من هو النبي الذي دفنه ابليس حيا

من هو النبي الذي دفنه ابليس حيا ؟ سؤالٌ سيخطر على بال الباحثين في قصص الأنبياء والرسل وسِيرهم، ومن المعلوم أنّ الأنبياء والرّسل أعدادهم كبيرة جدّاً، فلم تأتي أمّةٌ على وجه الأرض إلا وقد جعل الله فيها نبيّاً أو رسولاً، يُنذرهم ويهديهم ويبشّرهم برضوان الله عليه، ويوجّههم لمحاربة وساوس الشّيطان، فالدّنيا هي مكان مواجهة بين الشّيطان والكفر وبين الحقّ والإيمان بالله، فكانت مكائد الشّيطان كبيرة وكثيرة للمؤمنين ليحيد بهم عن طريق الصّواب، ويحرّض النّاس على الأنبياء ويؤذيهم، وفي هذا المقال سيجيب موقع المرجع على من هو النبي الذي دفنه ابليس حيا.

من النبي الذي دفنه ابليس حيا

إنّ النبي الذي دفنه إبليس حياً كما ورد هو نبيّ الله شيث عليه السّلام وهو واحدٌ من أبناء آدم -عليه السّلام- وقيل أنّه ثالث أبنائه حيث وُلد بعد دفن هابيل، كان شيث أحد الأنبياء كما ورد في الحديث الغريب الذي لا بأس بإسناده والذي رواه الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “يا أبا ذرٍّ أربعةٌ سريانيونَ: آدمُ وشيثُ وخنوخُ وهو إدريسُ وهو أولُ من خطَّ بقلمٍ ونوحٌ وأربعةٌ من العربِ: هودٌ وشعيبٌ وصالحٌ ونبيُّكَ يا أبا ذرٍّ وأولُ أنبياءِ بني إسرائيلَ: موسَى وآخرُهم عيسَى وأولُ الرسلِ آدمُ وآخرُهم: محمدٌ قال: قلت: يا رسولَ اللهِ كم كتابٌ أنزله اللهُ؟ قال مائةٌ وأربعةُ كتبٍ أُنزِلَ على شيثَ خمسينَ صحيفةً وعلى خنوخَ ثلاثينَ صحيفةً وعلى إبراهيمَ عشرَ صحائفٍ وأُنزِلَ على موسَى قبلَ التوراةِ عشرَ صحائفَ وأُنزِلَت التوراةُ والإنجيلُ والزبورُ والفرقانُ”.[1] وقيل أنّه لما حضرت آدم -عليه السلام- عهد إلى ابنه شيث وعلمه ساعات الليل والنّهار وعلمه عبادات تلك الساعات، فلما مات آدم قام شيث  بالأمر من بعده، ويُقال أنّ الشيطان اجتمع مع قوم شيث عليه حتّى دفنوه حيّاً والله ورسوله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: من هو النبي الذي قتله إبليس

من هو النبي الذي دفنه الشيطان حيا

من هو النبي الذي دفنه إبليس حيا سؤالٌ واردٌ لدى الكثيرين من المهتمين بتاريخ الصّراع بين الشّيطان وأولياء الله، حيث إن هذا الصّراع نشأ من لحظة تكبّر إبليس اللّعين عن السّجود لآدم -عليه السّلام- وقد أمره الله بذلك، فأغوى آدم وكان سبباً لخروجه من الجنّة، وأهبطهم إلى الأرض وجعلهم أعداء بعض، قال تعالى في سورة طه: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ}.[3] وقد أقسم إبليس على إغواء البشر وضلالهم عن عبادة الله الواحد القهّار، فنزل آدم إلى الأرض ليواجه هو وذريّته كيد الشّيطان ودأبه على إضلال بني آدم، وقد تسلّح الشّيطان بالكثير من الأسلحة كالكذب والقدرة على التّزيين، وقدرته على رؤية البشر وعدم قدرتهم على رؤيته، فغاية الشّيطان النّهائيّة وهدفه هو أن يصير كلّ بني البشر إلى النار.[4]

شاهد أيضًا: من هو النبي الذي قطعت النساء ايديهن عندما رأوه

سيدنا آدم والشيطان

خلق الله -سبحانه وتعالى- آدم -عليه السّلام- بيده ونفخ فيه من روحه، ثمّ أمر الملائكة بالسّجود له ففعلوا، إلا إبليس أبى واستكبر وتكبّر وقال أنا أفضل منه، فنال غضب الله والطّرد من رحمته، وكان ربّ العزّة قد خلق آدم وعلّمه الأسماء كلّها، وقد عاش آدم -عليه السّلام- في الجنّة وحيداً، فخلق الله حوّاء من ضلعه الأيسر، ليأنس بها ولتكون زوجةً له، وقد أسكنهما الله الجنّة، يتنعّمان بها ويأكلان ما أرادا منها مترفين منعّمين، فلا ظمأ ولا جوع ولا عمل ولا عريّ، بل الجمال والسعادة والهناء، إلّا أنّ الله أمرهما أن لا يقربا شجرةً واحدة حُرّمت عليهما، وحذّرهما من الشيطان وأنّه عدوٌّ لهما، لكنّ الشّيطان المليء بالحقد أراد أن يبعدهما عمّا هما فيه، وأراد إخراجهما من نعيمهما فهو يكره آدم ويحسده، فوسوس لهما الشّيطان، واستجرّهما للأكل منها، ففعلا وعصيا ربّهما، فأهبطهم الله جميعاً من الجنّة إلى الأرض، وجعل الله البشر والشّيطان أعداء إلى يوم القيامة، وأمرهم أن يلتزموا بما ينزل عليهم من الهدي الإلهي وعبادة الله وحده لا شريك له، وأقسم إبليس أن يغوي بني آدم وأن يصدّهم عن سواء السّبيل.[5]

شاهد أيضًا: من هو النبي الذي سمي بخاتم الأنبياء

سيدنا سليمان والشيطان

قد تحدّثنا سابقاً عن إجابة السّؤال من هو النبي الذي دفنه ابليس حيا، أمّا الآن فسنعرض لكم قصة سيدنا سليمان والشيطان، فنبيّ الله سليمان عليه السّلام، كان أحد الأنبياء الّذي بعثهم الله تعالى لبني إسرائيل، وقد آتاه الله تعالى الحكمة والعلم والملك الّذي لم يؤته لأحدٍ من قبله، ولن يؤتيه لأحدٍ من بعده أبداً، قال الله تعالى في محكم تنزيله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ*وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ*وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}.[6] فالله -سبحانه وتعالى- سخّر له كلّ مخلوقات الأرض وكلّ كنوزها، تمشي بأمره وتطيعه وتخضع لأمره، حتّى الجنّ والشّياطين والعفاريت كانت مسخّرةً لخدمته، فكان ملكه عظيماً، وحكم بني إسرائيل بالعدل، وأقام حكم وكلمة الله تعالى في الأرض، وذكر القرآن الكريم في العديد من قصّة سيّدنا سليمان عليه السّلام، وذكر العديد من المواقف من حياته ومسيرة دعوته إلى التّوحيد.

وانتشرت بين عوامّ المسلمين قصصٌ عن خاتم سليمان الّذي طمع فيه الشّيطان وسرقه منه، وقيل بأنّ هذا الخاتم قد أعطته الملائكة لسليمان، ليتحكّم من خلاله بالشّياطين والجن، وهذا الخاتم هو سبب ملكه، وتقول القصّة أن إبليس طمع في ملك نبيّ الله سليمان عليه السّلام، وطمع في الخاتم الّذي ادعى بأنّه وسيلة التّحكّم بالجنّ والشّياطين، وكان سليمان إذا أراد شيئاً فإنّه كان يحرّك خاتمه، فيكون ما أراد، وفي يومٍ تمثّل إبليس الرّجيم بصورة نبيّ الله سليمان عليه السّلام، وخدع امرأة سليمان وأخذ الخاتم منها، وتحكّم من خلاله بالإنس والجن، وأخذ ملك سليمان كلّه، حتّى قيل بأنّه كان يجلس على عرش سليمان ويحكم بين النّاس ويقضي بينهم، كما روت القّصّة بأنّ إبليس كان يأتي نساء سليمان عليه السّلام، وكان يأتيهنّ وهنّ حيض، حتّى استرجع سليمان عليه السّلام الخاتم منه، واستردّ حكمه وملكه؛ وقال أهل العلم بهذه القصّة بأنّها مكذوبةٌ وغير صحيحة إطلاقاً، بل إنّ هذه الرّواية ما هي إلّا افتراءاتٌ من اليهود على الأنبياء والرّسل، فقد احتوت هذه القصّة على الطّعن في نبوّة سليمان عليه السّلام، لأنّ بعض اليهود لا يعترف ولا يؤمن بنبوّته، بل يقولون عنه بأنّه كان ساحراً عظيماً، وقال أهل العلم بأنّ هذه القصّة باطلةٌ ولا يجوز تداولها ونشرها بين النّاس أبداً، فالشّيطان لا يمكنه أن يتمثّل أبداً بصور الأنبياء عليهم السّلام، وإنّه لم يكن لسليمان خاتمٌ أصلاً، فالله تعالى آتاه الحكم والملك، وجعل جميع المخلوقات خاضعةً لأمره، دون أيّ وسيلةٍ للتّحكّم، وإنّما يروّج اليهود بهذه القصص المكذوبة للسّحر وإمكانيّة التّحكّم بالجنّ والشّياطين، والسّحر كفرٌ وشركٌ بالله تعالى والله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي تعلم لغة اليهود في 15 يوم

سيدنا محمد والشيطان

قد ثبتت في السّنّة النّبويّة المباركة الكثير من الأحاديث والرّوايات الّتي تروي رؤية رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للشّياطين ولإبليس ومخاطبته لهم، ومن الأحاديث الّتي ذكرت رؤية رسول الله لإبليس عليه السّلام، ما رواه أبو الدّرداء -رضي الله عنه- حيث قال: “قَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَسَمِعْنَاهُ يقولُ: أعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ، ثُمَّ قالَ ألْعَنُكَ بلَعْنَةِ اللهِ ثَلَاثًا، وبَسَطَ يَدَهُ كَأنَّهُ يَتَنَاوَلُ شيئًا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، قدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ في الصَّلَاةِ شيئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذلكَ، ورَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ، قالَ: إنَّ عَدُوَّ اللهِ إبْلِيسَ، جَاءَ بشِهَابٍ مِن نَارٍ لِيَجْعَلَهُ في وجْهِي، فَقُلتُ: أعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قُلتُ: ألْعَنُكَ بلَعْنَةِ اللهِ التَّامَّةِ، فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أرَدْتُ أخْذَهُ، واللَّهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أخِينَا سُلَيْمَانَ لأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ به وِلْدَانُ أهْلِ المَدِينَةِ”.[8]

كذلك روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- قال: “إنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ البَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي، فأمْكَنَنِي اللَّهُ منه فأخَذْتُهُ، فأرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ علَى سَارِيَةٍ مِن سَوَارِي المَسْجِدِ حتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ: رَبِّ هَبْ لي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِن بَعْدِي، فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا”.[9] وفي المقابل انتشرت الكثير من الأحاديث الباطلة عن مقابلة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لإبليس وهو حديثٌ طويلٌ لا يصحّ، ولا أصل لهذا الحديث ولا سند، بل هو مكذوبٌ ومنكرٌ ولا يجوز نشره بين النّاس، والله أعلم.[10]

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي قتل مائة مشرك مبارزة

من هو النبي الذي دفنه ابليس حيا مقالٌ أجاب على التساؤل المطروح، مع ذكر بعضٍ من قصص الأنبياء مع الشّيطان الرّجيم، والّتي بيّنا الصّحيح منها من المكذوب الّذي لا يجوز نشره أو نسبه إلى الأنبياء أو السّنّة المباركة.