من هو الصحابي الذي لقب بأرطبون العرب

من هو الصحابي الذي لقب بأرطبون العرب سؤالٌ من الأسئلة التي تمرّ على كلّ مسلمٍ مهتمٍّ بسيرة أصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وكلّ باحثٍ عن تاريخهم الحافل بالمواقف المشرّفة والبطولات العظيمة في نشر الدّين الإسلامي، فقد كان الصّحابة الكرام -رضوان الله عليهم- يبذلون الغالي والنفيس في سبيل الدّعوة، ولا يبخلون بما وهبهم الله من الحكمة أو القوة أو الشجاعة، وقد اشتهر كلّ صحابيّ بلقبٍ أو اسمٍ خاصٍّ به، وفي هذا المقال يهتمّ موقع المرجع بالإجابة عن سؤال من هو الصّحابي الذي لقّب بأرطبّون العرب.

ماذا يقصد بلقب أرطبون

قبل الخوض في من هو الصحابي الذي لقب بأرطبون العرب لا بدّ من معرفة ماذا يقصد بلقب أرطبون، فأرطبون كلمةٌ أعجميّة وليست عربيّة، ولا معنى لها في اللغة العربيّة، وتعني في لغة العجم القاضي، وهي تحمل معنى الدّهاء والذّكاء والفطنة،  والتي يجب أن يتميّز بها القاضي ليجيد التّمييز في الحكم بين القضايا، والأرطبّون اسمٌ يُطلق على أحد القادة من قادات الرّوم قديماً، وتحمل كلمة أرطبّون العديد من المعاني، وقد ورد عن أهل العلم أنّه لا ينبغي للمسلم أن يتسمّى بهذه التّسمية، ولو أنّها قد أُطلقت على أحد الصّحابة فهذا الإسم قد أطلق عليه من باب النّدّ والمقابلة للأعداء فقط وهذا الظّاهر في القول عند أهل العلم والله أعلم.[1]

من هو الصحابي الذي لقب بأرطبون العرب

إنّ الصحابي الذي لقب بأرطبون العرب هو الصّحابي الجليل عمرو بن العاص، حيث أنّ االخليفة أبو بكر الصّديق كان قد عقد أربعة ألويةٍ لأربعة من القادة لتحرير بلاد الشّام ونشر الإسلام فيها، وقد كان على رأس أحد تلك  الألوية عمرو بن العاص، الذي قد أرسله لتحرير فلسطين، وقد كان القائد الرّومي عليها يُدعى أرتيون، وأسماه العرب أرطبون، وقد كان هذا القائد الرّوماني من القادة المشهورين بالكفاءة والجرأة، وكان قد حشد الحشود لمواجهة المسلمين، فتخوّف عمرو بن العاص من حشوده الكبيرة، وكان قد أصبح عمر ابن الخطّاب أميراً لمؤمنين بعد وفاة أبو بكر، فكتب إليه عمرو بن العاص ليستشيره في أمر هذه الحشود وما يجب عليه فعله، فأجابه أمير المؤمنين بجوابٍ حكيم، قائلاً لقد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب، وبذلك رفع معنويّات عمرو بن العاص الذي بدأ المعركة بقوىً غير متكافئة مع الرّوم ولكنّه استطاع أن يهزمهم هزيمةً نكراء، فقد كان عمرو بن العاص الصحابي الذي لقب بأرطبون العرب.

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الملقب بأبي المساكين

من هو الصحابي الجليل عمرو بن العاص

بعد أن تمّ التّعرف على من هو الصحابي الذيي لقب بأرطبون العرب سيتمّ التّعرف عليه أكثر والإجابة على من هو الصحابي الجليل عمرو بن العاص، فهو يكنّى بأبا عبد الله عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم من بني سهم، قرشيٌّ مكيّ، وكان قومه بنو سهم من أصحاب المكانة المرموقة في الجاهلية وفي الإسلام، وكانوا أصحاب سمعةٍ حسنة يختصم النّاس إليهم في خصوماتهم، العاص بن وائل كان تاجراً ذا مالٍ وغنى، وسيّداً من سادات قريش، كان قاضياً في الجاهليّة، وكانت أم عمرو سلمى ابنة حرملة تُلقّب بالنّابغة، نشأ عمرو بن العاص في بيئةٍ مترفة غنيّة، وقد نال فصاحةً في اللسان، وقوّةً في الحجّة وثباتاً بالجنان، وقد وهبه الله القوّة في البنية وتعلّم الفروسيّة والقتال بالسّيف، عمل بالتّجارة باكراً فاكتسب سعة الأفق ومعرفة النّاس، وكان ذلك سبباً لتختاره قريش ليكون رسولها للحبشة لينظر مع النّجاشيّ أمر المسلمين الذين هاجروا إليه، وقد كان سفره لبلاد الشّام ومصر كثيرً قبل الإسلام.[2]

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي ذكر في القرآن

إسلام عمرو بن العاص

كان عمرو بن العاص -رضي الله عنه- من فرسان قريش وشجعانهم وذوي رأيهم، وقد استعملته قريش قبل إسلامه ليكون رسولاً لها إلى النّجاشي في الحبشة، لينظر في أمر المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة هرباً من بطش المشركين، وبعد صلح الحديبية قبل فتح مكّة أسلم عمرو بن العاص ومعه خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، الذي أسلم بإسلامهم الكثير من النّاس وقويت بهم شوكة المسلمين، وقد روى عمرو بن العاص قصّة إسلامه فيقول، أنّه بعد انصرافهم من الخندق جمع بعضاً من رجال قريشن وأخبرهم أن أمر محمّد سيكبر وأنّ محمّداً سيعلو علوّاً كبيراً، واقترح عليهم أن يسافروا إلى الحبشة ويحتموا بالنّجاشي، فإن هزم المسلمون قريش نجا هو ومن سافر معه، وإن هزمت قريش فهم من قريش ولن يصيبهم منها إلا خيراً فوافقوا، وانطلقوا إلى الحبشة، فإذا بهم يجدوا عنده مبعوث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فخطرت ببال عمرو بن العاص فكرةً، وقد استغل صداقته مع النّجاشي، فأخبر أصحابه أنّه سيطلب منه أن يُسلمه مبعوث رسول الله فيقطع عنقه، فدخل على النّجاشي وقدّم طلبه، فغضب منه النّجاشي غضباً شديداً، وأنكر عليه مسألته، وقال له أتسألني أن أعطيك رسول رجلٍ سأتي عليه النّاموس الأكبر الذي كان يأتي موسة لتقتله، وكان يقصد الوحي، فتعجّب عمرو بن العاص وقال أهو كذلك، فقال له النّجاشي أطعني واتّبعه فإنّه والله على حقّ وإنّه ليظهرنّ على من خالفه، فبايعه عمرو بن العاص على الإسلام، ثمّ توجّه إلى النّبيّ -صلى الله عليه وسلّم- ليعلن إسلامه، فلقي في طريقه خالد بن الوليد وقد أراد أن يُعلن إسلامه، فقدما فبايعا رسول الله على الإسلام، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أسلمَ الناسُ وآمن عَمرو بنُ العاصِ”.[3] وقد كان من خيرة صحابة رسول الله بعد إسلامه.[4]

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الملقب بأسد الله

أول مهمة لعمرو بن العاص في الإسلام

بعد إسلام عمرو بن العاص الذي كان هو المقصود بالسؤال من هو الصحابي الذي لقب بأرطبون العرب كان النّبيّ -صلى الله عليه وسلّم- يقرّبه منه ويدنيه، وقد أدرك عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أنّ الصّحابة السّابقين له في الإسلام قد سبقوه في الفضل، وأدرك أن رسول الله يقدّره ويقدّر قدراته، وأدرك أن عليه أن يبذل الجهد للّحاق بمن سبقوه، فكان له دوراً بارزاً في مسيرة الإسلام، كما كان له دورٌ بارزٌ في الجاهلية، فبعد شهرين من إسلامه وتركه الأوثان والجاهليّة، أوكل إليه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مهمّةً كبيرة وهي أن أرسله في إمرة جيش المسلمين في ذات السّلاسل، فقد أرسل إليه النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام يطلبه فقال: “خُذْ عليكَ ثيابَكَ ، وسلاحَكَ ، ثمَّ ائتِني . فأتيتُهُ وَهوَ يتوضَّأُ فصعَّدَ فيَّ النَّظَرِ ، ثمَّ طَأطأَهُ فقالَ : إنِّي أريدُ أن أَبعثَكَ على جَيشٍ فيسلِّمُكَ اللَّهُ ويغنِّمُكَ ، وأرغَبُ لَكَ منَ المالِ رَغبةً صالِحةً قال قُلتُ يا رسولَ اللَّهِ ، ما أسلَمتُ من أجلِ المالِ ، ولَكِنِّي أسلَمتُ رغبةً في الإسلامِ ، وأن أَكونَ معَ رسولِ اللَّهِ – صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ – . فقالَ : يا عَمرٍو ، نِعمَ المالِ الصَّالحِ للمرءِ الصَّالحِ”.[5] ثمّ ولّاه على عُمان، وسار بعدها إلى أكبر دولتين في العالم فارس والرّوم وهو من فتح مصر وأدخلها الإسلام.[4]

لماذا سمّي عمرو بن العاص بداهية العرب

سمّي عمرو بن العاص بداهية العرب لما اشتهر به من الدّهاء وحدّة القلب وسعة الفهم، وجودة الرّأي والبصيرة بالأمور والحيل، ولُقّب بداهية العرب لجودة رأيه، وكثرة حيله، وقد كان أحد أكثر الدّهاة في أمور الدنيا، وقد اكتسب عمرو بن العاص الشّهرة الكبيرة  بين قادة المسلمين، حتّى وُصف بأنّه أسطورة، وقد كان بارعاً في تدبير الأمور والقتال وابتكار الحيل في المعارك، فسمّي بأرطبون العرب وأطلق عليه اسم داهية العرب.[6]

مقالات مقترحة

نرشح لك المزيد من مقالات الصحابة:

من هو الصحابي الذي لقب بأرطبون العرب مقال تمّ فيه التّعريف بعمرو بن العاص داهية العرب، وتوضيح معنى لقب أرطبون والمقصود منه، وقصّ المقال حكاية إسلام عمرو بن العاص، وبيّن سبب تسميته بداهية العرب.