ما صحة حديث من ترك صلاة الفجر فليس في وجهه نور

لمعرفة ما صحة حديث من ترك صلاة الفجر فليس في وجهه نور حيث إن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وأعظم ركن عملي بعد التوحيد، وتركها ذنب عظيم، وقد روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكثير من الأحاديث التي تحذر من تركها، نعرض في هذا المقال عبر موقع المرجع تبيانًا لدرجة صحة حديث من ترك صلاة الفجر فليس في وجهه نور، وشرحًا للحديث الموضوع وأنواعه، وتوضيحًا لحكم تارك الصلاة وعقوبته.

ما صحة حديث من ترك صلاة الفجر فليس في وجهه نور

إن حديث من ترك صلاة الفجر فليس في وجهه نور، هو حديث موضوع لا أصل له ولا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا وجود له في كتب السنة، وهو جزء من حديث منتشر جدًا بين الناس، وينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتحدث عن عقوبة معينة تترتب على ترك كل صلاة من الصلوات الخمس، حيث جاء فيه: “من ترك صلاة الصبح فليس في وجهه نور، ومن ترك صلاة الظهر فليس في رزقه بركة، ومن ترك صلاة العصر فليس في جسمه قوة، ومن ترك صلاة المغرب فليس في أولاده ثمرة، ومن ترك صلاة العشاء فليس في نومه راحة“، وعلى الرغم من أن الصلاة ركن مهم من أركان الإسلام، وترك الصلاة ذنب عظيم، لكن لا يجوز الإستدلال على ذلك بالأحاديث الموضوعة أو الضعيفة، وإنما يتم الاستدلال على ذلك بالأحاديث الصحيحة التي تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.[1]

شاهد أيضًا: ما صحة حديث لا تقوم الساعة حتى يكتفي الرجل بالرجل

ما هو الحديث الموضوع

بعد أن تعرفنا على ما صحة حديث من ترك صلاة الفجر فليس في وجهه نور لا بد من التعرف على الحديث الموضوع، فالحديث الموضوع هو الحديث المختلق من قبل الناس، والمنسوب كذبًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويقسم إلى قسمين: قسم وقع على سبيل الخطأ لا عن قصد، وقسم تعمد أحد الرواة وضعه، وهؤلاء الرواة على أقسام  أيضًا: فمنهم من يضع الحديث لإفساد الدين، ومنهم من يضعه نصرة لمذهبه ورأيه، ومنهم من يضعه للتكسب، مثل حديث: “الهريسة تشد الظهر”، فإنَّ واضعه محمد بن الحجاج النخعي الذي كان يبيع الهريسة، ومنهم من يضعه تقربًا للأمراء والسلاطين، ومنهم من يضعه زعمًا منه أنه يُرغب الناس في الدين.[2]

شاهد أيضًا: صحة حديث من صلى علي الف صلاة لم يمت

حكم نقل الأحاديث الموضوعة

بعد أن تعرفنا على ما صحة حديث من ترك صلاة الفجر فليس في وجهه نور سنتعرف على حكم نقل الأحاديث الموضوعة، فلا يجوز نشر الأحاديث الموضوعة، ولا التحديث بها إلا لبيان أنها مكذوبة، ومن فعل ذلك متعمدًا فقد عرض نفسه لغضب الله وعقابه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار”،[3] وقال أيضًا: “من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين”.[4]

وقال الإمام النووي -رحمه الله- في شرح صحيح مسلم: “لا فرق في تحريم الكذب عليه -صلى الله عليه وسلم- بين ما كان في الأحكام وما لا حكم فيه كالترغيب والترهيب والمواعظ وغير ذلك، فكله حرام من أكبر الكبائر وأقبح القبائح بإجماع المسلمين الذين يعتد بهم في الإجماع، ويحرم رواية الحديث الموضوع على من عرف كونه موضوعا أو غلب على ظنه وضعه، فمن روى حديثا علم أو ظن وضعه ولم يبين حال روايته وضعه فهو داخل في هذا الوعيد، مندرج في جملة الكاذبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم”.[5]

أحاديث صحيحة عن ترك الصلاة

بعد أن تعرفنا على ما صحة حديث من ترك صلاة الفجر فليس في وجهه نور والأحاديث الموضوعة، سنتعرف على ثلاثة أحاديث صحيحة تتحدث عن ترك الصلاة، فقد روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العديد من الأحاديث الصحيحة التي تحذر من ترك الصلاة، وتحض على الالتزام بها، وتتحدث عن عقوبة تاركها:

الحديث الأول

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ العهدَ الذي بيننا وبينهم الصلاةُ، فمن تركها فقد كفر”.[6]

الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي عمود الإسلام، من قام بها على وجهها نجا، ومن فرط فيها خاب وخسر، وفي هذا الحديث يبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الفرق بيننا وبين الكفار والمنافقين من أعمال ظاهرة تجعلهم تسري عليهم أحكام الإسلام هي الصلاة فمن تركها دخل في حكم الكفار، وسرت عليهم أحكامهم، وقد أجمع المسلمون على أن من جحد فرض الصلاة كافر كفرًا أكبر مخرجًا من الملة، ومثله مثل سائر الكفار بالله وملائكته وكتبه ورسله، وأما من تركها كسلًا وتهاونًا من غير جحد لفرضها، فقد اختلف العلماء في حكمه، وأقرب الأقوال في ذلك: أن من تركها بالكلية تهاونًا أو كسلًا، كافر كفرًا مخرجًا من الملة، وأما من ترك صلاة أو صلاتين فلا يقال له: ترك الصلاة، بل هو مقصر ووقع في ذنب عظيم وهو على خطر كبير، ويلزمه التوبة وأداء الصلوات.[7]

شاهد أيضًا: حديث يدل على خطورة ترك الصلاة

الحديث الثاني

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ بيْنَ الرَّجُلِ وبيْنَ الشِّرْكِ والْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ”.[8]

الصلاة فرض عين على كل مسلم مكلف، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وأعظم ركن عملي بعد التوحيد، وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم تحذيرا شديدا من تركها، فترك الصلاة جحودا لوجوبها كفر بالإجماع، وكذلك ترك الصلاة بالكلية تهاونا أو كسلا، كفر مخرج من الملة في قول كثير من أهل العلم، وحكي عليه إجماع الصحابة، ومن يصليها مرة ويتركها مرة، فهذا غير محافظ عليها وهو تحت الوعيد، وهذا يوجب الحذر الشديد من ترك هذه العبادة العظيمة أو التهاون فيها وعدم المحافظة عليها.

ثم إن الشرك والكفر قد يطلقان بمعنى واحد، وهو الكفر بالله تعالى، وقد يفرق بينهما، فيخص الشرك بعبدة الأوثان، وغيرها من المخلوقات، مع اعترافهم بالله تعالى، ككفار قريش، فيكون الكفر أعم من الشرك في هذه الحال.[9]

الحديث الثالث

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ أولَ ما يُحاسَبُ به العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه صلاتُه ، فإن صَلُحَتْ فقد أَفْلَحَ وأَنْجَح ، وإن فَسَدَتْ فقد خاب وخَسِرَ ، فإن انْتَقَص من فريضتِه شيئًا ، قال الربُّ تبارك وتعالى : انْظُروا هل لعَبْدِي من تَطَوُّعٍ فيُكَمِّلُ بها ما انتَقَص من الفريضةِ ، ثم يكونُ سائرُ عملِه على ذلك”.[10]

“إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته”، أي: الصلاة المفروضة، “فإن صلحت”، أي: كانت كاملة وجاءت على وجه التمام والقبول عند الله عز وجل، “فقد أفلح وأنجح”، أي: فاز وبلغ الأجر والثواب، “وإن فسدت”، أي: كانت ناقصة وعلى غير الوجه المقبول، “فقد خاب وخسر”، وذلك بما سيقع عليه من جزاء وعقوبة، “فإن انتقص من فريضته شيئا”، أي: فإن كانت الفريضة غير كاملة وبها نقص، “قال الرب تبارك وتعالى”، أي: لملائكته: “انظروا”، أي: في صحيفته، “هل لعبدي من تطوع”، أي: صلاة نافلة، “فيكمل بها”، أي: بالنافلة، “ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك.[11]

حكم تارك الصلاة

لتارك الصلاة حالتان: فإما أن يتركها جحودًا لفرضيتها، أو أن يتركها تهاونًا وكسلًا لا جحودًا.

حكم تارك الصلاة جحودًا لوجوبها

أجمع العلماء على أن تارك الصلاة جحودًا لفرضيتها كافر مرتد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كفرًا كجاحد كل معلوم من الدين بالضرورة، ومثل ذلك ما لو جحد ركنًا أو شرطًا مجمعا عليه، واستثنى الشافعية والحنابلة من ذلك من أنكرها جاهلًا لقرب عهده بالإسلام أو نحوه فليس مرتدًا، بل يعرف الوجوب، فإن عاد بعد ذلك صار مرتدًا.[12]

شاهد أيضًا: كم عدد اركان الاسلام وما هي

حكم تارك الصلاة بالكلية تهاونًا وكسلًا

تارك الصلاة بالكلية تهاونًا أو كسلًا، كافر كفرًا مخرجًا من الملة، وهذا مذهب الحنابلة، ووجه عند الشافعية، وقول عند المالكية، وبه قالت طائفة من السلف، وهو مذهب جمهور أصحاب الحديث، وذهب إلى هذا ابن تيمية، وابن القيم، واختاره ابن عثيمين، ودليل ذلك قول الله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}،[13] وقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}،[14] وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ بيْنَ الرَّجُلِ وبيْنَ الشِّرْكِ والْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ”،[8] وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ العهدَ الذي بيننا وبينهم الصلاةُ، فمن تركها فقد كفر”،[6] ويدل على ذلك أيضًا إجماع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.[15]

شاهد أيضًا: شروط الصلاة واركانها وواجباتها

عقوبة تارك الصلاة

ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن تارك الصلاة جحودًا وكفرًا، يقتل ودليل ذلك من القرآن قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}،[16] ودليل ذلك من السنة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أُمرتُ أنْ أقاتلَ الناسَ حتى يَشهدوا أنْ لا إلهَ إلَّا الله، وأنَّ محمدًا رسولُ الله، ويُقيموا الصَّلاةَ، ويُؤتوا الزَّكاةَ، فإذا فَعَلوا ذلك عَصَموا منِّي دِماءَهم وأموالَهم إلَّا بحقِّ الإسلامِ، وحِسابُهم على اللهِ”،[17] ودليل ذلك من القياس على إجماع الصحابة على قتال مانعي الزكاة، والله أعلم، أما الذي يتركها تكاسلًا فيجب نصحه دائمًا والدعاء له سرًا، والله أعلم.[18]

شاهد أيضًا: في أي عام فرضت الصلاة

وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية المقال الذي تحدثنا فيه عن ما صحة حديث من ترك صلاة الفجر فليس في وجهه نور، وشرحنا الحديث الموضوع وأقسامه، وحكم تارك الصلاة وعقوبته، وذكرنا العديد من الأحاديث الصحيحة التي تتحدث عن ترك الصلاة.

المراجع

  1. islamqa.info , حديث موضوع في الوعيد على من ترك الصلوات الخمس , 6/6/2021
  2. alukah.net , شرح الحديث الموضوع , 6/6/2021
  3. صحيح البخاري , البخاري، المغيرة بن شعبة، 1291، صحيح.
  4. صحيح الترمذي , الألباني، المغيرة بن شعبة، 2662، صحيح.
  5. islamweb.net , التحذير من نشر ورواية الأحاديث الموضوعة , 6/6/2021
  6. صحيح النسائي , الألباني، بريدة بن الحصيب الأسلمي، 462، صحيح.
  7. saaid.net , شرح أحاديث عمدة الأحكام , 6/6/2021
  8. صحيح مسلم , مسلم، جابر بن عبد الله، 82، صحيح.
  9. alukah.net , شرح حديث: إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة , 6/6/2021
  10. سنن الترمذي , الترمذي، أبو هريرة، 413، حسن غريب من هذا الوجه.
  11. islamqa.info , شرح حديث : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ ... ) , 6/6/2021
  12. dorar.net , حُكمُ تارك الصَّلاةِ جَحدًا لوُجوبِها , 6/6/2021
  13. سورة مريم , الآية: 59
  14. سورة الروم , الآية: 31
  15. dorar.net , حُكمُ تارك الصَّلاةِ بالكليَّةِ تَهاونًا وكَسلًا , 6/6/2021
  16. سورة التوبة , الآية: 11
  17. صحيح أبي داود , الألباني، أنس بن مالك، 2641، صحيح.
  18. dorar.net , عقوبةُ تارِكِ الصَّلاةِ , 6/6/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *