لماذا اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ

لماذا اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ؟ هو ما سيتمّ بيانه عبر هذا المقال، فالصحابة الكرام هم أفضل خلق الله بعد الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وقد امتاز الصّحابة بعديد المزايا التي كانت نتيجة شدّة إيمانهم وصدق قلوبهم، وحسن عبادتهم وإخلاصهم لله سبحانه وتعالى، وعبر موقع المرجع سيتم توضيح السبب الذي اهتز له عرش الرحمن عند شهادة الصحابي سعد بن معاذ رضي الله عنه.

لماذا اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ

اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ استبشارًا وسرورًا بقدوم روحه وذلك حبًّا بسعد بن معاذ رضي الله عنه، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “اهتزّ العرشُ لموتِ سعدِ بن معاذٍ من فرحِ الربّ عز وجلَّ”.[1] وروي عن الحسن أنّه قال: “لَقَدِ اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ جَلَّ وَعَزَّ بِجِنَازَةِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؛ فَفَسَّرَهُ الْحَسَنُ: فَرَحًا بروحهُ” فالرحمن على العرش استوى والعرش اهتزّ حقيقةً لموت سعد بن معاذ رضي الله عنه، وذلك لفرح الله بسعد، ولكن على المسلم أن لا يتساءل كيف استوى على العرش، ولا يتساءل كيف اهتزّ عرش الرحمن، فيؤمن بذلك ويمرره دون تأويل ولا تشبيه، وقد ورد عن الذهبي قوله: “وَالعَرْشُ خَلْقٌ لِلِّهِ مُسَخَّرٌ ، إِذَا شَاءَ أَنْ يَهْتَزَّ اهْتَزَّ بِمَشِيْئَةِ اللهِ ، وَجَعَلَ فِيْهِ شُعُوْراً لِحُبِّ سَعْدٍ ، كَمَا جَعَلَ تَعَالَى شُعُوْراً فِي جَبَلِ أُحُدٍ بِحُبِّهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” والله ورسوله أعلم.[2]

سعد بن معاذ رضي الله عنه

بعد بيان لماذا اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ، فسيتمّ تقديم نبذة عن سعد رضي الله عنه، وهو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس الأنصاري الأشهلي، كنيته أبو عمرو، وأمّه كبشة بنت رافع بن عبيد بن ثعلبة، وزوجته هند بنت سماك عمّة أسيد بن حضير، وقد كان سعد بن معاذ طويل البنية عظيم الخِلقة، أبيضًا ضخمًا حسنًا جميلًا، وقد روت فيه السيدة عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها قالت: “ثلاثةٌ من الأنصارِ لم يكن أحدٌ يعْتدِ عليهم فضلًا كلُّهم من بني عبدِ الأشهلِ : أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ وسعدُ بنُ مُعاذٍ وعبادُ بنُ بِشرٍ”.[3] وقد كان سعد بن معاذ سيّد قومه في الجاهلية.[4]

شاهد أيضًا: اعطي مزمار من مزامير ال داود هو الصحابي الجليل

قصة إسلام سعد بن معاذ

إنّ إسلام سعد بن معاذ كان قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بعامٍ واحد، وقد كان يبلغ من العمر حينئذٍ واحدًا وثلاثين عامًا، وذلك لما قدم جماعةٌ من الأنصار إلى مكة في موسم الحج، فدعاهم رسول الله صلى الله للإسلام سرًّا، فرقّت قلوبهم واطمأنّت نفوسهم لدعوته، فآمنوا به وصدّقوه، وعادوا إلى المدينة يدعون أهلهم سرًّا، وأخبروهم بالنبي الذي بعثه الله في مكّة، حتّى أسلم في كلّ دارٍ من دور الأنصار أحد، وقد أرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُرسل لهم أحدًا يعلمهم الإسلام، فجاءهم مصعب بن عمير، الذي أسلم سعد بن معاذ على يده، فلمّا أسلم وقف سعد على قومه، فقال: “يا بني عبد الأَشْهَل، كيف تعلمون أمري فيكم؟”، قالوا: “سيدنا وأفضلنا نَقِيبَةً”، قال: “فإنَّ كلامكم عليَّ حرامٌ، رجالكم ونساؤكم؛ حتى تؤمنوا بالله ورسوله”، قال: “فوالله ما بقيَ في دار بني عبد الأَشْهَل رجلٌ ولا امرأةٌ إلا أسلموا” وقد تمّ معرفة لماذا اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ الذي شهد بدرًا وأحد والخندق.

شاهد أيضًا: من الصفات التي تَميّز بها الصحابي المُغيرةُ بن شُعْبة رضي الله عنه

مناقب من حياة سعد بن معاذ

كان لسعد بن معاذ رضي الله عنه الكثير من المواقف والمناقب في حياته، والتي منها:

  • غضب سعد لسبّ الرسول: فقد كان المسلمين في زمن النبي يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم راعنا من باب الطلب والرغبة أي التفت إلينا، وفي لسان اليهود هو يعني سبًّا، فاغتنمها اليهود يسبّون بها النبي صلى الله عليه وسلم، وكان سعد يفهم لغتهم، فسمعهم، فقال لهم: لئن سمعتها من رجل منكم يقولها للنبي لأضربَنَّ عنقه.
  • نصرة سعد للنبي صلى الله عليه وسلم: “خرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى بدرٍ ، حتَّى إذا كان بالرَّوحاءِ ، خطب النَّاسَ فقال : كيف ترون ؟ فقال أبو بكرٍ : يا رسولَ اللهِ ، بلغنا أنَّهم بمكانِ كذا وكذا . قال : ثمَّ خطب النَّاسَ فقال : كيف ترون ؟ فقال عمرُ مثلَ قولِ أبي بكرٍ . ثمَّ خطب النَّاسَ فقال : كيف ترون ؟ فقال سعدُ بنُ معاذٍ : يا رسولَ اللهِ إيَّانا تريدُ ؟ فوالَّذي أكرمك وأنزل عليك الكتابَ ، ما سلكتُها قطُّ ولا لي بها علمٌ ، ولئن سرتَ حتَّى تأتيَ بِرْكَ الغِمادِ من ذي يمنٍ لنسِيرَنَّ معك ، ولا نكونُ كالَّذين قالوا لموسَى : { فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } ، ولكن اذهبْ أنت وربُّك فقاتلا إنَّا معكما لمتَّبعون ، ولعلَّك أن تكونَ خرجتَ لأمرٍ ، وأحدث اللهُ إليك غيرَه ، فانظُرِ الَّذي أحدث اللهُ إليك ، فامضِ له ، فصلْ حبالَ من شئتَ ، واقطعْ حبالَ من شئتَ ، وعادِ من شئتَ ، وسالِمْ من شئتَ ، وخذْ من أموالِنا ما شئتَ ، فنزل القرآنُ على قولِ سعدٍ : { كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } الآياتُ”.[5]

استشهاد سعد بن معاذ

في غزوة الخندق التي شارك فيها سعد بن معاذ رضي الله عنه، تقدّم المشرك حبان بن العرقة فرمى سعدًا بسهمٍ فأصابه في أكحله، فحسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم كيًا بالنار، وكان سعد قد دعا ربّه أن لا يميته حتّى يقرّ عينه من بني قريظة الذين نقضوا العهد مع رسول الله، ولما انهزم الأحزاب وخسروا وخابوا، ونال بنو قريظة سواد الوجه الخسران في الدنيا والآخرة، فحاصرهم المسلمون حتى نزلوا تحت حكم المسلمين، فرد النبي الحكم فيهم لسعد بن معاذ، ففرح بنو قريظة ظنًا منهم أنه سيميل إليهم فهو حليفهم في الجاهلية، فحكم فيهم بالقتل والسبي وتوزيع المال، وعاد لخيمته بعد أن قرّ عينه منهم لما خانوا من العهد والميثاق، ودعا الله أن تكون له الشهادة، فانفجر جرحه من الليل حتّى مات رضي الله عنه، وفرحًا به وبقدوم روحه هو ما كان جواب لماذا اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ، وقد فتحت له أبواب السماء، وكانت شهادته في السنة الخامسة من الهجرة يوم الخندق.[6]

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي رفع صوته على النبي

إلى هنا نصل لنهاية مقال لماذا اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ رضي الله عنه، والذي عرّف بسعد بن معاذ، وذكر قصّة إسلامه، وسلط الضوء على بعض مناقبه، وروى حادثة استشهاده.

المراجع

  1. السلسلة الصحيحة , الألباني/ أبو سعيد الخدري/ 1288/ إسناده جيد رجاله ثقات
  2. islamqa.info , اهتزاز العرش لموت سعد بن معاذ إنما هو لفرح الرب تعالى ، ولا نقيصة في ذلك , 06/02/2022
  3. الإصابة , اب حجر العسقلاني/ عباد بن عبد الله بن الزبير/ 263/2/صحيح
  4. islamstory.com , سعد بن معاذ , 06/02/2022
  5. عمدة التفسير , أحمد شاكر/ علقمة بن وقاص الليثي/ 102/ 2/ أشار في المقدمة إلى صحته
  6. islamweb.net , وفاة سعد بن معاذ , 06/02/2022

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *