من هو الصحابي الملقب بأبي المساكين
جدول المحتويات
من هو الصحابي الملقب بأبي المساكين ومن الذي أطلق عليه هذا الاسم، ذلك الصحابي الذي قدّم للإسلام خدمات عظيمة جليلة سبق بها أقرانه من الصحابة حتى استحقّ مديح رسول الله صلى الله عليه وسلم، في هذا المقال يقف موقع المرجع مع بيان هوية ذلك الصحابي والحديث على شخصيته وخدماته للإسلام وموقفه يوم هجرة الحبشة وفي الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الصحابة
إنّ الصحابة اسم لمن رافق النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته، والاسم مشتقّ من الصحبة كما أجمع على ذلك أهل اللغة، وأدق التعريفات لذلك ما ذكره الإمام ابن حجر العسقلاني -رضي الله عنه- إذ قال: “وأصحّ ما وقفت عليه من ذلك أنّ الصحابيّ: من لقي النبيّ صلّى الله عليه وسلم مؤمنًا به، ومات على الإسلام، فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يروِ، ومن غزا معه أو لم يغزُ، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى”.[1]
ثمّ يفصّل الإمام ابن حجر في تعريفه فيقول: “ويخرج بقيد «الإيمان» من لقيه كافرًا ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى، وقولنا: «به» يخرج من لقيه مؤمنًا بغيره، كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة، وهل يدخل من لقيه منهم وآمن بأنه سيبعث أو لا يدخل؟ محلّ احتمال، ومن هؤلاء بحيرا الراهب ونظراؤه، ويدخل في قولنا: «مؤمنًا به» كلّ مكلف من الجن والإنس، فحينئذ يتعيّن ذكر من حفظ ذكره من الجن الذين آمنوا به بالشرط المذكور”.[1]
شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي تعلم لغة اليهود في 15 يوم
من هو الصحابي الملقب بأبي المساكين
إنّ الصحابي الجليل الملقب بأبي المساكين هو جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- ابن عم النبي -صلى الله عليه وسلم- وشقيق علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، لقّبه النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا اللقب لأنّه كان يلازم المساكين كما روى الحافظ ابن حجر في الإصابة،[2] ويؤيّد هذا القول ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- في صحيح البخاري إذ يقول: “إنِّي كُنْتُ ألْزَمُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بشِبَعِ بَطْنِي حتَّى لا آكُلُ الخَمِيرَ ولَا ألْبَسُ الحَبِيرَ، ولَا يَخْدُمُنِي فُلَانٌ ولَا فُلَانَةُ، وكُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِي بالحَصْبَاءِ مِنَ الجُوعِ، وإنْ كُنْتُ لَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الآيَةَ، هي مَعِي؛ كَيْ يَنْقَلِبَ بي فيُطْعِمَنِي، وكانَ أخْيَرَ النَّاسِ لِلْمِسْكِينِ جَعْفَرُ بنُ أبِي طَالِبٍ؛ كانَ يَنْقَلِبُ بنَا فيُطْعِمُنَا ما كانَ في بَيْتِهِ، حتَّى إنْ كانَ لَيُخْرِجُ إلَيْنَا العُكَّةَ الَّتي ليسَ فِيهَا شَيءٌ، فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ ما فِيهَا”.[3]
شاهد أيضًا: اول مولود في الاسلام من الانصار بعد الهجرة هو
من هو جعفر بن أبي طالب الملقب بأبي المساكين
هو جعفر بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، أبو عبد الله ابن عم النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، كان من السابقين إلى الإسلام، وهو شقيق علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، قيل إنّه أسلم بعد خمسة وعشرين رجلًا وقيل بعد واحد وثلاثين، ويوم الهجرة آخى النبي -صلى الله عليه وسلّم- بينه وبين معاذ بن جبل رضي الله عنهما، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلّم: “أشْبَهْتَ خَلْقِي وخُلُقِي”،[4] وقال عنه أبوهريرة رضي الله عنه: “ما احتذى النِّعالَ، ولا انتعلَ، ولا ركبَ المَطايا، ولا ركبَ الكُورَ بعد رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أفضلُ من جعفرَ”.[5][6]
شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي ذكر في القرآن
لقب الصحابي جعفر بن أبي طالب
لقد عرف الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- بأكثر من لقب، منها لقب أبو المساكين، ولكن هنالك لقب غلب عليه بعد استشهاده وهو لقب “الطيّار” أو “ذو الجناحين”، وذلك أنّه لمّا استُشهد في غزوة مؤتة فإنّ الروم الكافرين قد قطعوا له يديه، فعوّضه الله -تعالى- بدل يديه جناحين في الجنة يطير بهما مع الملائكة، في الحديث الشريف يقول صلى الله عليه وسلم: “رأيتُ جعفرَ بنَ أبي طالبٍ ملكًا يطيرُ في الجنَّةِ ذا جناحين يطيرُ بهما حيث شاءَ مضرَّجةٌ قوادِمُه بالدماءِ”،[7] وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا سلّم على ابن جعفر بن أبي طالب قال له: “السَّلَامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ ذِي الجَنَاحَيْنِ”،[8] والله أعلم.
شاهد أيضًا: من هو الصحابي الملقب بأسد الله
إسلام جعفر وهجرته إلى الحبشة
كان جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- من السابقين إلى الإسلام، وقد كان من النفر الذين هاجروا إلى الحبشة وكانت معه زوجته أسماء بنت عميس، فأرسلت قريش تطلب المهاجرين، وكان سفير قريش عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، وقد قدموا رشوة إلى بطارقة النجاشي ليعينوهما في الرأي عند النجاشي، فرفض النجاشي تسليم المهاجرين ودعاهم إلى مجلسه ليسألهم عن دينهم الجديد وسبب هروبهم من مكة، فكان الذي تكلّم من المسلمين جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.[9]
فقال جعفر: “أيها الملك كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسبي الجوار يأكل القوى منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله تعالى لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمر بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدم، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً، وأمر بالصلاة والزكاة والصيام”.[9]
فما زال يعدد عليه أمور الإسلام حتى قال: “فعدا علينا قومنا فعذبونا ففتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، ولما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك”، فسأله النجاشي عمّا إذا كان يحفظ شيئًا مما جاء به الوحي، يعني من القرآن، فقرأ عليه ما تيسّر من سورة مريم، فبكى النجاشي وبطارقته حتى اخضلّت لحاهم، فأمّنهم على أنفسهم في أرضه، وفي اليوم التالي قال عمرو بن العاص للنجاشي إنّهم يقولون في عيسى ابن مريم قولًا لا ترضاه، فأرسل يسألهم فقالوا له إنّ عيسى عبد الله وسوله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول، وهنا قال لهم النجاشي: “اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي، من سبكم غرم ثم من سبكم غرم ثم من سبكم غرم، فما أحب أن لي دير ذهب وأني آذيت رجلاً منكم”، والدير بلسان الحبشة الجبل، والسيوم الآمنون.[9]
شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي روى عنه النبي
جعفر بن أبي طالب وغزوة مؤتة واستشهاده
كان جعفر بن أبي طالب من الصحابة الذين خرجوا إلى غزوة مؤتة قريبًا من أرض الشام، وكان من الأمراء الذين أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يحملوا راية المسلمين، فأوصى بالراية أولًا لزيد بن حارثة، فإذا استُشهد فالراية لجعفر، فعندما استُشهد زيد تسلّم الراية جعفر رضي الله عنهما، فتقدّم يقاتل حتى استُشهد، فقالوا إنّه حين تسلّم الراية كان على فرس شقراء، فنزل عنها وعقرها وتقدّم يقاتل مقبلًا غير مدبر وهو يقول:[10]
يـا حبذا الجنة واقترابها
طيّبةٌ وباردٌ شرابُهاوالرومُ رومٌ قد دنا عذابُها
عليّ إن لاقيتها ضرابها
فتقدّم يقاتل حاملً الراية فضربوه على يده اليمنى فقطعوها، فأخذ الراية باليسار فقطعوها، فأخذها بعضديه حتى قُتل شهيدًا رضي الله عنه.[10]
شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي كلمه الله بدون حجاب
فضل جعفر بن أبي طالب
كان جعفر بن أبي طالب من الصحابة الأجلّاء ومن السابقين إلى الإسلام، مدحه النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة، كان من الأمراء الذين خرجوا إلى مؤتة للقاء الروم، فاستشهد وهو يدافع عن الإسلام، وهو ابن عم النبي -صلى الله عليه وسلّم- وكان أشبه الناس بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بالخَلق والخُلق، وقد مدحه غير واحد من الصحابة مثل أبي هريرة رضي الله عنه في الحديث آنف الذّكر، والله أعلم.[11]
شاهد أيضًا: من هو المهدي المنتظر ومن أين يخرج
مقالات مقترحة
نرشح لك المزيد من مقالات الصحابة:
وإلى هنا يكون قد تم مقال من هو الصحابي الملقب بأبي المساكين بعد أن تعرّفنا فيه على ذلك الصحابي الجليل، ووقفنا مع نسبه وحياته وهجرته إلى الحبشة وموقفه مع النجاشي وأخيرًا مررنا على استشهاده يوم مؤتة وفضله رضي الله عنه وأرضاه.
المراجع
- al-maktaba.org , الإصابة في تمييز الصحابة , 2023-04-30
- al-maktaba.org , الإصابة في تمييز الصحابة , 2023-04-30
- صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، الرقم: 3708، حديث صحيح.
- صحيح البخاري , البخاري، البراء بن عازب، الرقم: 2699، حديث صحيح.
- سنن الترمذي , الترمذي، عكرمة مولى ابن عباس، الرقم: 3764، حديث حسن صحيح غريب.
- al-maktaba.org , الإصابة في تمييز الصحابة , 2023-04-30
- المتجر الرابح , الدمياطي، عبد الله بن عباس، الرقم: 184، حديث إسناده حسن.
- صحيح البخاري , البخاري، الشعبي عامر بن شراحيل، الرقم: 4264، حديث صحيح.
- dorar.net , سابعا: هجرة جعفر للحبشة وموقفه القوي مع النجاشي وشجاعته في الحق رضي الله عنه , 2023-04-30
- islamweb.net , جعفر الطيار.. بطولة نادرة , 2023-04-30
- al-eman.com , اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان , 2023-04-30
التعليقات