من هو الصحابي المستجاب الدعاء

من هو الصحابي المستجاب الدعاء هو الموضوع الّذي سيتناوله هذا المقال، فقد فضّل الله -سبحانه وتعالى- الصّحابة الكرام على بقيّة البشر، ورضي عنهم في الدّنيا والآخرة. كما وهبهم العديد من الكرامات والخصائص الّتي لم تُؤتى لأحدٍ قبلهم. باستثناء الأنبياء والرّسل عليهم السّلام أجمعين. وإنّهم خيرة البشر وأفضلهم بعد الأنبياء والرّسل. ويساعدنا موقع المرجع على معرفة الصّحابي الّذي خصّه الله تعالى بالدّعاء المستجاب. و كذلك التّعرّف على سيرته الكريمة العطرة.

أهمية الدعاء في حياة المسلم

إنّ الدّعاء من أعظم العبادات في دين الإسلام الحنيف. و كذلك هو من الأعمال الصّالحة الّتي تقرّب العبد من ربّه جلّ وعلا. كما أنّه الصّلة بين العبد والخالق، والطّريقة الوحيدة لسؤال الله تعالى ما يحتاجه العبد. و كذلك السّبيل لقضاء حوائجه، والوصول إلى مراده ومبتغاه. كما أنّ الإسلام قد رفع من مكانة الدّعاء ومنزلته. و كذلك بالدّعاء تُغفر الّذنوب والخطايا، وتتمّ به التّوبة والرّجوع لله جلّ جلاله، قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- في حديثه الشّريف: “الدُّعاءُ هو العبادةُ”.[1]

حيث بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ في الدّعاء اعترافٌ وإقرارٌ من العبد، بتوحيده لله تعالى، وعبادته وطاعته، وكذلك اعتراف بأنّه لا إله إلّا الله لا شريك له، بيده الخير الشّرّ والضّرّ والنّفع، وأنّ العبد بحاجة له بكلّ خطوةٍ يخطوها. ومع كلّ نفس يأخذه، وبالدّعاء يأخذ المؤمن الأجر العظيم، ويفتح الله تعالى به أبواب الخير والعطاء والفضل. و كذلك يرفع به الدّرجات والمنازل في الآخرة. وحاشى لله أن يردّ عبداً خائباً قد رفع يديه يرجوه ويدعوه ويسأله من فضله. وقد قال تعالى في محكم تنزيله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.[2]  فعلى العبد أن لا ينقطع عن دعاء الله في كلّ وقت. و كذلك أن يلحّ بالدعاء فإنّ الله تعالى يحبّ من يدعوه بكثرة، فيأجره ويجزيه من فضله والله أعلم.[3]

من هو الصحابي المستجاب الدعاء

إنّ الصحابي المستجاب الدعاء هو الصّحابيّ الجليل سعد بن أبي وقذاص رضي الله عنه في الدّنيا والآخرة. كذلك هو خال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- وقد دعا له بأن يستجيب الله دعوته. حين قال: “قالَ يومئذٍ يعني يومَ أحدٍ اللَّهمَّ سدِّد رميتَه وأجِب دعوتَه”.[4] ولقد وردت في سرته وقصّته الكثير من المواقف الّتي تثبت هذا الأمر. وقد روي أنّه ذات مرّةٍ رأى رجلاً يسبّ الصّحابة الكرام عثمان وعليّ والزّبير بن العوّام رضي الله عنهم أجمعين، فزجره وغضب منه سعد على ما فعل، فراح يصلّي. وعندما انتهى من صلاته دعا عليه بالغضب من الله تعالى، وسأل الله أن نصر أصحابه وإخوته على من يقع فيهم. فاستجاب الله تعالى له، فلم يكد ينته النّهار حتّى قُتِل ذلك الرّجل وجُعل عبرةً لكلّ عدوٍّ لأصحاب رسول الله.[5]

كما ذكر أنّه عندما استلم الحكم على ولاية الكوفة، شكت فئةٌ من النّاس سعداً لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه. فبعث أمير المؤمنين رسولاً يتقصّى تفاصيل الأمر . و كذلك يبحث في حقيقته. لكنّ كلّ النّاس في الكوفة مدحت سعداً، إلّا رجلاً من بني عبس، اتّهمه زورا ًبأنّه غير عادلٍ في حكمه. فدعا عليه سعدٌ بالعمى لظلمه له في كلامه وحديثه. فجاءت الإجابة من الله تعالى سريعةً فأصيب ذلك الرّجل بالعمى. والله أعلم.[5]

شاهد أيضًا: من هو الذي مات ولم يولد

سعد بن أبي وقاص

هو الصّحابيّ الجليل سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشيّ، رضي الله عنه وأرضاه، وهو الصحابي المستجاب الدعاء و ابن عمّ أمّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ويعدّ في مقام خاله، وقد ولد في مكّة المكرّمة في السّنة الثّالثة والعشرين قبل الهجرة النّبويّة المباركة، عُرف بين أصحابه بحبّه الشّديد للجهاد والقتال في سبيل الله تعالى، وسبيل إعلاء كلمته الحقّ، كما نشأ بين فتية قريشٍ وأخذ العلم من وفود الحجيج الّتي كانت تأتي إلى مكّة للحجّ فيها، حيث تعرّف على الدّنيا والعالم منهم.[6]

وكذلك روي أنّه اشتغل في شبابه في صناعة السهام، وبرع في الرّمي والصّيد، فشرّفه الله -تبارك وتعالى- بأن يكون هو أوّل من يرمي سهماً في سبيل الله تعالى، وسطّر التّاريخ الإسلاميّ نجاحه بالكثير من المعارك الحروب في الخلافة الرّاشدة، ومنها معركة القادسيّة، وكذلك كان سعد بن أبي وقاص أحد الستّة أصحاب الشّورى، وكان أحد شهود صلح الحديبية والله أعلم.[6]

إسلام سعد رضي الله عنه

كان سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه من السّبّاقين الأوّلين للإسلام، فقد أسلم على يد أبو بكرٍ الصّدّيق حين دعاه، وكان عمره عندما أسلم سبعة عشر عاماً فقط، وفيه نزل قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ۖ وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۚ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.[7] حين أضربت أمّه عن الأكل والشّرب لأنّ ابنها سعداً قد أسلم، وفعلت ذلك حتّى يرجع ابنها عن الإسلام ويكفر به، وعندما رفض سعد أقسمت بأنّها لن تكلّمه إطلاقاً، وكذلك فعلت.

وقد حسن إسلامه فكان من المقرّبين من رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وكان له معه العديد من المواقف، منها ما رُوي عن عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها حيث قالت: “كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَهِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، قالَ: لَيْتَ رَجُلًا مِن أصْحَابِي صَالِحًا يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ، إذْ سَمِعْنَا صَوْتَ سِلَاحٍ، فَقالَ: مَن هذا؟، فَقالَ: أنَا سَعْدُ بنُ أبِي وقَّاصٍ جِئْتُ لأحْرُسَكَ، ونَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ”.[8] وغيرها الكثير من المواقف مع الصّحابة الكرام في العهد النّبويّ وغيره والله أعلم.[6]

مناقب سعد رضي الله عنه

كذلك الخوض في بيان من هو الصحابي المستجاب الدعاء يدفع إلى ذكر مناقبه. فقد مَنَّ الله تعالى على صحابة رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- بأن فَضَّلَهم على جميع البشر، وجَعَلَهم من السّبّاقين لدخول الجنّة دون حسابٍ، ولكلّ صحابيٍّ جليل مناقب وفضائل عديدة، تَميَّز بها عن غيره، وإنّ مناقب سعد رضي الله عنه الّتي اختصّ بها دون غيره هي:[6]

  • أنّه من العشرة المبشّرين بالجنّة بإذن الله تعالى.
  • كذلك أنّه كان خال رسول الله عليه أفضل الصّلاة والسّلام.
  • كما أنّه أوّل من رمى سهماً في سبيل الله جلّ جلاله.
  • أنّ رسول الله قَالَ له يوم أُحد: “يا سعد ! ارْمِ ، فداك أبي وأمي”.[9]
  • و كذلك أنّ الرّسول دعا له بأن يكون دعاؤه مستجاباً، واستجاب الله تعالى لرسوله.

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي لقب بأمين هذه الأمة

رواية سعد للحديث

روى سعد بن أبي وقّاص الكثير من الأحاديث النّبويّة الشّريفة، حيث أنّ له في صحيح مسلم ثمانية عشر حديثاً، وفي صحيح البخاريّ خمسة أحاديث، أمّا ما اتّفق عليه البخاريّ ومسلم في صحيحهما فقد بلغ عدد الأحاديث خمسة عشر حديثاً، وإنّ في مسند أحمد بن حنبل مائةٌ وسبعةٌ وسبعون حديثاً من رواية سعد رضي الله عنه، كما روى عنه الكثير من أبناء الصّحابة الكرام رضي الله عنهم كعبدالله بن عمر بن الخطّاب، وعبدالله بن عبّاس، وأمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وغيرهم الكثير والله أعلم.[6]

وفاة سعد بن أبي وقاص

توفّي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في قصره الموجود في العقيق، والّذي يبعد عن المدينة المنوّرة خمسة أميال، وكان ذلك في السّنة الخامسة والخمسين للهجرة المباركة عن عمرٍ قد ناهز الثّمانين وبضع سنوات، وقيل أنّه آخر من مات من المهاجرين وأنّه آخر من مات من العشرة المبشّرين بالجنّة والله أعلم.[6]

شاهد أيضًا: من هو قائد معركة القادسية وما هي أسبابها ونتائجها

من هو الصحابي المستجاب الدعاء وهو الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه . و كذلك جعله من السّبّاقين للإسلام، وبشّره رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- بالجنّة، وقد ذكر هذا المقال مقتطفاتٍ من سيرته العطرة الكريمة، ونبذةً عن مناقبه وفضائله رضي الله عنه وأرضاه.

المراجع

  1. مجموع فتاوى ابن باز , ابن باز/النعمان بن بشير/18/26/إسناده صحيح
  2. سورة البقرة , الآية 186
  3. alukah.net , أهمية الدعاء , 29/03/2021
  4. تخريج مشكاة المصابيح , ابن حجر العسقلاني/سعد بن أبي وقّاص/439/5/حسن كما قال في المقدمة
  5. alukah.net , سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه , 29/03/2021
  6. islamstory.com , سعد بن أبي وقاص , 29/03/2021
  7. سورة العنكبوت , الآية 8
  8. صحيح البخاري , البخاري/عائشة أم المؤمنين/2885/صحيح
  9. صحيح الجامع , الألباني/عليّ بن أبي طالب/7911/صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *