هل صيام العشر من ذي الحجة سنة مؤكدة

هل صيام العشر من ذي الحجة سنة مؤكدة في الشريعة الإسلامية خاصة وأن تلك الأيام قد أوصى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واختصها بالعمل الصالح، واصطفاها الله -تبارك وتعالى- وأقسم بلياليها، والصوم هو عبادة من العبادات وعمل من الأعمال الصالحة لذلك، فإن موقع المرجع يهتم بذكر حكم صيام تلك الأيام بالاستناد إلى آراء العلماء والنظر في بطون كتب الحديث والفقه، وتفصيل ذلك كله في هذا المقال.

صيام العشر الأوائل من ذي الحجة

لقد اختص الله -تبارك وتعالى- العشر الأوائل من ذي الحجة بفضل عظيم حيث اصطفاها على غيرها من الأيام والعمل الصالح يكون ثوابه فيها مضاعفًا بإذن الله، حتى إن الله تعالى قد فضل العمل فيها على الجهاد كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أن يخرج المجاهد بماله ونفسه فلا يرجع بشيء، وقد ورد صيام تلك الأيام عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما ذكرت حفصة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم.[1]

اقرأ أيضًا: اعمال عشر ذي الحجه لغير الحاج

هل صيام العشر من ذي الحجة سنة مؤكدة

إن صيام العشر من ذي الحجة هو سنّة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكنها ليست سنة مؤكدة، ولذلك فإنّ العلماء يستحبّون صيامها استنادًا على حديث حفصة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرت عائشة -رضي الله عنها- أنها لم ترَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صائمًا في تلك الأيام قط، وهذا يدل على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصومها مرات، ويفطرها مرات أخرى، وقد قال العلماء في توضيح قول عائشة رضي الله عنها: “المراد أنه لم يصمها لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، وعدم رؤيتها له صائمًا لا يستلزم العدم؛ لأن الصوم قد لا يظهر أمره، ثم إن الصيام من جملة الأعمال الصالحات التي يتقرب بها إلى الله في هذه العشر التي ما من أيام أحب إلى الله العمل فيهن منها”، والله أعلم بذلك.[2]

اقرأ أيضًا: هل يجوز صيام يوم واحد من عشر ذي الحجة

هل صيام عشر ذي الحجة بدعة

وردت على بعض الألسنة مقولة مفادها أن صيام عشر ذي الحجة بدعة، وقد رد ابن باز -رحمه الله وغفر له- على ذلك بقوله إن مدعي صوم تلك الأيام مبتدع هو جاهل، وليس ذلك بصحيح إذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صام تلك الأيام، وشهدت بذلك حفصة -رضي الله عنها- وأرضاها، وقد حث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على العمل الصالح في تلك الأيام، والصوم هو عبادة من العبادات، والله في ذلك جميعه هو أعلى وأعلم.[3]

اقرأ أيضًا: فضل كل يوم من عشر ذي الحجة

هل يشترط صيام أيام العشر من ذي الحجة كاملة

لا يشترط صيام أيام العشر من ذي الحجة كاملة، حتى يحصل المسلم على أجر الثواب، بل يمكنه صوم بعض تلك الأيام، وترك بعضها الآخر وله ثواب الأيام التي صامها، وقد روي عن ابن عباس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه، وماله ولم يرجع من ذلك بشيء”، والله أعلم.[4]

اقرأ أيضًا: الحكمة من صيام عشر ذي الحجة

حكم الإفطار في صيام عشر ذي الحجة

إن حكم الإفطار في صيام عشر ذي الحجة جائز؛ حيث إن صوم تلك الأيام هو سنة، وليس فرضًا ويمكن للمسلم أن يصوم بعضًا من تلك الأيام، ويفطر في بعضها الآخر؛ حيث إنها ليست فرضًا، ولا يلزم المسلم صوم تلك الأيام، وكل ما هو سنة، فإنه يكون من باب الاستحباب، وليس من باب الإلزام، وبكن حري بالمسلم أن يصوم تبك الأيام طمعًا بمغفرة من الله تعالى ورحمة، حيث فضل الله -تبارك وتعالى- ذلك الوقت على غيره.[4]

اقرأ أيضًا: أيهما أفضل في عشر ذي الحجة التكبير أم قراءة القرآن

أسباب صيام العشر الأوائل من ذي الحجة

وردت في مسألة صيام العشر الأوائل من ذي الحجة بعض من أقوال العامة والأحاديث الضعيفة التي تحكي أن في كل يوم من الأيام تلك حدثت مناسبة؛ ولذلك فإن تلك الأيام مفضلة، ومن تلك الأحاديث حديث مروي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول فيه: “أَوَّلُ رَحْمَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى الْأَرْضِ فِي تِسْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَدْلَ صِيَامِهِ سِتِّينَ سَنَةً، وَوُلِدَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أول مَنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَعْطَاهُ اللهُ ثَوَابَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَنْزَلَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- زَبُورَ دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي سَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ تَابَ عَلَيْهِ كَمَا تَابَ عَلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَشَفَ اللهُ الضُّرَّ عَنْ أَيُّوبَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي تِسْعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَدْلَ صِيَامِهِ السَّنَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا، وَالسَّنَةُ الْمُسْتَقْبَلَةْ، وَاسْتَجَابَ اللهُ زَكَرِيَّا -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ اسْتَجَابَ اللهُ لَهُ دُعَاءَهُ كَمَا اسْتَجَابَ لِزَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ”، وقد ضعف جمع من العلماء هذت الحديث؛ وبذلك يتبين أنه لا يوجد أسباب لصيام تلك الأيام، بل الله فضلها وهو خالق الأيام كلها يخلق ما يشاء ويختار.[5]

اقرأ أيضًا: هل صام النبي العشر الأوائل من ذي الحجة

فضل صيام عشر ذي الحجة

إن فضل صيام عشر ذي الحجة عظيم عند الله تبارك وتعالى؛ إذ إنّ الصوم هو العبادة التي يثيب الله -تعالى- عليها ما شاء له أن يثيب، وقد فضل الله -تعالى- تلك الأيام على غيرها، وفي ذلك يقول الإمام ابن حجر: “والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتّى ذلك في غيره”، وقد شهدت بعض من أمهات المؤمنين بصوم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك الأيام، وحري بالمسلم اتباع سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- في ذلك.[6]

وبذلك نكون قد أنهينا حديثنا عن هل صيام العشر من ذي الحجة سنة مؤكدة في الشريعة الإسلامية وما هي الأسباب التي جعلت من تلك الأيام مفضلة على غيرها على قول بعض أهل العلم، وما فضل أيام ذي الحجة والعمل الصالح فيها كما ورد في الكتب الإسلامية وأقوال العلماء وأهل السلف.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *