صحة حديث من صام يوم عرفة كمن تعبد سنتين

صحة حديث من صام يوم عرفة كمن تعبد سنتين فيوم عرفة من الأيام التي أقسم الله بها في كتابه الكريم، وقد شرفه الله وفضله بفضائل عظيمة، وخصه بالأجر الكبير والثواب العظيم عن كل أيام السنة، لذلك يهتم موقع المرجع في الحديث عن صحة حديث من صام يوم عرفة كمن تعبد سنتين، وعن ما هو الحديث الموضوع وحكم نقله، وعن فضائل يوم عرفة والأعمال المستحبة فيه.

صحة حديث من صام يوم عرفة كمن تعبد سنتين

إن حديث من صام يوم عرفة كمن تعبد سنتين هو حديث موضوع لا أصل له، ولا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا وجود له في كتب السنة، وهو جزء من حديث ينتشر بكثرة بين الناس وخصوصًا على وسائل التواصل الاجتماعية، وينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء فيه: “من صام يوم عرفة كمن تعبد سنتين، ومن أخبر الناس كمن تعبد 80 سنة”، وهذا الحديث موضوع، مكذوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلامات الوضع واضحة عليه وهو الأجر العظيم على العمل الهين ولا سيما في مسألة التبليغ لهذا الكلام، ولا يجوز تداوله ونشره بين الناس إلا لبيان عدم صحته، لكن صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عن صيام يوم عرفة أنه يكفر ذنوب سنتين سنة سابقة وسنة قادمة، فعن أبي قتادة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ”.[1]

شاهد أيضًا: صحة الحديث من صام 9 ذي الحجة كمن تعبد عامين

ما هي الأحاديث الموضوعة وما حكم نقلها

بعد أن تعرفنا على صحة حديث من صام يوم عرفة كمن تعبد سنتين، سنتعرف على الأحاديث الموضوعة وحكم نقلها، فالحديث الموضوع هو الحديث المختلق من قبل الناس، والمنسوب كذبًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويقسم إلى قسمين: قسم وقع على سبيل الخطأ لا عن قصد، وقسم تعمد أحد الرواة وضعه، وهؤلاء الرواة على أقسام  أيضًا: فمنهم من يضع الحديث لإفساد الدين، ومنهم من يضعه نصرة لمذهبه ورأيه، ومنهم من يضعه للتكسب، مثل حديث: “الهريسة تشد الظهر”، فإن واضعه محمد بن الحجاج النخعي الذي كان يبيع الهريسة، ومنهم من يضعه تقربًا للأمراء والسلاطين، ومنهم من يضعه زعمًا منه أنه يُرغب الناس في الدين.[2]
ولا يجوز نشر الأحاديث الموضوعة، ولا التحديث بها إلا لبيان أنها مكذوبة، ومن فعل ذلك متعمدًا فقد عرض نفسه لغضب الله وعقابه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ”،[3] وقال أيضًا: “من حَدَّث عنى بحديثٍ يُرى أنَّه كَذِبٌ، فهو أحَدُ الكاذِبِينَ”،[4] وقال الإمام النووي -رحمه الله- في شرح صحيح مسلم: “لا فرق في تحريم الكذب عليه -صلى الله عليه وسلم- بين ما كان في الأحكام وما لا حكم فيه كالترغيب والترهيب والمواعظ وغير ذلك، فكله حرام من أكبر الكبائر وأقبح القبائح بإجماع المسلمين الذين يعتد بهم في الإجماع، ويحرم رواية الحديث الموضوع على من عرف كونه موضوعًا أو غلب على ظنه وضعه، فمن روى حديثًا علم أو ظن وضعه ولم يبين حال روايته وضعه فهو داخل في هذا الوعيد، مندرج في جملة الكاذبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم”.[5]

شاهد أيضًا: أحاديث فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

فضل يوم عرفة

بعد أن تعرفنا على صحة حديث من صام يوم عرفة كمن تعبد سنتين، وعلى ما هي الأحاديث الموضوعة وحكم نقلها، سنتحدث عن فضل هذا اليوم العظيم، فيوم عرفة من أيام الله تعالى شرفه الله وفضله بفضائل كثيرة، نذكر منها:[6]

    • أنه أفضل الأيام: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما من يومٍ أفضلُ عند اللهِ من يومِ عرفةَ، ينزل اللهُ تبارك وتعالى إلى السماءِ الدنيا، فيباهى بأهل الأرضِ أهلَ السماءِ، فيقول: انظُروا إلى عبادي جاءوني شُعْثًا غُبْرًا ضاحين”.[7]
  • أنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، “أنَّ رَجُلًا، مِنَ اليَهُودِ قالَ له: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لو عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدًا، قالَ: أيُّ آيَةٍ؟ قالَ: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا}، قالَ عُمَرُ: قدْ عَرَفْنَا ذلكَ اليَومَ، والمَكانَ الذي نَزَلَتْ فيه علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو قَائِمٌ بعَرَفَةَ يَومَ جُمُعَةٍ.”.[8]
  • أنه يوم عيد: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “يومُ عرفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ عيدُنا أهلَ الإسلامِ وهي أيَّامُ أكلٍ وشربٍ”.[9]
  • أن صيامه يكفر سنتين: عن أبي قتادة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ”.[1]
  • أنه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار: عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟”،[10] قال ابن عبد البر وهو يدل على أنهم مغفور لهم لأنه لا يباهي بأهل الخطايا والذنوب إلا بعد التوبة والغفران.

شاهد أيضًا: هل الدعاء يوم عرفة مستجاب لغير الحاج

الأعمال المشروعة في يوم عرفة

وفي ختام الحديث عن صحة حديث من صام يوم عرفة كمن تعبد سنتين، سنذكر بعض الأعمال المشروعة في يوم عرفة، حيث يشرع في يوم عرفة بعض الأعمال التي سنها لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك:[6]

الصيام

فقد ورد أن صومه يكفر الله به السنة الماضية والباقية، والمراد بذلك تكفير صغائر الذنوب، فعن أبي قتادة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ”،[1] فيستحب صيامه لغير الحاج، أما الحاج فلا ينبغي أن يصومه حتى يتقوى على الوقوف وذكر الله تعالى.

شاهد أيضًا: فضل صيام يوم عرفة لغير الحاج

كثرة الذكر

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “خيرُ الدعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيونَ مِن قبلي لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ”.[11]

شاهد أيضًا: افضل الاعمال في العشر ذي الحجة

التكبير

وقد ورد بصيغ متعددة كلها يفي بالمطلوب منها: الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرًا،الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، والأمر في التكبير واسع كما قال أهل العلم والمطلوب إقامة ذكر الله في ذلك اليوم والإكثار منه.

شاهد أيضًا: فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة

الدعاء

فإن موقف عرفة من المواقف التي ينبغي للمسلم أن يعتني بالدعاء فيها بجد وإخلاص، فيدعو بالمأثور عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وبغيره، ومن الأدعية المأثورة:

  • اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
  • اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً كبيراً، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني رحمة أسعد بها في الدارين وتب علي توبة نصوحاً لا أنكثها أبداً وألزمني سبيل الاستقامة لا أزيغ عنها أبداً.
  • اللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة، واكفني بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عمن سواك، ونور قلبي وقبري، واغفر لي من الشر كله، واجمع لي الخير.
  • اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم يسرني لليسرى وجنبني العسرى، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، أستودعك مني ومن أحبابي والمسلمين أدياننا وأماناتنا وخواتيم أعمالنا، وأقوالنا وأبداننا وجميع ما أنعمت به علينا.

شاهد أيضًا: هل الدعاء يوم عرفة مستجاب لغير الحاج

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، الذي تحدثنا فيه عن صحة حديث من صام يوم عرفة كمن تعبد سنتين، وعن ما هو الحديث الموضوع وحكم نقله، وعن فضائل يوم عرفة والأعمال المستحبة فيه.

المراجع

  1. صحيح مسلم , مسلم، أبو قتادة الحارث بن ربعي، 1162، صحيح.
  2. alukah.net , شرح الحديث الموضوع , 29/05/2024
  3. صحيح البخاري , البخاري، المغيرة بن شعبة، 1291، صحيح.
  4. صحيح الترمذي , الألباني، المغيرة بن شعبة، 2662، صحيح.
  5. islamweb.net , التحذير من نشر ورواية الأحاديث الموضوعة , 29/05/2024
  6. islamweb.net , يوم عرفة .. فضائله وأعماله , 29/05/2024
  7. ضعيف الترغيب , الألباني، جابر بن عبد الله، 738، ضعيف
  8. صحيح البخاري , البخاري، عمر بن الخطاب، 45، صحيح.
  9. صحيح أبي داود , الألباني، عقبة بن عامر، 2419، صحيح.
  10. صحيح مسلم , مسلم، عائشة أم المؤمنين، 1348، صحيح.
  11. تخريج مشكاة المصابيح , الألباني، جد عمرو بن شعيب، 2531، حسن لغيره وهو مرسل صحيح الإسناد.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *