معنى قوله تعالى ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة

معنى قوله تعالى ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة هو أمر يرغب الكثير من الأشخاص في معرفته نظرًا لأن هذه الآية بالذات قد كان لها قصة ذُكرت في علم أسباب نزول الآيات، لذلك سوف يقوم موقع المرجع في هذا المقال بتوضيح معنى هذه الآية مع ذكر القصة التي أنزل الله هذه الآية تعليقًا عليها.

ما هو الإيثار؟

إن الإيثار هو تفضيل غير النفس عليها سواء في الأشياء المهمة أو غير المهمة، ولا يكون الإيثار إلا في شيء يحتاج إليه المؤثر ولا يجوز أن يكون شيئًا فائضًا عن حاجته لأن الشيء المعطى في هذه الحالة لا يعتبر موهوب عن طريق الإيثار وإنما يكون موهوبًا عن طريق الصدقة، فالفرق بين الإيثار والصدقة هو أن الإيثار عطية يحتاج إليها المعطي مثل ما يحتاج إليها المعطى إليه بينما الصدقة هي عطية لا يحتاج إليها المُعطي بينما يحتاج إليها المُعطى إليه.

نبذة عن علم تتبع أسباب نزول الآيات

إن علم تتبع سبب نزول الآيات هو العلم الذي يبحث عن الزمان والمكان والسبب الذي قد نزلت فيه الآيات بالإضافة إلى السبب الذي قد نزلت من أجله، وعادة ما تتفرع أسباب نزول الآيات إلى ما يأتي:

  • التعليق على حادثة معينة: قد يكون سبب نزول الآية هو حصول أمر معين شديد النبل أو شديد السوء لدرجة تستلزم التعليق عليه إما بالإشادة أو بالذم أو حتى بتقرير حكم شرعي.
  • إجابة على سؤال: في بعض الأحيان تنزل الآيات بهدف الإجابة على سؤال سأله أحد المؤمنين أو الكفار للرسول، وعادة ما تبدأ الآيات التي يكون سبب نزولها هو الإجابة على أحد الأسئلة بلفظة ” يسألونك عن “.

ويمكن المعرفة أكثر عن علم تتبع أسباب نزول الآيات من هنا.

شاهد أيضًا: ما الحكمة من نزول القران مفرقا

معنى قوله تعالى ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة

لا بد من أن أغلب المسلمون قد سمعوا بصورة سطحية عن أن آية ” وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ “[1] يقف وراءها قصة شديدة الأهمية كانت السبب في نزولها، لذلك سوف نقوم بتبيين الحديث الذي يختص بتوضيح سبب نزول الآية ثم شرح هذا الحديث فيما يلي:[2]

الحديث الذي يعد سبب نزول هذه الآية

إن الحديث الذي قد استدل العلماء منه على سبب نزول الآية هو ” أنَّ رَجُلًا أتَى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبَعَثَ إلى نِسَائِهِ، فَقُلْنَ: ما معنَا إلَّا المَاءُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن يَضُمُّ -أوْ يُضِيفُ- هذا؟ فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: أنَا، فَانْطَلَقَ به إلى امْرَأَتِهِ، فَقالَ: أكْرِمِي ضَيْفَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: ما عِنْدَنَا إلَّا قُوتُ صِبْيَانِي، فَقالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ، وأَصْبِحِي سِرَاجَكِ، ونَوِّمِي صِبْيَانَكِ إذَا أرَادُوا عَشَاءً، فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا، وأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، ونَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فأطْفَأَتْهُ، فَجَعَلَا يُرِيَانِهِ أنَّهُما يَأْكُلَانِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أصْبَحَ غَدَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ -أوْ عَجِبَ- مِن فَعَالِكُما. فأنْزَلَ اللَّهُ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} “[3].

ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة

شاهد أيضًا: وقعت قصة الإيثار التي قرأها فواز في معركة

أنواع الإيثار

إن الإيثار على النفس له نوعين وهما:

  • إيثار لحقوق الله: إن الإيثار الذي يكون في حقوق الله هو الذي يترك فيه العبد راحته من أجل أن يقوم بأداء فرض قد كتبه الله عليه، ويتميز هذا النوع من الإيثار بأن العبد فيه يعطي لله ما هو في أشد الاحتياج إليه وهو الراحة مع أن الله لا يحتاج لما يعطيه له العبد، فالله ليس بداخل العالم ولا خارجه ولا متصل به، مما يعني أنه لا يحتاج ما يعطيه له العبد، فالعبد لا يقوم بذلك إلا ابتغاء لرضوان الله لا لإفادته.
  • إيثار يختص بالإحسان إلى العباد: هذا النوع من الإيثار يعطي فيه العبد شيء ما يحتاجه بشدة لأحد آخر في حاجة إلى نفس الشيء ليبتغي بهذا الفعل رضى الله عنه في الدنيا وجنات النعيم في الآخرة.

ما هو الإيثار المحرم شرعًا؟

الإيثار المحرم شرعًا هو الإيثار الذي يقوم فيه شخص بإيثار غيره  عن طريق الاعتداء على أحكام الله أو تجاهل أو تغيير ما أمر الله به، ويمكن التمثيل لهذا النوع من الإيثار المذموم شرعًا بما يلي:

  • السماح لأحد الأشخاص بفعل ما نهى الله عنه كالمقامرة أو احتساء الخمر لمجرد إيثار سعادته على أوامر الله ونواهيه.
  • ترك أحد المجرمين يفلت من العقاب الشرعي الذي أعده الله لمجرد إيثار هذا المجرم على أوامر الله.
  • السماع لشخص كافر بالصد عن سبيل الله واتباع أوامره في ترك الفروض الدينية بغية عدم إزعاجه أو جرح مشاعره، ففي هذا الفعل إيثار لمشاعره على احترام دين الله وأداء الفروض التي أمر الله بها.

فوائد الإيثار

عادة ما يفيد الإيثار الفرد والمجتمع بما يأتي:

  • جعل جميع أبناء المجتمع في مستوى مادي متقارب مما يقلل من الفجوات بين الطبقات الاجتماعية.
  • يدرب الناس على أن يفعلوا الأمور الصائبة ويبتعدوا عن الأمور السيئة مما يساهم في نشر الأخلاق الحميدة.
  • يجعل جميع أفراد المجتمع راضين عن أنفسهم بما يهبهم العزيمة على محاربة شرور أنفسهم ليظلوا شاعرين بالصفاء الروحي ورضا الله عنهم.
  • خفض معدلات الجريمة في المجتمع بسبب اختفاء الحقد من صدور الناس، وهو ما سيكون نتيجة طبيعية لتقليل الفجوات بين الطبقات الاجتماعية.

شاهد أيضًا: من صفات المتطوع الأمانة

ما هي الأمور التي تمنع العبد من أن يؤثر الآخرين على نفسه؟

إن الأمور التي قد تمنع العبد من أن يؤثر الآخرين على نفسه هي:

  • ضعف وازعه الديني مما يجعله غير عابئ بثواب الله، فالإنسان بطبعه أناني ولا يفعل الصواب إلا طمعًا في الثواب ولا يبتعد عن الشر إلا خوفًا من العقاب.
  • كره الشخص لمن حوله وحقده عليهم بصورة تجعله غير عابئ بمساعدتهم حتى لو كانت مساعدتهم يترتب عليها رضوان الله عليه.
  • قسوة قلب الشخص وأنانيته الشديدة التي تجعله غير قادر على استيعاب أي شيء خارج حدود ذاته أو الإحساس بمن هم دونه في المستوى المادي.

كيف يمكن للشخص أن يكتسب صفة الإيثار؟

يمكن للشخص أن يساعد نفسه على اكتساب صفة الإيثار من خلال فعل الأمور الآتية:

  • تدريب نفسه على إخراج الصدقات ومساعدة المحتاجين بدون انتظار أي ثناء على هذه التصرفات من الآخرين.
  • محاولة الاقتداء بالرسول ﷺ والصحابة من بعده في جميع تصرفاتهم الأخلاقية النبيلة.
  • تقوية الوازع الديني عن طريق معرفة ما أعده الله من الثواب لأهل طاعته والعقاب لأهل معصيته.
  • تجاهل شيطان النفس حينما يأمر بالفحشاء وتعمد مخالفة أوامره مهما كان الإنسان يشتهي فعلها.

شاهد أيضًا: قصة قصيرة عن الايثار للأطفال جديدة

لقد قمنا في هذا المقال بتوضيح معنى قوله تعالى ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة نظرًا لأن سبب نزول هذه الآية يعتبر ملهمًا للغاية بالنسبة للكثير من الأشخاص، كما إن إشاعة مثل هذه القصص من التراث في المجتمع الإسلامي يقوم بالمساعدة في ارتقاء المجتمع وسمو أفراده أخلاقيًا.

المراجع

  1. سورة الحشر , الآية 9
  2. dorar.net , شروح الأحاديث , 13/04/2021
  3. أبوهريرة , البخاري ، صحيح البخاري ، 3798 ، صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *