من اول من ضبط الاحرف بالقران الكريم

من اول من ضبط الاحرف بالقران الكريم من الأسئلة الشائعة بين المسلمين بكثرة، فقد أرسل الله – سبحانه وتعالى- الرسل والأنبياء إلى أقوامٍ ليدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ويرشدوهم إلى طريق الحقّ، وقد اختصّ الله بعض الأنبياء برسالاتٍ وكتبٍ سماويّة فيها أحكام وأوامر إلهيّة، وكانت آخر هذه الرسالات وأعظمها القرآن الكريم الذي أوحي به إلى النبيّ محمّدٍ -صلّى الله عليه وسلّم- خاتم الأنبياء والمرسلين، لذا يهتم موقع المرجع بذكر بعض الخصائص التي امتاز بها القرآن الكريم وبيان من هو أوّل مـن ضبـط الأحرف بالقرآن الكريـم.

القرآن الكريم

قبل الإجابة عن سؤال من اول من ضبط الاحرف بالقران الكريم لا بدّ من ذكر نبذة يسيرة عن القرآن الكريم الكتاب السماويّ المعجَز الذي جاء به خاتم المرسلين هدىً للناس، فهو من أعظم المعجزات، تكفّل الله بحمايته من التحريف على مرّ الزمن إلى قيام الساعة، فمن معجزاته اللغة والفصاحة والأسلوب و الأحكام التشريعية المتوافقة مع كلّ زمان، والتنبؤات بالمستقبل التي مازال إلى الآن العلم الحديث يكتشفها.[1]

شاهد أيضًا: ما نوع التفسير الذي يهتم ببيان موضوع ما من خلال آيات القرآن الكريم

لغة القرآن الكريم

أوحى الله تعالى القرآن الكريم لمحمد خاتم الرّسل، النبي الأميّ، وكان محمّد عربياً من قبيلة قريش، وقد كانت لغة القرآن هي اللغة العربية، ويعتبر اختيار الله تعالى تكريماً للغة العربيّة، تفضيلاً لها عن باقي اللغات، يقول تعالى في كتابه الكريم:{إنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُون}،[2] وتعتبر اللغة العربيّة من أقدم اللغات، تتميّز بجمال حروفها وفصاحة كلماتها وجمال تعبيرها وجزالتها، واشتُهر العرب وخاصّة قريش بفصاحتهم وشعرهم، ولكنّهم عجزوا أمام القرآن الكريم وبلاغته التي تحداهم الله بالإتيان لو بآيةٍ مثله.[3]

شاهد أيضًا: اذكر عدد المرات التي اقترن فيها ذكر الزكاة بالصلاة

من اول من ضبط الاحرف بالقران الكريم

إنّ اول من ضبط الاحرف بالقران الكريم هو أبو الأسود الدؤلي، فحين أرسل القرآن الكريم إلى محمد -صلّى الله علي وسلم- كان قد حفظه في عقله وقلبه، وكان الصحابة من حوله سريعين الحفظ، يحفظنه بمجرد سماعهم له، وبعد أن توفي عليه الصلاة والسلام خاف الصحابة من ضياع القرآن فرسمه وحفظوه في كتاب، ونُسب الرسم للصحابة، و جاء بعدهم التابعين يضبطون القرآن بوضع النقاط على الحروف، وتشكيل الأحرف، وتقسيم القرآن إلى أجزاءٍ وأحزابٍ، فقام التابعيّ الجليل أبو الأسود الدؤلي بضبط الحروف وتنقيطها، ثم جاء بعده التابعيّ الخليل بن أحمد الفراهيدي وأضاف بعض التفاصيل ليصبح الضبط أدق، وأمّا نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر فقد وضعوا الأجزاء والأحزاب بإشرافٍ من الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد حُفِظ القرآن على ما ضبطه التابعين ورسمه الصحابة إلى يومنا هذا.[4]

شاهد أيضًا: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب سبب النزول

ماهي أعمال أبو الأسود الدؤلي

كان أبو الأسود الدؤلي واليًا في البصرة في خلافة علي بن أبي طالب، وُلِد في الحجاز قبل بعثة النبيّ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- وقد آمن بمحمد ورسالته لكنّه لم يره، وكان اسمه ظالم رغم أنه كان قاضيًا عادلًا، واشتهر بأبو الأسود ورضي بهذا اللقب لثقل اسمه الحقيقي عليه، ومن إنجازات وأعمال أبو الأسود الدؤلي:

• كان أول من أسس ووضع قواعد اللغة العربية، حيث عُرف بملك النحو، واشتهر بشعره وذكائه.
• شهِد الكثير من المعارك والمواقع في زمن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد ولّاه إمارة البصرة في عهده.
• أوّل من ضبط الأحرف بالقرآن الكريم، و وضع طريقة فريدة لضبط حروف القرآن بألوانٍ وحركاتٍ خاصّة بالقرآن الكريم.
• له رواياتٍ عديدة لصحابةٍ كثر منهم: عمر بن الخطاب وعليّ بن أبي طالب وأبو ذر الغفاري وأبو موسى الأشعري والزبير بن العوام ….وغيرهم.
• كان معلماً تتلمذ على يده الكثير من الاشخاص كعطاء وعنبسة بن معدان الفيل المهري وميمون بن الأقرن وغيرهم، وكان شاعرًا، له العديد من الدواوين والقصائد، وقد عرف عند العلماء بذكائه وفطنته، وشارك بالعديد من النشاطات الدينية والسياسية والاجتماعيّة.

شاهد أيضًا: كم عدد سور القران الكريم وعدد السور المدنية والمكية

أهمية اللغة العربية في فهم القرآن

اللغة العربية هي رمز وعزة وأداة تواصل وطريقة تفكير وهي لغة شعائر وعبادات ولغة كتاب منزّل، وقد كرّم الله سبحانه وتعالى هذه اللغة واختارها لتكون لغة كتابه العظيم و تنزل القرآن من عند الله باللغة العربية، {إنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.[5] هذا دليل على أهميتها في فهم كتابه العزيز، العربية هي جزء لا يتجزأ الدين الإسلامي، ولا تصح قراءة القرآن إلا بها ، قال الله تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ}.[6] وهي أفضل وسيلة لفهم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وواجب على كل مسلم تعلم اساسيات هذه اللغة ليتمكن من فهم معاني القرآن الكريم والتمعن بها  و تشكل صلة الوصل والرابط الوثيق الذي يجمع بين المسلمين في كافة بقاع الأرض، أي لا بدّ من تعلمها ليصبح لدينا القدرة على تفسير القرآن الكريم والسنة الشريفة لمعرفة مراد الله ورسوله.[7]

شاهد أيضًا: ترتيب سور القرآن الكريم بحسب المصحف

قصة تنقيط الحروف

تكفّل الله تعالى بحفظ القرآن الكريم من التزوير والتحريف، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون}،[8] حيث هيّأ الله تعالى لذلك الأسباب والأشخاص، ففي عهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-إذا نزلت عليه آية يأمر أحد الصحابة فيحفظها ويكتبها في موضع وسورة معينين، وفي ذلك العهد لم يكن يوجد نقاط ولا أشكال للحروف، حتى تفشّى اللحن في اللغة العربية فيما بعد و كثرت الأخطاء، وكان ذلك في زمن الخليفة الراشديّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان في عهده ولي البصرة أبو الأسود الدؤلي المعروف ب ملك النحو الذي أنقذ اللغة العربية من الخطأ والضياع، فوضع أسس النحو وقواعده ووضع النقاط في المصحف، فمثلًا وضع النقطة أمام الحرف لتدلّ على الضمّة وكذلك فوق الحرف لتدلّ على الفتحة، وتحته للكسرة، حتى جاء أبو أحمد الفراهيدي الذي وضع النقاط على الحروف وعدّل على ضبط أبو الأسود الدؤليّ، فوضع التشكيل الفتحة والكسرة والضمّة كما نعرفها الآن.[9]

شاهد أيضًا: كم مره ورد فيها ذكر بني اسرائيل في القران الكريم

جمع القرآن بعد وفاة النبي

كان الصحابة رضي الله عنهم يتنافسون في حفظ القرآن الكريم وفهم معانيه، خلال حياة النبي صلى الله عليه وسلم كان القرآن محفوظ في الصدور، فقد اتخذ رسول الله كتّاب للوحي من أفضل الصحابة، كعلي بن أبي طالب ، ومعاوية بن أبي سفيان ،وزيد بن ثابت ، وأبّي بن كعب، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن رواحة، كانت عندما تنزل الآيات يأمرهم أن يكتبوها ويحفظونها بمواضع معينة في السور، حيث كانوا يكتبونها على العسب، وهي أغصان النخيل، وعلى الأحجار البيضاء ، وعلى اللخاف، وفي صدور الرجال،  وكان الرسول يحثهم على تعلمه  وتعليمه وحفظه.

الجمع الأول للقرآن

حدث في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد وفاة الرسول وانتقال خلافة الدولة إلى ابو بكر الصديق، واجه أبا بكر أحداث ارتداد العرب، فجهز الجيوش لحروب المرتدين، وكانت هذه الجيوش تضم عددًا كبيرًا من الصحابة الذين يحفظون القرآن، فاستشهد في هذه الغزوة حوالي سبعون صحابي، بعدها أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر رضي الله عنهما بكتابة القرآن وجمعه في كتاب واحد خوفا عليه من الضياع، وأمر زيد بن ثابت بجمع القرآن فجمعه زيد بطريقة محكمة دقيقة وبالغ في الدقة والإحكام بما يليق كلام الله سبحانه وتعالى واعتمد في ذلك على ما كان مكتوبًا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، واشترط على وجود شاهدين يشهدان على أن هذه الآيات كُتبت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعتمد أيضًا على ما كان محفوظًا في صدور الصحابة رضي الله عنهم،  ولم يكتف بما كتبه وحفظه بنفسه، بل جعل يبحث على ما كان عند غيره من الحفظة والقراء، وجمع بين المكتوب والمحفوظ زيادة في الدقة والحذر والحيطة.

الجمع الثاني للقرآن

حدث في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان جمع متناسق ومتناسب في الحجم، ومرتب في الآيات والسور، بطريقة لما يعرف لها التاريخ مثيل من حيث الدقة والضبط والإتقان، ووضع المصحف في بيت أبي بكر، فلما توفي نُقل إلى بيت عمر بن الخطاب، ولما مات انتقل إلى بيت حفصة أم المؤمنين، فلما كانت خلافة عثمان بن عفان أخذ المصحف ليجعل منه نسخ، أمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، بكتابة سبعة نسخ للقرآن الكريم وإرسالها إلى مكة المكرمة، والشام، والبصرة، والكوفة، واليمن، والبحرين، وأبقى نسخة في المدينة المنورة، وبعث قارئًا مع كل نسخة، ليعلم الناس القرآن الكريم، وهكذا يكون الجمع الثالث للقرآن الكريم وتم استنساخ ملايين النسخ للمصحف الذي كُتب في عهد عثمان بن عفان.[10]

شاهد أيضًا: كم عدد آيات القرآن الكريم وحروفه وعدد أحزابه

وها قد وصلنا إلى ختام هذا المقال من اول من ضبط الاحرف بالقران الكريم الذي ناقش عدّة أفكار، فعرف بالقرآن الكريم ولغته ومن اول من ضبط الاحرف بالقران الكريم، و ماهي اعمال أبو الأسود الدؤلي، وكذلك بيّن أهمية اللغة العربية في فهم القرآن وقصة تنقيط الحروف، وجمع القرآن الكريم بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.