لماذا سورة التوبة بدون بسملة
جدول المحتويات
لماذا سورة التوبة بدون بسملة سؤال يخطر على بال كلّ مسلمٍ يقرأ القرآن ويتلوه، فسورة التّوبة من السّور المميّزة في القرآن الكريمن وقد مُيّزت بأن لا بسملة لها، كما مُيّزت بتعدّد أسمائها، فقد سميّت التّوبة لأنّ فيها توبةً على المسلمين، وسميّت براءة لأنها تتبرأ من المنافقين، وسمّيت الفاضحة والحافرة وغيرها من الأسماء الكثيرة، ولتلاوتها فضلٌ كبير كما لتلاوة باقي القرآن الكريم، لذلك سيقوم موقع المرجع بإخبارنا لماذا سورة التوبة بدون بسملة في هذا المقال، وسيبيّن فضل القرآن الكريم وفضل سورة التّوبة ويذكر أسباب نزولها والموضوعات التي تتحدّث عنها.
القرآن الكريم
قبل معرفة إجابة لماذا سورة التوبة بدون بسملة يجب معرفة فضل القرآن الكريم، فالقرآن الكريم هو كتابٌ أنزله الله -سبحانه وتعالى- على رسوله محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- أنزله هدايةً ورحمةً للنّاس جميعاً، والقرآن الكريم كتاب الله الخالد ومعجزته البالغة، فقد جعله الله -سبحانه وتعالى- باقٍ إلى ان تفنى الحياة، وقد كان مصدر التّشريع الأول الذي أنزل الله -عز وجلّ- فيه شريعته وأحكامه، ليتّخذه النّاس شرعةً ومنهجاً يسيرون فيه نحو الهدى، وقد كان معجزةً عجز النّاس عن الإتيان بآيةٍ مثله وقد ذكر الله ذلك في كتابه عندما قال تعالى: { قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}.[1]
وقد أنقذ به الله النّاس من الجاهليّة والضّلالة، وختم به الكتب والأديان، وجعله منهلاً ينهل منه أهل العلم، وجعل تلاوته عبادةً وآياته خشوعاً للمتّقين، فكان هو الهدى وبتلاوته تتنزّل الرّحمة، وقد لخّص ذلك حديث النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- الذي ضعّفه بعض العلماء والذي رواه علي ابن أبي طالب عن رسول الله أنّه قال: ” ستَكونُ فتنةٌ، قلتُ: فما المخرَجُ منها يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: كتابُ اللَّهِ، فيهِ نبأُ ما قبلَكُم، وخبرُ ما بعدَكُم، وحُكْمُ ما بينَكُم، هوَ بالفصلِ ليسَ بالهزلِ، مَن ترَكَهُ من جبَّارٍ قصمَهُ اللَّهُ، ومنِ ابتغى الهدَى في غيرِهِ أضلَّهُ اللَّهُ، وَهوَ حبلُ اللَّهِ المتينُ، وَهوَ الذِّكرُ الحَكيمُ، وَهوَ الصِّراطُ المستقيمُ، وهوَ الَّذي لا تزيغُ به الأَهْواءُ، ولا تلتِبسُ بِهِ الألسُنُ، ولا يخلَقُ على كثرةِ الردِّ، ولا تنقَضي عجائبُهُ، من قالَ بِهِ صدَقَ، ومن عملَ بِهِ أُجِرَ، ومن حَكَمَ بِهِ عدلَ، ومن دعا إليهِ هُدِيَ إلى صراطٍ مستقيمٍ”.[2] ففضل القرآن كبير وعظيم أجر تلاوته أكبر والله ورسوله أعلم.[3]
لماذا سورة التوبة بدون بسملة
إنّ سورة التوبة بدون بسملة قد ذُكِر في سبب ذلك روايتين، الأولى أنّ سورة التّوبة نزلت في نقض العهد الذي كان بين الرّسول -صلى الله عليه وسلّم- وبين المشركين، والرواية الثانية أنّها عندما نزلت ظنّ الصّحابة أنّها تتمّة لسورة الأنفال وليست سورةً مستقلة، ففي الرّواية الأولى قيل أنّ من شأن العرب قديماً إذا ما نقضوا عهداً أو نُقض عليهم عهداً بينهم وبين قومٍ آخرين، كتبوا إليهم كتاباً لم يبدأوا فيه بالبسملة، وقد كان أحد أسباب نزول سورة التّوبة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نقض المشركين العهد الذي كان بينهم وبين المسلمين، وعندما بعث بها النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- علي ابن أبي طالب -رضي الله عنه- إلى المشركين قرأ عليهم سورة التّوبة دون أن يبسمل على ما جرت به العادة، وقد قيل أنّ سبب ذلك أن بسم الله الرحمن الرّحيم أمانٌ واطمئنان، أمّا سورة التّوبة فقد نزلت بالسّيف وللقتال ولغدر المشركين.
أمّا الرواية الثّانية والتي قالت أنّ أمر سورة التّوبة اختلط على الصّحابة الكرام -رضوان الله عليهم- فلم يعرفوا هل كانت سورةً مستقلة أم أنّها كانت تتمّةً لسورة الأنفال، وقد ورد في الأثر الذي سأل فيه ابن عباس عثمان ابن عفّان عن أمرها عندما قال: ” قلتُ لعثمانَ بنِ عفَّانٍ : ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفالِ وهي من المثاني وإلى براءةَ وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطرَ بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ووضعتموها في السَّبعِ الطُّوَلِ ما حملكم على ذلك ؟ فقال عثمانُ : كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ممَّا يأتي عليه الزَّمانُ وهو ينزِلُ عليه السُّوَرُ ذواتُ العدَدِ فكان إذا نزل عليه الشَّيءُ دعا بعضَ من كان يكتُبُ فيقولُ : ضعوا هؤلاء الآياتِ في السُّورةِ الَّتي يُذكَرُ فيها كذا وكذا . وكانت الأنفالُ من أوَّلِ ما نزل بالمدينةِ وكانت براءةُ من آخرِ القرآنِ وكانت قصَّتُها شبيهةً بقصَّتِها وحسِبتُ أنَّها منها ، فقُبِض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولم يُبيِّنْ لنا أنَّها منها فمن أجلِ ذلك قرنتُ بينهما ولم أكتُبْ بينهما سطرَ بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ فوضعتُها في السَّبعِ الطُّوَلِ”.[4] وذلك كان السّبب الثّاني الذي ورد في أنّها بدون بسملة والله ورسوله أعلم.[5]
شاهد أيضًا: لماذا لم تذكر البسملة في سورة التوبة
حكم البسملة في سورة التوبة
بعد معرفة لماذا سورة التوبة بدون بسملة لابد من معرفة حكم البسملة في سورة التوبة، فالبسملة في أوائل السّور من آداب تلاوة القرآن الكريم التي على المسلم الالتزام بها، إلا في سورة التّوبة فإنّه قد أجمع أهل العلم على أنّه لا ينبغي للقارئ أن يبسمل في بداية سورة التّوبة بل يكتفي بالاستعاذة من الشّيطان الرّجيم، فإن قال بسم الله الرّحمن الرّحيم في أولّها فهذا جائزٌ ولا بأس فيه، لكنّ الأفضل أن يتعوّذ دون أن يأتي البسملة والله أعلم.[6]
شاهد أيضًا: هل البسملة آية من الفاتحة
فضل سورة التوبة
جعل الله القرآن الكريم هدايةً للنّاس أجمعين وجعل لهم فيه رحمةً وشفاء لما في الصّدور، وأكّد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على فضل قراءة القرآن وأهميّة تلاوته وما فيها من صلاحٍ في حياة المسلم في الحديث الذي رواه ابن مسعود حين قال: “ما أصاب أحدًا قط همٌّ و لا حزنٌ ، فقال : اللهمَّ إني عبدُك ، و ابنُ عبدِك ، و ابنُ أَمَتِك ، ناصيتي بيدِك ، ماضٍ فيَّ حكمُك ، عدلٌ فيَّ قضاؤُك ، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك ، أو أنزلتَه في كتابِك ، أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك ، أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ، و نورَ صدري ، و جلاءَ حزني ، و ذَهابَ همِّي ، إلا أذهبَ اللهُ همَّهُ و حزنَه ، و أبدلَه مكانَه فرجًا قال : فقيل : يا رسولَ اللهِ ألا نتعلَّمُها ؟ فقال بلى ، ينبغي لمن سمعَها أن يتعلَّمَها”.[7]
فالقرآن سببٌ لنور القلب والصّدر وجاء الحزن والهمّ، وكذلك سورة التّوبة فإنّ لها من الفضل ما لسائر القرآن من الفضل، وقد ورد في فضل تلاوة آخر آيتين من سورة التّوبة ما رواه أبو الدّرداء عن النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “مَن قال في كلِّ يومٍ حينَ يُصبِحُ وحينَ يُمْسي: حَسبيَ اللهُ لا إلهَ إلَّا هو، عليه تَوكَّلْتُ، وهو ربُّ العَرشِ العَظيمِ، سَبعَ مراتٍ، كَفاه اللهُ ما أهَمَّه من أمرِ الدُّنيا والآخِرةِ”.[8] فقد جل الله في تلاوتها سبباً لذهاب همّ الدّنيا والآخرة، ومن كفاه الله الهمّ فقد فاز بإذن الله، أمّ ما ذُكر أنّ من قرأها لم يمت في يومه وغير ذلك فهو غير صحيح ولم يرد فيه شيء.[9]
سبب نزول سورة التوبة
إنّ إحدى الإجابات على السؤال المطروح لماذا سورة التوبة بدون بسملة هي سبب من أسباب نزول هذه السّورة، فسبب نزولها كما ورد أنّ العرب أصبجت تنقض العهود التي أبرمتها مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فأمره الله -سبحانه وتعالى- بأن يلقي إيهم عهودهم، وبذلك نزلت سورة براءة في السّنة التّاسعة، وأمر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن يؤذّن بالنّاس من براءة ففعل وبلّغ العرب ما نزل فيهم وفي نقض عهودهم، وعندما قرأ لم يبسمل وذلك لما جرت العادة في مكاتب العرب عند نقض العهود والمواثيق.[10]
أسماء سورة التوبة
إنّ سورة التّوبة أو سورة براءة لها أسماء عديدة وكثيرة، وبعد بيان لماذا سورة التوبة بدون بسملة لا بدّ من ذكر هذه الأسماء لسورة التوبة، حيث روى أهل العلم أنّ أسماءها أربعة عشر اسماً وهي:[11]
- براءة: وهو الاسم الأشهر لها وهو اسمها في المصحف، وسبب تسميتها بهذا الاسم هو الكلمة التي بدأت بها وهي براءة، وقيل لأنها كانت براءة الله من المشركين.
- التوبة: وسبب تسميتها به أنّ الله تاب على المسلمين الذين تخلّفوا عن الخروج لغزوة تبوك.
- الفاضحة: سمّيت بهذا الاسم لأنها فضحت المنافقين وكشفتهم.
- العذاب: أسميت العذاب لأنّ فيها الوعيد للكافرين بالعذاب الأليم.
- المنقِّرة: لأنها نقّرت عمّا في قلوب المشركين ونقض عهدهم.
- المقشقشة: لأنّها تخلّص من النّفاق والشّرك لما فيها من الدّعاء للإخلاص.
- البَحوث: وهذا ممّا ورد.
- الحافرة: لأنّها حفرت قلوب المنافقين وأظهرت خفاياهم.
- المثيرة: لأنّها أثارت عورات المنافقين.
- المبعثرة: وكذلك لأنذها بعثرت أسرار المنافقين.
- المخزية: لأنّها كانت خزياً للكفّار والمنافقين.
- المشدّدة: لأنّها أمرت أن يتمّ التّشديد على أهل النّفاق والكفر.
- المدمدمة: لأنّها سببٌ لهلاك الكفّار والمنافقين.
مقاصد سورة التوبة
بعد الإجابة عن سؤال لماذا سورة التوبة بدون بسملة، ومعرفة فضلها وأسمائها لابدّ من الحديث عن مقاصد سورة التّوبة:[11]
- ابتدأت السّورة بإعلان التّبرئ من أعمال الكفّار والمنافقين، وأعلنت المفاصلة بين أهل الحقّ والباطل.
- عادت السّورة من أعرض عن اتّباع رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- ودعوته للتّوحيد.
- ذكّرت السّورة بالله سبحانه، فذكرت الكثير من أسمائه وصفاته.
- تقرير الكثير من أصول التّوحيد والعقيدة، بأن يتوكّل المؤمن على الله -سبحانه وتعالى- الذي يتولّى نصره وتوفيقه، ويؤمن به ويفوّض أمره إليه.
- بيّنت السّورة أنّ الإيمان الصّحيح يكون بكسب مرضاة الله ورسوله، فرضا الله من رضا الرّسول، ورضا الرّسول من رضا الله.
- قرّرت السّورة أن الإسلام هو دين الله ونوره في الأرض، والذي وعد الله بإتمامه وحفظه.
- بيّنت أنّ الصّلاة والزّكاة مدخلٌ للإسلام.
- أكّدت على أهميّة الجهاد في سبيل الله، لنصرة الدّين ونشره، وقتال من يحارب الإسلام ويقف في طريقه.
- أوضحت السّورة أنّ بذل الأموال في سبيل الله من الإيمان وقوام الدّين وبيّنت فوائد الزّكاة والصّدقة.
شاهد أيضًا: من هو أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ للقرآن الكريم فضلٌ كبير وأجرٌ عظيم لمن يقرأه ويتلوه وهو نورٌ وهدى في الدّنيا والآخرة، وكذلك سورة التّوبة فهي من السّور العظيمة في القرآن الكريم، التي فيها مقاصد ودلالات وعبر كثيرة، والتي قام هذا المقال بالإجابة عن الأمر الذي يميّزها عن باقي سور القرآن الكريم، وهو لماذا سورة التوبة بدون بسملة، وذكر المقال أسباب نزولها وفضلها، وعدّد أسماءها وختم بأهمّ مقاصدها والمواضيع التي تناولتها.
المراجع
- سورة الإسراء , الآية 88
- حقوق آل البيت , ابن تيمية/علي ابن أبي طالب/22/مشهور
- dorar.net , فضل القرآن , 21/06/2021
- فضائل القرآن , ابن كثير/عثمان ابن عفان/72/إسناده جيد قوي
- islamweb.net , سبب عدم البداءة في سورة التوبة بالبسملة , 21/06/2021
- islamqa.info , حكم قراءة البسملة اثناء سورة التوبة , 21/06/2021
- السلسلة الصحيحة , الألباني/ عبدالله بن مسعود/199/صحيح
- تخريج زاد المعاد , شعيب الأرناؤوط/أبو الدرداء/342/2/إسناده صحيح
- islamqa.info , لا يصح في فضل قراءة الآيتين من آخر سورة التوبة شيء . , 21/06/2021
- al-eman.com , فصل [في سبب نزول سورة التوبة] , 21/06/2021
- islamweb.net , مقاصد سورة التوبة , 21/06/2021
التعليقات