذا التساؤل من أهم المباحث التي عنيَّ بها دارسو اللغة العربية نظرًا لاشتهار هذه التسمية عبر العصور، ولا يخفى على عاقل أهمية اللغة العربية وتاريخها بالنسبة للعالم العربي الإسلامي وبالنسبة للتراث الإنساني ككل، لذلك ففي هذا المقال من موقع المرجع نوضح سبب اشتهار اللغة العربية بهذا الاسم، كما سنوضح العديد من المعلومات حول اللغة وتاريخها وأهميتها بالإضافة إلى طرح أهم المعلومات حول هذا الحرف الذي حظى بعناية كبيرة من دارسي اللغة على مر السنين.

اللغة العربية

أحد أشهر وأبرز اللغات السامية وأكثرهم انتشارًا حول العالم حيث يتحدث بها قرابة النصف مليار نسمة على وجه الأرض، فهي اللغة الرسمية في كافة البلدان العربية بالإضافة إلى بعض البلدان المسلمة من الأصول غير العربية، ويعود جذر اللغة العربية إلى اللغة الآرامية القديمة التي انحدر منها كل من اللغة الفارسية والعبرية وتشترك معهم اللغة العربية في أنهم من اللغات القلائل التي تُكتَب من اليمين إلى اليسار، وقد مرت اللغة العربية بالعديد من التطورات مثل التنقيط ووضع القواعد النحوية واكتشاف البحور الشعرية وغيرها من التطورات والدراسات، واكتسب اللغة العربية انتشارًا واسعًا حول العالم بفضل تشريفها بكونها لغة القرآن الكريم.[1]

شاهد أيضًا: بحث عن اللغة العربية وأهميتها كامل

لماذا سميت اللغة العربية بلغة الضاد

تتميز اللغة العربية بنطق صوت حرف الضاد بكثرة على خلاف بقية اللغات التي لم تستطع إيجاد صوت هذا الحرف أو وجدته ولكنها لا تستخدمه في الكثير من المواضع، كما تتميز عن اللغات السامية الأخرى التي لم تستطع المحافظة على هذا الحرف، وقد بحث الكثير من اللُغوين عن السبب الفعلي والحقيقي وراء هذه التسمية واشترها، وقد أعلنوا في دراساتهم عن عدة أسباب لهذه التسمية، ويمكن عرض هذه الأسباب بشرح تفصيلي فيما يلي.[2]

كثرة استعمال حرف الضاد في اللغة العربية مقارنةً باللغات الأخرى

يعتبر حرف الضاد أحد العلامات الفارقة والمميزة في اللغة العربية بسبب كثرة استعماله بها على الرغم من اختفائه من اللغات الأخرى، وقد استدل الباحثون على هذا السبب بعدة أقوال لكبار علماء اللغة القدامى ولبعض المعاجم والمراجع، ويمكن إجمال هذه الأقوال التي استدلوا على النحو التالي:

  • قول الأصمعي: ذكر الجاحظ في كتابه البيان والتبيين مقولة تدل على تميز اللغة العربية عن أقرانها بهذا الحرف، فقال: “ليسَ للروم ضاد، ولا للفرس ثاء، ولا للسريان ذال” وأشار إلى أن هذه المقولة نقلها عن الأصمعي.
  • قول ابن دريد: ذكر ابن دريد في معجمه مجهرة اللغة ملخصًا لما توصل إليه اللغويون القدامى الذين درسوا مختلف اللغات وعرفوا مختلف الأجناس، فأوضح أن اللغة العربية تتشارك مع أقارنها من اللغات في معظم أحرفها باستثناء 6 حروف تميزت بهم، وهذه الأحرف الست هي: (العين، الصاد، الضاد، الثاء، القاف، الطاء).
  • قول مكي بن طالب: أشار إلى أن اللغة العربية تميزت بكثرة استعمال حرف الضاد في كلماتها وليس بخلو اللغات الأخرى من هذا الحرف، كما أشار إلى 6 أحرف أخرى تتميز اللغة العربية باستعمالهم ونطق أصواتهم، وهم: (الثاء، الصاد، العين، القاف، الطاء، العين)، وقد اعتمد على هذا القول بعض اللغوين الآخرين مثل فخر الدين الجاربردي في كتابه شرح متن الشافية في الصرف.

اندثار حرف الضاد من اللغات السامية

حافظت اللغة العربية على حرف الضاد مع تطورها عبر الزمن على عكس اللغات السامية التي اختفى منها الحرف رغم احتوائها عليه قديمًا حيث تنتمي اللغة العربية لنفس أصل اللغات السامية ولم تستطع اللغات السامية بالاحتفاظ بالحرف كما هو بل غيرت صوت نطقه تمامًا أو اختفى من الكلمات مع التطور التي شهدته اللغات عبر العصور المختلفة، وقد افتخر شعراء العرب بهذا الحرف فعلى سبيل المثال قال المتنبي:

“وبهم فخرُ كلّ من نطقَ الضاد *** وعوذُ الجاني وَغوث الطريدِ”

وفي شروحات هذا البيت قالوا أن المقصود احتكار اللغة العربية لحرف الضاد كما هو.

اختلاف الضاد في اللغات القديمة عن الضاد المعاصرة

المقصود بالضاد القديمة هي الضاد التي كان ينطقها العرب في زمن الجاهلية وعصور ما قبل الإسلام، أما الضاد المعاصرة هي التي تحدث بها العرب بعد ظهور الإسلام واستمرت مع تطور اللغة في فترات التدوين والتنقيط وغيره من التطورات، وهما مختلفان من حيث مخرج الحرف فالضاد القديمة تخرج من حافة اللسان اليمنى أو اليسرى أو كلايهما معًا أما الضاد المعاصرة فمخرجها بالقرب من مخرج اللام من طرف اللسان مع اللثة إلا أنها صوت مطبق وحافظ اللسان العربي على وجود حرف الضاد واستخدامه في المفردات المختلفة.

شاهد أيضًا: الأساليب النحوية في اللغة العربية وأنواعها

حرف الضاد وأهميته في اللغة العربية

اكتسب حرف الضاد أهمية خاصة في اللغة العربية منذ أوائل القرن الثالث الهجري في زمن تدوين وتقعيد اللغة على يد سيبويه والفراهيدي والأصمعي، وقد أوضح سيبويه أن حرف الضاد من الحروف التي يصعب على الأعاجم نطقها وأن الضاد من الحروف غير المستحسنة عند الأعاجم وأشار إلى أن الكثير من الأعاجم المتعربين يخلطون بين نطق حرف الضاد وبين حرف الطاء.

فأصبح حرف الضاد ذات أهمية خاصة عند اللغوين العرب الذين عنّوا به عناية خاصة حتى وصل الأمر أن قام بعضهم بتأليف الرسائل لوصف الفروق بين حرفي الضاد والطاء للتسهيل على الأعاجم المتعربين، وكان ذلك بعد فتح الكثير من البلاد غير العربية ودخول الكثير من الأعاجم للإسلام ومن ثم زادت حاجتهم للتحدث بالعربية لقراءة القرآن وإقامة الصلاة فاكتشف علماء اللغة العرب أن هؤلاء الأعاجم لا يستطيعون نطق حرف الضاد بشكل صحيح وحملوا على عاتقهم عناء التعريف بالحرف، ويمكن الإشارة إلى بعض هذه الكتب فيما يلي:

  • مقامة الحريري.
  • كتاب أرجوزة التمييز بين الضاد والظاء.
  • كتاب الفرق بين الضاد والظاء.

متى ظهر مصطلح لغة الضاد

ظهر مصطلح لغة الضاد للإشارة للغة العربية في بداية القرن الهجري الثالث في زمن فطاحلة اللغة الأوائل أمثال سيبويه والفراهيدي، وذلك بحسب ما يشتهر في الدراسات المعنية بتاريخ اللغات، ولكن هناك بعض الآراء التي ذهبت أنه تم إطلاق هذا اللقب قبل بداية القرن الهجري الثالث حيث أطلقه كبار اللغوين العرب لما اكتشفوه من صعوبة نطق هذا الحرف على الأعاجم.[3]

شاهد أيضًا: خطبة محفلية قصيرة عن اللغة العربية

سر اهتمام علماء اللغة بحرف الضاد

أولى علماء اللغة الأوائل مثل سيبويه وأحمد خليل الفراهيدي والأصعمي عناية كبيرة بحرف الضد وتوضيحه، وذلك بسبب عدم قدرة المسلمين ذو الأصل الأعجمي على نطق هذا الحرف بشكل صحيح مما يعيق قرائتهم للقرآن الكريم، فقد أشار سيبويه أنه هذا الحرف من الحروف الغير مستحسنة من الأعاجم ولا يستطيعون نطقه، كما أوضح أنه من لا يستطيع نطق حرف الضاد بشكل صحيح لن يتمكن من قراءة القرآن أو تجويده بشكل صحيح، فألفّوا الكتب والرسائل لتوضيح نطق حرف الضاد وكيفية تفريقه عن حرف ظاء ومن أشهر هذه الكتب كتاب “التمييز بين الضاد والظاء” لابن قتيبة.

نطق حرف الضاد في بلاد المسلمين

يختلف نطق الضاد بين قاطني البلاد الإسلامية وبعضها وخاصة البلاد التي تم فتحها في العهود الإسلامية السابقة، وذلك نظرًا لصعوبة نطق حرف الضاد الفصيح على ألسنة الكثير من العامة، وبالتالي فقد اشتهر عدة طرق لنطق هذا الحرف في البلدان المختلفة تبعًا للهجة كل بلد، ويمكن عرض طريقة نطق بعض البلدان الإسلامية على النحو التالي للتوضيح:[4]

  • الشعب العراقي: ينطق حرف الظاء بدلًا من الضاد.
  • الشعب المصري: ينطق معظم الشعب المصري طاء فصيحة بدلًا من نطق الضاد.
  • الشعب النيجيري: يستبدل نطق حرف الضاد بحرف لام مفخمة.
  • شعوب بعض مناطق جوار جزيرة العرب: يمتزج نطق حرف الضاد لديهم بخروج حرف الثاء أو الظاء أو الطاء معه.
  • كثير من السيدات في مناطق مختلفة: ينتشر لدى معظم سيدات مصر وبعض الدول الأخرى نطق الدال المفخمة بدلًا من نطق الضاد.

شاهد أيضًا: اذاعة عن اللغة العربية جاهزة للطباعة

اليوم العالمي للغة العربية

يحتفل العالم أجمع باللغة العربية في يومها العالمي الذي تقرر أن يكون في تاريخ 28 من ديسمبر لكل عام، ويرجع هذا التاريخ إلى تاريخ اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية في قرار الأمم المتحدة رقم 3190، وكان ذلك في تاريخ 28 من ديسمبر  عام 1973، وذلك لأهمية اللغة العربية في المحافل الدولية نظرًا لكونها اللغة الرسمية لأكثر من عشرين دولة، ويهدف هذا اليوم إلى تحقيق عدة ميزات للغة تتمثل فيما يلي:

  • تعزيز دور اللغة العربية في المحافل العالمية.
  • تنمية روح الانتماء والاعتزاز باللغة العربية بداخل كل عربي ومسلم.
  • جذب نظر العالم وتعريفهم بالحضارة العربية.
  • تعزيز أهمية العمل على المشاريع التي تفيد اللغة العربية.
  • تشجيع الباحثين ودارسي اللغة على استكمال أداء مهامهم ودراساتهم.

أهمية اللغة العربية للإسلام

شرّف الله تعالى اللغة العربية بأن جعلها لغة القرآن الكريم وتعهد بحفظها، وقد اكتسب اللغة العربية انتشارًا كبيرًا وأهمية كبرى بعد فتح بعض الدول الأعجمية ودخول أهلها للإسلام فأصبحوا في حاجة ماسة لتعلم اللغة العربية التي لن يستطيعوا إقامة شعائرهم الدينية وأداء صلاتهم المطلوبة بدونها، وتوجه العديد من العلماء العرب وحتى الأعاجم بتولي دراسة اللغة بشكل تفصيلي ووضع قواعد واضحة لها للتسهيل على الأعاجم وللحفاظ على اللغة العربية لتستمر بفصاحتها عبر العصور فلا يصيبها اللحن والخطأ، فأدت هذه الأسباب لأن أصبحت اللغة العربية جزء لا يتجزء عن الشخص المسلم ليومنا هذا، كما أصبحت لغة للشعر والفلسفة والعلوم والأدب وحفظت جزء كبير من تراث البشرية وحضاراتها القديمة.

أهمية اللغة العربية عالميًا في المحافل الدولية

يرجع الجذر اللغوي للغة العربية إلى اللغة الآرمية القديمة التي تفرع عنها اللغات السامية ومنها العربية والعبرية والسامية، وانفردت اللغة العربية بكونها لغة غنية جدًا بالمفردات والكلمات والتعبيرات مما جعلها أكثر لغة حية من هذه اللغات، فأصبحت أكثر اللغات السامية انتشارًا حول العالم حيث يتحدث بها قرابة النصف مليار إنسان بل وأصبحت اللغة الرسمية لأكثر من 20 دولة.

اكتسب اللغة أهمية إضافية في القرون الأوائل من الهجرة عندما ازدهر العالم الإسلامي وأصبح منارة العلوم والفلسفة حيث تم تأليف العديد من الأعمال الفلسفية والعلمية والرياضية والطبية والفيزيائية باللغة العربية على يد العلماء المسلمين، واكتسبت أيضًا أهمية كبرى في عصرنا الحديث حيث تضم منظمة اليونسكو والأمم المتحدة عددًا كبيرًا من الدول العربية المؤثرة في صناعة القرار والتي بالطبع تتحدث العربية ويجب احترام لغتها وثقافتها وحضارتها.

شاهد أيضًا: شعر عن اليوم العالمي للغة العربية 2021 وأجمل قصائد عن اللغة العربية

هل يمكن إثبات أن اللغة العربية لغة الضاد

ذكر الإمام الشافعي _رحمه الله_ أنه لن يستطيع إنسان أن يدرس اللغات بالكامل إلا إذا تلقى وحيًا من الله بها، وهذا بالطبع لم يحدث لأحد من علماء اللغات لذلك لا يمكن إثبات أن اللغة العربية هي اللغة الوحيدة التي تحتوي على حرف الضاد حيث أنه لا يوجد عالِم لغوي استطاع أن يدرس جميع اللغات التي يتحدث بها جميع سكان أهل الأرض، ولكن يمكن القول أن اللغة العربية تتميز بأنها أكثر اللغات استعمالًا لصوت حرف الضاد وأن العرب هم أقدر من سكن الأرض على نطق هذا الصوت بفصاحته واستطاعوا الحفاظ عليه عبر العصور والتطورات الكبيرة التي شهدتها اللغات.[5]

أشعار قيلت في الضاد

افتخر العرب على مرّ العصور بتفردهم بحرف الضاد حتى تغنى به الكثير من الشعراء المشهورين أمثال المتنبي وفخري البارودي ومطران وغيرهم من الشعراء، ونذكر من بعض الأبيات التي قيلت عن هذا الحرف ما قاله الشاعر وديع عقل حيث نشد هذه الأبيات:

  • لا تقل عن لغتي أم اللغاتِ .. إنها تبرأ من تلك البناتِ.

  • لغتي أكرم أم لم تلد لذويها. …. العرب غير المكرماتِ.

  • ما رأت للضاد عيني أثرًا …. في لغات الغرب ذات الثغثغات.

  • إن ربي خلق الضاد …. وقد خصها بالحسنات الخالدات.

شاهد أيضًا: حوار بين شخصين عن اهمية اللغة العربية

إلى هنا ينتهي الحديث عن إجابة سؤال لماذا سميت اللغة العربية بلغة الضاد بعدما تم توضيح أشهر أسباب إطلاق هذه التسمية على اللغة، كما تم توضيح زمن بداية إطلاق هذه التسمية، كما تم الإشارة أيضًا إلى أبرز المعلومات حول اللغة العربية وتاريخها وأهميتها إسلاميًا ودوليًا.

الزوار شاهدوا أيضاً

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *